الطبيب الإنسان
كنت طفلًا صغيرًا حين كانت أمي تحملني على ظهرها في فوج من النسوة؛ فيهن الراجلة على قدميها، والراكبة ع...
لم يشهد الجنوب تجمعا سياسيا موحدا يحوي كل أنواع الطيف السياسي الجنوبي منذ ٦٧م،إذ لم يعرف الجنوب في تاريخه السياسي أيا من التحالفات السياسية على الإطلاق،ولم تجتمع أي قوى تحت مظلة واحدة، أو من أجل أهداف مشتركة،وكانت تجربة الجنوب الماضية عبارة حلقات من التناحر والاحتراب بسبب محاولة كل طرف إقصاء الآخر .
ففي ظل الوجود البريطاني،الذي قاومه أبناء جنوب اليمن بمختلف قواها الاجتماعية،وأحزابهم السياسية،والنقابات العمالية،وشكلت في مجموعها حراكا سياسيا رافضا للاستعمار، تكلل برحيل المستعمر في ٣٠ من نوفمبر ٦٧م .
لم يحاول النظام حينها استيعاب بقية القوى،فقد أقصت الجبهة القومية كل القوى السياسية التي شاركت في النضال ضد المستعمر ؛كجبهة التحرير والرابطة وبعض الفصائل القومية،وحاولت الجبهة القومية تسويق نفسها أنها الفصيل الوحيد الذي ناضل ضد الاستعمار حين وهم رجال العهد الجديد أنهم قادرون على الاحتفاظ بالسلطة إلى الأبد،في لحظة غرور وزهو من لحظات الاستفراد بالسلطة ،فأقصوا جميع القوى السياسية،ولم يدر في خلد رجال العهد الجديد أن الصراع لايولد إلا الصراع،وأن العنف لايولد إلا العنف،ليتخذ الصراع بعدها شكلا جديدا،فانتقل من صراع الأحزاب والفصائل ،إلى صراع التنظيم الواحد،فخرج من الجبهة القومية حزب إشتراكي من طراز جديد،ثم الحزب الإشتراكي اليمني،و ماتلى ذلك من صراعات داخل الحزب تحت شعار يساري انتهازي،ورجعي،واقطاعي،وثورة مضادة وغيرها من العناوين التي استخدمت ذرائع لضرب الخصوم ،فحين لم يجد الرفاق شعارا سياسيا يتصارعون تحته،تصارعوا مناطيقا،
وكان الشعب وحده يدفع ثمن هذا الصراع،الذي زاد البلد تأخرا بعد إن عجز الرفاق حتى عن الحفاظ على الهاميش السياسي البسيط الذي كان في عهد المستعمر .
ليس عيبا أن نتعلم من أخطائنا،وليس عيبا أن نستذكر تجاربنا السيئة لنأخذ منها العظة والعبرة،لنستفيد منها في المستقبل،فأعرق المجتمعات حضارة،وأكثرها تطورا،هي المجتمعات المتعددة،ولن تجد مجتمعا حضاريا بلون سياسي واحد أبدا،لأن التعدد هو نواة الإبداع،والاختلاف هو سر عمارة الكون،وتطوره .
لذا حرص الائتلاف الوطني منذ يومه الأول على دعوة كل القوى السياسية الجنوبية بمختلف مشاربها الفكرية،وتوجهاتها السياسية،وخلفياتها الايدلوجية،وفقا وشعار الجنوب يتسع لكل أبنائه .
فهل سيلتقط الجنوبيون الفرصة ؟للالتفاف حول هذه الفكرة،وتشجيع هذه التجربة،لبناء وطن خال من العنف والإقصاء الصراع ؟