رحلتي إلى قنا والمكلا .. مذكرات سياحية (1)

دخلت يوماً لموقع فيسبوك وكتبت منتجع قنا السياحي وجدت الصفحة الرسمية للمنتجع وجوار زر المراسلة زر مكتوب عليه واتساب، لم اكلف نفسي بالبحث في الصفحة عن العروض والأسعار وفضلت التواصل المباشر بالواتس مع إدارة المنتجع، سلمت وانتظرت الرد الذي كان سريعاً فسألته عن الحجز والأسعار وفوراً أرسل إلي العروض إضافة إلى وجود كتلوج تفصيلي في نفس تطبيق الواتس التابع لهم يوجد فيه كافة التفاصيل من الأسعار إلى شرح تفصيلي عن المرافق إلى آلية عمل المنتجع إلى موقع وعنوان المنتجع في خرائط جوجل، وعند السؤال عن آلية الدفع ارسل إلي عدداً من الحسابات البنكية وحساباتهم لدى بعض الصرافين فتم التحويل لهم والحجز قبل الرحلة باسبوع والذي توافق بداية شهر يناير من هذا العام ٢٠٢٤ بأجواء يناير الجميلة اللطيفة حيث تحلو سواحل اليمن بشكل عام، وقد وقع اختيارنا على خيار الفلة المكونة من طابقين وقررنا الحجز لليلتين تليها ليلتين في المكلا ولو عاد بنا الوقت لضاعفنا المدة في هذا المنتجع ..

المنتجعات وأماكن الترفيه السياحية لها سياساتها الخاصة بمنع إدخال المأكولات لذلك لم نستعد بحمل الكثير من الأغراض فقط أخذنا بعض ماخف وخفي وبعض البطانيات الخفيفة تحسبا للنقص وللنظافة !

انطلقنا من مدينة عدن بعد الفجر بعد أن تفقدنا سيارتنا الجميلة (باص فوكسي ٢٠٠٨) ومررنا بصيدلية جوار مستشفى الجمهورية لأن معي مجموعة ممن يصابون بدوار السيارات وجدنا المخبز المجاور قد أخرج خبز الروتي الساخن فاشتريت بعض الروتي وجبنة أبو ولد وكان معنا شاهي من البيت، وجدت ان الفطور الخفيف أفضل في مثل هذه الحال إضافة لرغبتي بعدم التوقف، وأثناء الطريق تم التواصل مع مطعم المنتجع والتأكيد على الغداء وموعد وصولنا والذي قدرته بالواحدة والنصف ظهراً وكان الاختيار على حبتين دجاج برياني.

انطلقنا خارجين مع ساحل أبين نغذ السير لاتوقفنا الا النقاط العسكرية المتكررة والتي لايبعد بعضها عن بعض الا مسافات تتراوح من الكيلو إلى الاثنين كيلو ! وفي السابق لم يكن هناك الا نقطة العلم عند مدخل ومخرج المدينة، خرجنا من العلم لتواجهنا مدينة جديدة تبنى خارج عدن تسمى مدينة الخليج كان ينظر لها الأولاد بإعجاب. اقتربنا من أبين لتواجهنا نقطة رسمية بعدها نقطة أخرى في دوفس ليفترق الطريق بعد ذلك يسارا باتجاه الكود ومزارع أبين الشهيرة ثم الدخول لمدينة زنجبار ويميناً باتجاه الدائري الذي يجنبك دخول المدينة، وهو طريق حقيقة يذكرك بالدولة وحضورها وهو ما افتقدناه في العشر سنوات الماضية، طريق دائري واسع تصل في نهايته لرؤية منظر محزن الا وهو منجز استاد أبين الرياضي الذي بني خصيصا لخليجي 20 وهو شبه خرابة والى جواره عمائر سكنية كبيرة لم تكتمل. ومن جوار الأستاد تبدأ معاناة الأجزاء المكسرة من الطريق التي هي سمة لطريق عدن المكلا ولكن هذه المرة وجدنا الجزء المقطوع وقد تم سفلتته ولله الحمد. 
خرجنا من زنجبار وكطبيعة الوضع الذي نعيشه نقطة إثر نقطة من الإرسال إلى الشيخ عبدالله إلى ماقبل وجوار الكلاسي إلى مدخل شقرة وكما قلت سابقا لم تكن النقاط بهذه الكثرة وهذا مما يبطئ سرعة السيارات ويزيد في مدة السفر . دخلنا شقرة المحروسة وهي من ألطف المدن وكنت قديماً أقول إذا أردت رؤية مدينة على الفطرة خُلقاً لسكانها وخَلقاً لبنيانها كما كانت من ١٠٠ سنة فانظر إلى شقرة تلك المدينة الجوهرة المهملة من قبل السلطات والتي كانت عاصمة للسلطنة الفضلية قبل انتقال السلطنة لزنجبار، وقفنا في السوق واشتريت بعض الفواكه والماء وكان الوقت الذي استغرقنا من عدن إلى شقرة حوالي ساعة ونصف. 
انطلقنا سريعاً باتجاه طريق المكلا والذي يعتبر من المشاريع المهمة حيث اختصر المسافة وسهل السفر في طريق ساحلي جميل بعد أن كان الأمر يتطلب الصعود لأبين المنطقة الوسطى دثينة ثم شبوة، ورغم معرفتي بهذا الطريق منذ سنوات فقد وجدته لايزال بحال جيد يغري السيارات بالوصول لسرعات عالية، فقط مايعيبه عدم إصلاح مواضع تقطعها وتخربها السيول وهذه سمة مستمرة حتى الوصول للمكلا مع الأسف الشديد. 
من شقرة تقطع قرابة ١٥٠ كيلا للوصول إلى أحور مدينة العلم وحاضرة سلطنة العوالق السفلى وأرض الزراعة والخير حيث وصلناها والعيون شاخصة في مبانيها التاريخية وقصورها الأثرية، تجاوزناها مع طريق دائري مكسر لم يكن ليخفي معالم المدينة وخرجنا مع خط مفتوح يريح النفسية ويريح السيارات. 
هي سمة عامة للطريق لكن مع الخروج من أحور تظهر عظمة بلادنا وسعة أراضيها وجمال سواحلها وعراقة حضارتها، سواحل طويلة مقوسة على يمين المتجه شرقاً تتكرر وصولا إلى أطراف محافظة المهرة، وأراضي شاسعة مستوية يساراً تصلح أن تكون فيها مدن كبيرة عصرية، وحصون تاريخية بين الفينة والأخرى حصن سعيد وحصن بلعيد وقرية عرقة إلى آخر تلك المعالم التي تتواجد في محافظتي أبين شبوة، والنقطة الفاصلة بين أبين وشبوة هي منطقة عرقة التابعة لشبوة والتي تبعد عن أحور حوالي ٧٥ كيلا،  ولايقطع تأملك لتلك المعالم وتلك التضاريس والسواحل الا مشاهدة سواد في الأفق قلت للأولاد ماذا تتوقعون أن يكون هذا الشيء فلم يهتدوا للجواب مع اقترابنا من منطقة النشيمة بشبوة ظهرت خزانات ضخمة لتخزين النفط تعود لأيام الوجود الروسي في الجنوب حيث حصلوا على امتياز التنقيب عن النفط ومدوا أنبوب من حقول النفط في العقلة بمديرية عرما بشبوة وصولا لخزانات النشيمة ولا أدري لماذا توقف هذا المشروع في تلك الحقبة. في عهد الرئيس هادي وجه بترميم وإصلاح هذا الأنبوب ليتم معاودة تصدير النفط من شبوة عبر الأنبوب وعبر منصة تصدير من خزانات النشيمة وهو ماساعد كثيراً في ميزانية الدولة في السنوات الماضية. 
بعد تجاوز النشيمة يستقيم الخط باتجاه مفرق عين بامعبد في مديرية رضوم الشبوانية العزيزة فلو اتجهت يسارا تمر بمناطق سلطنة الواحدي سابقا ميفعة وعزان والروضة ولماطر وصولا لحبان وباقي مناطق شبوة ويمكن العودة لعدن من هذا الطريق عبر أبين ويمكن الصعود لصنعاء عبر بيحان ومأرب، وعند الاتجاه يمينا تواصل الطريق الساحلي شرقاً باتجاه بلحاف المكلا المهرة. 
استوقفتني النقطة الرسمية في رضوم وجاء العسكري الشاب من أبناء شبوة قال ليش تتجاوز النقطة ! قلت له ليه وين أنا ماقدني في النقطة؟؟ يبدو هو كان يريد عند اشارته بالوقوف ان يكون بمستوى المرايه الأمامية وليس بمحاذاتي تماماً. قال انت لاتحترم النقطة !! استفزني هذا الكلام فشاهدني زميله الجالس وقال خلاص يا أخي امشي مافي حاجة. الحقيقة أن أغلب النقاط من مختلف التشكيلات والانتماءات السياسية يتواجد فيها شباب صغار غير مؤهلين بالشكل المطلوب ونصيحتي لكافة المسافرين الا يتعاملوا بمثالية هذا واقعنا والله المستعان. غير أنه رغم سلبية تعدد النقاط وفوضى التشكيلات وعدم تأهيل الشباب إلا أن الوضع الأمني بشكل عام يعتبر مقبول بل جيد بهذه الامكانيات الموجودة ويعتبر السفر آمن والتجاوزات محدودة خاصة بحق المواطنين المدنيين.

أخيراً ظهرت لنا منشأة بلحاف الضخمة هذا المنجز الوطني الكبير وطوال مرورنا حول سورها كنت أشرح للأولاد عنها وعن الغاز الذي يستخرج من مارب وينقل في أنابيب وصولا لهذه المنشأة التي تسيله وتجهزه للتصدير وعن المنشأة ومرافقها واهميتها للبلاد.

بعد بلحاف بمسافة قصيرة يظهر جبل حصن الغراب يلوح وأسفله يقبع منتجع قنا السياحي أكبر منتجع سياحي في اليمن وهو وجهتنا ومقصدنا في هذه الرحلة .

للحديث بقية ..

#منتجع_قنا

مقالات الكاتب