أبو علاء يرحب بالصيادي ويثمن دعم عقود فريق الكرة
رحبت إدارة نادي الشعلة الرياضي والثقافي بالرئيس التنفيذي نائب رئيس مجلس الشرف الأعلى للنادي ال...
بعد تحرير عدن بأسابيع قليلة التقيت في #عدن بوزير جنوبي سابق دعاني إلى منزله، كانت حالة التعصب للإمارات حينها في عدن في أوجها، وكنت أحد الذين انخدعوا بوعود كريمة أطلقها إعلام التحالف لليمنيين شمالاً وجنوباً تبشر بإعادة إعمار ما دمرته الحرب وانتشال البلد من الوضع المزري الذي وصلت إليه، رغم يقيني حينها بأهمية وجود صفقة عادلة بين الطرفين الداخلي والخارجي، وعلمي بغياب هذه الصفقة في قالبها المفترض، لكن #نشوة_الانتصار لم تكن بحاجة إلى مثل هذه المنغصات.
قال لي الوزير الجنوبي السابق إنه التقى بمسؤولين إماراتيين في الداخل والخارج، وإنه اكتشف في لقاءاته أن الإماراتيين -الذين كانوا ولا يزالون يمسكون بملف عدن ومحافظات الجنوب- لا يملكون فهماً عميقاً لطبيعة الصراع والوضع في اليمن، ولا لسيكولوجية الشعب والجماهير، وإن الإماراتيين يستعينون كثيراً بخبراء مصريين، بينهم ضباط سابقين عاصروا أنظمة الحكم السابقة في مصر واليمن، بهدف تغطية هذا القصور الذي لديهم.
أخبرني الوزير السابق أيضاً أن التدخل الإماراتي هو جولة ضمن معركة بين الإمارات وقطر، وأن الأخيرة كانت تسعى في حربها الباردة على الإمارات للاستحواذ على حق إدارة موانئ عدن وتفعيلها وإقامة منطقة حرة بمعايير دولية لتدمير المنطقة الحرة في دبي، وأن السعي القطري كان خلال فترة إدارة المحافظ الأسبق وحيد رشيد، المعروف انتماؤه لحزب الإصلاح.
تذكرت وأنا أستمع إلى كلامه أن هذه المحاولات كانت فعلاً بالتزامن مع محاولة قطر تأجير قناة السويس خلال فترة حكم مرسي.
كلام الوزير كان يعني بوضوح أن الإمارات عندما استشعرت الخطر في اليمن تدخلت بكل قوتها، واشترطت حصولها على ملف عدن والجزر والسواحل في مقابل هذا التدخل، لكنه في كلامه لم يكن يتحدث عن قطع العلاقة مع الإمارات وإنما عن البحث عن مصلحتنا في أي علاقة مفترضة.
بعد ثلاث سنوات من التحرير، يبدو القصور الإماراتي ماثلاً بصورة أسوأ، ويغيب الجانب المصري المدرك لطبيعة اليمن عن هذا المستنقع الذي تغرق فيه الإمارات جنوباً ويغرق معها التحالف.
في مصر، تدرك القيادة السياسية ما الذي تريده، وعلى هذا الأساس تنطلق التحالفات بمنطق (ماذا تساوي الحياة بلا خذ وهات؟)، إنها قاعدة ذهبية، فالمصالح هي من تحل وتربط في دهاليز السياسة، ولا مكان هنا للمبادئ والشعارات.
للشعارات رنين أخاذ وبريق لامع، تنبهر به الشعوب فقط وليس النخب، هي كالأفيون الذي اعتبره كارل ماركس يوماً ممثلاً في الدين، شيء ما يشترك هنا مع أفيون ماركس، إنها الأوهام، والتخدير الذي تمنحه الشعارات كما يمنحه الأفيون تماماً، ولكن.. عندما تذهب السكرة تأتي الفكرة!.
خلال الضخ الإعلامي المساند للحرب روجت وسائل إعلام خليجية مشاريع إعادة إعمار عدن، وانطلق البعض ليتحدث عن #مارشال_خليجي ينهض بالبلد كما حدث في ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية، آخرون تحدثوا عن أبراج في عدن تناطح أبراج دبي، تبخرت كل هذه الأحلام بمجرد أن وضعت الحرب أوزارها، لم تتم إعادة بناء مبنى واحد، وانحدرت الخدمات إلى منحدرات سحيقة ومخيفة، لم يحدث قط أن وصلت إليها.
عقب حرب اجتياح الجنوب في 1994 مارس المقبور علي عبدالله صالح سياسة إقصاء وتهميش للجنوب والجنوبيين متبعاً العبارة الشهيرة (جوّع كلبك يتبعك)، معتقداً أن إذلال الجنوبيين ومنعهم من حقهم في الشراكة الحقيقية والفاعلة يعني قدرته على تطويعهم وطمس قضيتهم وعبر أدوات جنوبية موالية له متمسكاً بما قال إنها دماء الشهداء، لكن الجنوبيين انطلقوا في سلسلة احتجاجات طويلة عقب ثلاث سنوات فقط من الحرب، دون الاكتراث لكل الهراء الذي كان يردده صالح، واستمرت هذه الاحتجاجات تخبو وتشبو بطرق مختلفة حتى انتهت بطرد قوات صالح من الجنوب كاملاً في 2015.
يعتقد الإماراتيون اليوم وهم حلفاء أقوياء لصالح وبقايا عصابته المتآكلة أن سياسة صالح يمكن أن تمنحهم فرصة بقاء مشابهة لعقدين من الزمن أو ربما ثلاثة يستغلونها في خلق أدوات جديدة وسياسات جديدة تطيل بقاءهم في الجنوب دون تقديم شراكة حقيقية ومع الاستمرار بعرقلة وتعطيل ضخ الدماء في شرايين الجنوب متمسكين أيضاً بدماء الشهداء الذين قالوا إنهم سقطوا في هذه الحرب، لكن ما لا يدركه الإماراتيون أن الجنوب الذي لم يكن يمتلك السلاح في زمن صالح، يمتلكه اليوم بصورة غير مسبوقة، وأن التدخل العربي والأجنبي الذي لم يكن وارداً في زمن صالح هو وارد اليوم وبقوة، مدفوعاً برغبات جامحة لإفشال الدور الإماراتي ضمن #حرب_الموانئ التي تجتاح المنطقة لشق #طريق_الحرير_الجديد الذي يمر في سواحلنا.
يحكي لنا التاريخ أن الثورات الناجحة تبدأ دائماً بموجات احتجاجية خجولة قد تنجح أو تخفق في أهدافها التي تبدأ بمطالب صغيرة ثم تتعاظم في ظل التجاهل المستمر لها حتى اقتلاع الحاكم المستبد، وهذا ما حدث في كل الثورات التي شهدتها المنطقة، قديماً وحديثاً، ولا يمكن لاحتجاجات الأسبوع الماضي التي مزقت صور قادة التحالف ورفعت هتافات ضد سياستهم في الجنوب وانطلقت بعد ثلاث سنوات من حرب 2015 أن تخرج عن هذا الناموس الكوني، وهي تشبه الاحتجاجات الجنوبية الأولى في 1997 عندما انطلقت بعد ثلاث سنوات أيضاً من حرب 1994.
ليس من مصلحة الجنوب ولا الإمارات وصول العلاقة إلى قطيعة كاملة يسبقها صدام مسلح مدعوم شعبياً في أرض ليست أرض الإماراتيين، ولا من المصلحة للطرفين خروج الإماراتيين وتركهم فراغاً كبيراً ستملؤه المليشيات المفرخة والمتصارعة فيما بينها قبل أن تتدخل أطراف إقليمية ودولية لملء هذا الفراغ بما لا يصب في مصلحة الإماراتيين حتماً.
ربما لا تبدو #خيارات_النخب_الحالية في الشراكة الإقليمية البديلة مريحة في ظل الارتماء القطري والتركي في أحضان الإخوان، و #البابوية_الإيرانية والروسية للحوثيين، لكن الشعوب في العادة لا تكترث دائماً لمصالح النخب، وإذا ثارت هذه الشعوب الجائعة فإنها لن تعير اهتماماً لمصالح من يريد إذلالها وتجويعها لإبقاء نفسه آمناً دون غيره.
لا يزال أمام الإمارات وهي التي تمسك بملف الجنوب متسع من الوقت لتدارك الأخطاء وتصحيحها قبل فوات الأوان، عبر التوقف عن إنشاء #مليشيات_مسلحة_موازية_للدولة أفقياً ورأسياً، والسعي الجاد لجمع كلمة الجنوبيين بدلاً من تفريقهم وتفريخهم لضرب بعضهم ببعض، وإنشاء شراكة حقيقية، واستئناف حركة المنافذ البحرية والبرية والجوية بكامل طاقتها، وإعادة إنتاج النفط والغاز لتوفير دخل قومي مستقل، ودون هذا فإن #التاريخ_يصفع_بيديه_العملاقتين كل من لا يريد أن يتعلم من أخطاء غيره.
* من أنيس البارق