(تهامة) معشوقتي السمراء

المليحة السمراء "تهامة" ، البلاد التي أعشق وأحب ، لستُ من تهامة ولم أزرها قبل ، لكن حواسي الخمس وكل ما يجيش داخلي تهامياً وأنتمي اليها ، هذه المدينة المعجونة بالجمال ، الجغرافية التي ذكرتها النقوش الصخرية المكتوبة بالمسند اليمني . 
بلاد القلاع والحصون الأثرية والمدن التاريخية ، ك"زبيد" وبيت الفقيه ، حيس ، برع ، جبل رأس ، باجل ، التحيتا ، الزيدية ، 
في كل شبر منها ، تاريخ ومجد وحضارة ، أرض النقوش والمخطوطات ، التي ترجع الى عصور ما قبل التاريخ ، مسكن العلماء والأولياء ، أرض عنترة وقومه .
صحيح أعشق اليمن طولاً وعرض ، لكن "تهامة" هي يمنيتي الضاربة جذورها في أعمق أعماقي ، وأن تكون تهامياً ، فأنت يمنياً خالصاً ، فهي الأشعرية الكهلانية والسبئية القحطانية المذحجية !
أنا لا أحبها ك"أرض" وحسب ، أنا أعشق كل شيء فيها دون استثناء ، الإنسان والمكان ، حصيرها ، رملها ، خيامها ، فلها ، بلحها ، مزارعها ، عاداتها وتقاليدها ، لهجتها ، لباسها ، كل شيء فيها أتوق اليه ، فهي مني وأنا منها ، ولا شيء فيها لا يعشق ، هي اليمن كل اليمن من ساسها حتى أخمصها ، شأتم أم أبيتم .

درست الجامعة في عدن الحبيبة ، وصادفت تهامة هناك ، في وجه وملامح ولهجة زملائي في الدفعة ، نشوان وعمار ، أحببتهم وكنت ولازلت أكثر إنسجاماً وتلقائية معهم ، إذ كيف لشخص مثلي أن يلتقي تهامياً ، على ملامحه وجه هذه البلاد وعراقتها ، ووجه الأرض التي تحمل مجدنا وتاريخنا وحضارتنا ولا يحبه ، فأنا من تهامة وإذ لم أسكنها ، أصلي ومجدي وتاريخي ويمنيتي هناك
عموما؛
هل وجدتم بشر له أجنحة ويطير ، انظروا الى الصورة التي ارفقتها مع هذا الحب ، سترون أن زرانيق تهامة يطيرون دون أجنحة ، فوق سبعة جمال صفر ، أو فوق ما شئتم ، يطيرون وحسب ، وهذا ليس كل ما رأيتم ... هناك حتى أنامل المرأة التهامية تبدع في صناعة موروثاً شعبياً لا غنى لنا عنه ، يمتد من الساحل الغربي حتى مدينة المخا في تعز ، بل ويصل الى كل مدينة يمنية.
عمار واصل Nashwan Saket  ، خذوني اليكم يارفاق ، الى هذه الساحلية العظيمة المتدثرة بالدفئ ، فقد مللت صقيع هذا البؤس ، خذوني الى أزقتها مع الغروب ، أشرب معكم في أحد مقاهيها كأس من الحليب المفور ، فوق كراسيها العتيقة ، وفي فضاءاتها المفتوحة كي تبقى روحي على قيد الجمال .
أنا بحاجة الى سماع  أهازيجكم يارفاق ، والجلوس مع شاعر تهامي ومشاهدة رقصاتكم الشعبية ، بحاجة الى استنشاق عبق التاريخ بالوقوف على شاطئ الفازة ، بحاجة الى زيارة المدينة المسورة ، ومدينة ما تحت الرمال ، بحاجة الى تناول وجبة شعبية تهامية داخل عشة أو تحت ظل نخلة .
أرغب وبلهفة جامحة الى اللباس التهامي ، ك"المعوز" المطرز بالوان زاهية ، وعليه المحزم أو الكمر لا أدري ما إسمه بلهجتكم ، لكن هو الحزام الذي يُشد به على المعوز فوق الخصر ، ولونه الأخضر والأصفر ، وفنيلة (جرام) بيضاء ، وقبعة(كوفية) من الخيزران التهامي ، التي ارتداها ملوك تهامة وحكامها ، كرمز الأصالة والموروث العريق .
وااا طائر ام غرب ، ذي وجهت سن امتهايم 
قلبي ضناه امعذاب
احيان في امزيديه ، وحيان منها وشايم
ووااابااااه محلى امتجوال وما الذ امتسالي .
الله الله كم أحبك يا تهامة ، وحين اللقاء ، سأعانقك أيما عناق ، سأعانق حتى جذوع النخل فيك ، سأشرب كل تفاصيلك حباً .

فهمان الطيار

مقالات الكاتب

(ريمة) جارة السماء

يقال بأن "ريمة" جارة السماء ، وبستان الملائكة ، وفوق جبالها تكون السماء أقرب اليك من السهل والوادي ،...

البصرة حاضرة الدنيا

العراق ليس قليلاً ، كي يبهرنا هذا الألق والسمو والضوء ، هذا العراق وهذا مجده ماضي وحاضر ، وهنا "البص...