الطبيب الإنسان
كنت طفلًا صغيرًا حين كانت أمي تحملني على ظهرها في فوج من النسوة؛ فيهن الراجلة على قدميها، والراكبة ع...
هناك عمل منظم لتمزيق النسيج الاجتماعي الجنوبي؛يخدم أجندة خارجية،ترى أن أقصر الطرق للسيطرة على الجنوب هي تمزيق عرى نسيجه الاجتماعي عروةً عروة،وخلق حالة دائمة من الاحتراب الداخلي،وضرب المكونات الاجتماعية ببعضها،عملًا بالنظرية الاستعمارية( فرق تسد )وهذا ما نراه ونلمسه في الواقع الاجتماعي،ونتابعه في وسائل الإعلام،ومواقع التواصل الاجتماعي،من خلال ماتنشره من سموم وفتن،وأراجيف وأكاذيب،ومدح وقدح،وثناء وذم،وصناعة أبطال وبطولات هوليودية لأٔنسان نعرفهم كما نعرف أبنائنا.
لذا صار لزامًا على المجتمع التصدي لهذا السرطان الذي ينخر جسده، وكشف حقيقته،وفضح أهدافه، وإذا أردت الوقوف على حقيقة هذا المشروع،ومن يقف خلفه ؟ ومن يقوم بتنفيذه؟ ابحث عن المستفيد من هذا العبث،وإذا عرفت المستفيد ستتكشف لك كل خيوطة وأهدافه وغاياته، وهناك علامات وإمارات كبرى تكشف حقيقة هذا المشروع وأهدافه .
فالمشروع السياسي الذي يراهن على الأشخاص ولايراهن على الجماهير،سيصنع دكتاتورًا،ولن يقيم دولة، فمن يستقوي بالمنطقة أو القبيلة لإشباع شبقة السلطوي،سيجعل من الدولة اقطاعية خاصة بالمنطقة أو القبيلة،وسيحول بقية أفراد الشعب إلى رعايا ،لان مواطنتهم في نظر أصحاب هذا المشروع مواطنة منتقصة،وهذا سيخلق جولات من الصراع ولنا في ماضينا القريب عظة وعبرة.
المشروع السياسي الذي يقوم على الفرز والمفاضلة بين أفراد المجتمع الواحد، ويختزل تضحيات شعب بأكملة في محافظة أو مديرية أو قبيلة، مشروع قروي،وليس مشروًعا وطنيًا .
المشروع السياسي الذي يصنع من الخلاف في الرأي خيانة،ومن التعدد عمالة، ليقوم بتجريف قوى المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، هو في الحقيقة مشروع إقصائي، لن يقيم دولة عادلة،وسيعيد إنتاج تجربة الحزب الواحد،والزعيم الأوحد.
المشروع السياسي الذي يفصل للآخرين توجهاتهم،ويحدد لهم مواقفهم، متخذًا من قناعته مقياسًا للتمييز بين ماهو وطني وغير وطني،سيصنع من أعناق الجماهير سلمًا للوصول إلى الحكم،وسيشيد من جماجمهم حصونًا لدولته المنيعة .
المشروع السياسي الذي يروج له أتباعه بالشتم والتخوين دليل على أفلاسه الأخلاقي ،وانحطاطه الفكري، وتدني مستواه الثقافي،وسوى طوية المؤمنين به ؛فالإنسان الذي يضيق ذرعًا بالنقد ،ويصادر رأي من خالفه الرأي،وهو خارج السلطة لن يعطيك مادون ذلك أن صار حاكمًا .
سعيد النخعي