دلافين في شبوة ..!

ربما الصورة النمطية لمحافظة شبوة في أذهان الكثيرين أنها صحاري مقفرة وجبال جرداء لاتجد فيها الا الإبل والغنم، وربما اعتقد البعض أنه لايوجد من مقومات الحياة الاقتصادية في شبوة غير استخراج النفط، ولايوجد من المظاهر الاجتماعية الا الثأر وعدم احترام الدولة والقوانين، وهذا كله بالطبع غير صحيح فشبوة فيها تنوع اجتماعي واقتصادي وطبيعي جميل قل أن تجد له نظيراً في اليمن وشبه الجزيرة العربية..

في اليوم الثاني لوصولنا افتتحناه بصلاة الفجر ومنا من عاد للنوم لكن البعض ظل منتظراً لمشاهدة شروق الشمس الرائع ونورها يطل من الأفق وشكلها المستدير يظهر رويداً رويداً ببهاء وعظمة عجيبة لاتملك أمامها الا تسبيح الخالق العظيم.

سبحنا بعد الفجر ثم شربنا الشاي ومع ارتفاع الشمس عدنا للسكن وتناولنا افطارنا ثم ارتحنا إلى قرب الظهيرة، وعند خروجنا لأداء صلاة الظهر بدا أن هناك حدث ما وزوار جدد وكانوا أعضاء بعثة منتخبنا الوطني للناشئين، وصلنا للمسجد ذو البناء الجميل وأكثر مالفت نظري فيه نظافة السجاد بشكل لافت كأنك لست في مكان بالقرب من شاطئ عادة مايتسخ بالغبار وذرات الرمل الشاطئي .

توجهنا للمطعم لنطلب طعام الغداء وكان الاولاد متحمسون لمشاهدة والتقاط الصور مع لاعبي المنتخب وبالفعل وجدوهم والتقطوا معهم الصور، اما انا فذهبت لطلب الغداء وصادفت أحد اللاعبين من أبناء عدن وحصل موقف جعلني أتأمل وأفكر ملياً. قلت لهذا الشاب انت فلان قال نعم بابتسامة لطيفة فقلت له انا علي الأحمدي فهز رأسه بمجامله فقلت له تذكر ايام الحرب ومجلس المقاومة فكذلك هز رأسه بمجاملة أخرى، وقفت للحظة وقلت لنفسي هذا الشاب عمره ١٧ عاماً والحرب مضى عليها قرابة عشر سنوات وكان عمره وقتها سبع سنوات فماذا سيذكر ومن سيعرف من تلك الحقبة بل كيف يمكن له أن يقارن بحال ما قبل الحرب، ربما بتنا أمام جيل مظلوم جيل لم يعش ايام وجود الدولة وحضور مؤسساتها وخدماتها !

بعد تناول الغداء والراحة كنا مع موعد مميز للسباحة والجلوس على الشاطئ امتد من الثالثة عصرا إلى المغرب، اضافة للتجول في ارجاء المنتجع والمشي في الممشى الجميل المضاء ليلاً، وبعد صلاة العشاء عدنا للخروج ولكن محملين بثلاجات الشاي والقهوة ولوازمها وامضينا جلسة سمر ممتعة، لنعود ونطلب العشاء من المطعم وكان اغلبه قلابات مع خبز رشوش واغراض من البقالة، طبعا البقالة يوجد فيها كل ماتحتاجه حتى كروت النت السريع وبأسعار معقولة، وكما ذكرت مسبقا برغم وجود بعثة المنتخب وانشغال اغلب المساكن لكن الساحل الكبير وفر أجواء من الخصوصية والهدوء بشكل لاتجده في غير هذا المكان .

استيقظنا فجر الجمعة وهو يوم المغادرة من المنتجع واستيقظ الجميع هذه المرة لمشاهدة منظر الشروق الجميل الا أننا كنا على موعد مع مشهد آخر بديع جداً، كنت اتأمل شروق الشمس لتقول لي زوجتي انظر هناك لألتفت وادقق النظر بعيداً لأشاهد دلفين يقفز في الهواء بحركات بهلوانية، بقينا طوال الوقت نتأمل هذا المشهد اللطيف والجميل لسرب من الدلافين تتجول أمام ساحل المنتجع طولاً وعرضا وتؤدي بعض المشاهد ونحن مستمتعون بهذا العرض في جو هادئ ولطيف .

عدنا لنرتب الإفطار بعد أخذ جولة وداعية ومشي صباحي ممتع وبعد الإفطار استرحنا إلى التاسعة لنبدأ تجهيز أغراضنا للرحيل نحو مدينة المكلا،كانت الخطة ان نغادر في العاشرة ولكن امتد بنا الوقت ولم نخرج الا الساعة الحادية عشر، وكنا نريد الوصول المكلا وقت صلاة الجمعة لندرك الصلاة وندرك الغداء فالمعروف عندي أن مطاعم المكلا تتوقف الساعة الواحدة وقد لاتجد غداء بعد الواحدة ! فهل أدركنا الغداء في المكلا ؟؟
 

مقالات الكاتب

دلافين في شبوة ..!

ربما الصورة النمطية لمحافظة شبوة في أذهان الكثيرين أنها صحاري مقفرة وجبال جرداء لاتجد فيها الا الإبل...