عن ثورة 26 سبتمبر .. العَفَن الذي أسقط السفينة ، ولم يغرقها
٢٦ سبتمبر كانت السفينة التي حملت اليمنيين وأبحرت بهم من المياه الضحلة الى المدى الذي أخذت معه مياه ا...
يتردد ذكر الجنوب هذه الأيام من قبل البعض على نحو أصبح فيه مرادفاً لطيش الحوثيين الذي يتوزع على كل اليمن .
يتم ذلك بصيغ إعلامية-سياسية تحاول أن تكرس الحوثيين كقوة في الوعي المجتمعي كعلامة على ما أصاب البعض من إحباط لما وصل إليه الوضع : الحوثيون يتقدمون نحو الجنوب ، الحوثيون يحاصرون قعطبة ، احتلوا مريس، الحوثيون يتجهون نحو العند ، يحاصرون الصدرين .. الحوثيون يطوقون الضالع من كافة الجهات ، يقتربون من جحاف، اقتحموا الازارق ، الحزام الأمني والجيش الوطني يفرون من أمام الحوثيين ، الحوثيون مصممون أن يمضوا رمضان في يافع .. الحوثيون على مشارف المسيمير ،الحوثيون احتلوا الفاخر ، العند في مرمى الحوثيين .. الحوثيون دمروا مقر التحالف بالدرونز ، الجنوب في خطر إلخ .. إلخ!!
وعلى فكرة هذا مش إعلام الحوثي ،
صرعات الاحباط ، أو الحنق ،أو التمني ، سمها ما شئت، لا تترك أمام البعض فرصة حتى لحماية الذات من السقوط الذي لا يستطيع معه الانسان أن يفسر سقوطه حينما يرتد إليه وعيه .
الحقيقة هي أن الحوثيين يسرحون ويمرحون في المناطق التي يسيطرون عليها منذ اليوم الاول لإنقلابهم في قتال من الكر والفر مع القوى الحية والشريفة التي حملت على كاهلها مقاومة هذه العصابة .. يتزامن ذلك مع حركات استعراضية من قبل الحوثيين تفتقر إلى الحد الأدنى من الاحترام لقيمة الانسان وهم يسوقون بالترهيب والترغيب تلك الجموع من الجائعين والخائفين ، معظمهم أطفال، إلى الجبال والشعاب الموحشة في تساوق مع ما أطلقة أحد مرجعياتهم ذات يوم وهو يتلذذ بدماء اليمنيين التي كانت تسيل في حروب الصراع بين أئمتهم( الحجرة من القاع والدم من رأس القبيلي).
وبدلاً من دعم هذه المقاومة الباسلة ، والوقوف إلى جانبها ، حتى بالكلمة ، يتم تضخيم حركات الطيش الحوثية لخلق بيئة تتوافق مع حاجتهم إلى تعظيم هذه التفاهات التي يصنعون منها بطولات .
لا يحتاج الحوثيون اليوم إلى إعلام خاص بهم يقوم بهذا التعظيم لاستعراضاتهم وطيشهم طالما أن هناك من يقوم بذلك نيابة عنهم بدوافع لا تخلو من حسابات تفتك بكل جهد يسعى لترميم الصدوع التي تملأ جدار مقاومة المشروع الحوثي - الايراني .
من هذه الصدوع تأتي هذه الاصوات التي تقرع طبول انتصارات الحوثيين وتحركهم نحو الجنوب فيما يبدو وكأنه التبشير بالشيء الذي انتظروه طويلاً . في حين يأتي من الطرف الآخر ، وعبر نفس الصدوع ، الصوت المقابل ، والذي على نفس الشاكلة يفسح للخديعة أن تلقم المشهد بهذا التعظيم لخطر الحوثيين بالحديث عن تحالفهم ، أي الحوثيين ، مع قوى من داخل الشرعية لغزو الجنوب ، وتكتمل حلقة المهزلة التي استطاع الحوثيون أن يخترقوا بها الجميع في حين تكون آمال الحوثيين في التمسك بمكاسبهم القديمة قد سقطت وشبعت سقوطاً .
ما أشد وقع الكارثة حينما تتسع الصدوع في جسم الجدار المقاوم لهذا المشروع الخطير لتتسلل منه هذه الأمراض التي تستهلك رصيد المقاومة وتضحياتها .