في حضن الخوف والحب
رمزي الفضلي
في خضم عائلة واحدة وفي قلب مجتمع واحد تتجلى أحياناً قصص تناقض غريبة قصة العم عبدوه علي الذماري واحدة...
اخيرا قرر المجتمع الدولي عبر مجلس الأمن بالتصويت بالاجماع على قراره الجديد 2451، التواجد والتدخل المادي المباشر في الحرب اليمنية، من خلال الاتفاقات والتفاهمات التي تمت في ستوكهولم بين جهتي الحرب الرئيسيتين،برعاية اممية، معلنا بذلك، تسجيل اول اختراق لحاجز الحرب ذات الطابع الإقليمي بمباشرة مراقبين عسكريين ومشرفين وغيرهم فيما بعد، مهمات عملهم في الحديدة المدينة والموانئ وبالتأكيد محيطهما القريب.
لقد وجد راس لهذه الحرب، ولو في نطاق جزئي من جغرافيتها الواسعة، هذا الرأس الأممي للحرب يسعى لتفكيك علاقاتها وتفتيت تداعياتها المتفاقمة، حتى يدفع بها الى التلاشي تدريجيا مع كل خطوة يتقدم فيها المسار السياسي التفاوضي وتطبيقاته على ارض الميدان، لقد حمل القرار ضغطا دوليا ملموسا اجبر معه المتحاربين على التجاوب، ولن نقول الرضوخ، لأن القرار شدد على المرجعيات الثلاث وعلى وحدة اليمن واستقراره، لتطمئن الشرعية إنها ستكون بخير في اي خطوات لاحقة، وأن الدعم لها مازال قائما في مستواه السياسي، في المقابل طمأن القرار في خطواته الاجرائية والتنفيذية الحوثيين بإنهم هم ايضا سيكونون بخير، في سياق اي خطوات لاحقة، حيث ستبقى ميناء الحديدة متنفسا لملايين البشر من حيث دخول المساعدات الانسانية اليهم ووقف الحرب حولها وفي المدينة، مع فض الاشتباكات واعادة انتشار القوات المتحاربة، ليس هذا فحسب، بل سيتم تبادل الأسرى والسجناء وكذلك وضع تفاهمات حول تعز، العصافير بدات تقع في اليد زمرا زمرا وليس واحدا بعد واحد.
الجدير بملاحظته هنا هو ان الأطراف المتحاربة لم تظهر سخطا او رفضا للقرار فبنية القرار قامت على مبدأ ان يربح الجميع من التفاوض (win to win) ولا يخرج فيهم احد خاسر، هذا كخطوة اولى، وصحيح ان بعضا من انصار هؤلاء او اولئك من المتشددين لم يعجبه القرار وقام برفضه، الا ان القيادة التي يناصرها لم تتجاوب معه، وهذا الأمر يساهم في اعادة الأوضاع الى نصابها السياسي بالتدريج، ومنذ مدة تأخذ القيادات زمام المبادرة قبولا او رضوخا للموقف الأممي، موجهة المزاج العام الى التعاطي معه، بدون ان تشعر بالحرج او بالخسارة، وهذا موقف ايجابي بسجل لصالح الطرفين، بعد ان اعياهما القتال المستمر منذ اكثر من ثلاث سنوات ونصف، لنتفائل ان الخطوات والمشاورات القادمة ستأخذ عمقا اكبر واتساعا، يساعد على عودة العملية السياسية في الطريق الى بناء السلام الشامل، الذي لم يكن حاضرا من قبل بمثل هذه القوة.
القرار الجديد يؤسس لتغيير السؤال إن لم يكن قد فرض سؤالا مختلفا كلية، من متى سانتصر؟ ولمصلحة من؟، إلى السؤال كيف يمكن ان أبني مع خصمي سلاما شاملا ودائما؟ لمصلحة المواطنين والبلد، تغيير مهم في السؤال وفي توجيهه للذات التي تصنع القرار، ويجب هنا ان لا تترك ثغرات يعبر منها المتبرمون من القرار او من الاتفاقات والتفاهمات.
المية تكذب الغطاس كما يقول المثل، ومجلس الأمن الدولي قد وضع اطراف الحرب على المحك بالاختبار المباشر لقدراتهم على وقفها، ومدى التزامهم بها، المسالة هنا لا تحتاج للتخوف او وضع العصي في الدواليب على اعتبار ان التطبيق سيفشل التأطير الجديد للمشكلة اي الحرب، المسالة هنا تستدعي قرار الشجعان والخوض فيه بالوصول الى الاقتناع بوقف الحرب، قرار الشجعان بضرورة اعادة الاعتبار للمواطن اليمني التواق للاستقرار والأمان، بعد سنوات الجعجعة والتشرد والتشرذم التي مر بها، تغيير اتجاه الفكرة والسؤال في آن واحد هو خانة الامتحان النهائي الفعلية التي ستظهر ايا من المتقاتلين سينجح وايهما سيفشل امام الضمير العالمي او إنهما سيقرران النجاح معا، مثلما خاضا الحرب في مواجهة بعضهما جارين كل الشعب اليها والى تحمل تداعياتها.