الرئيس علي ناصر محمد يروي أهم الإنجازات التي تحققت في دولة الجنوب خلال 23 عاما

كريتر سكاي:خاص

إعداد / د. الخضر عبدالله

إنجازات في مجال الموانئ والمطارات والقضاء

لا يزال الرئيس الأسبق علي ناصر محمد الحديث حول تجربته السياسية التي ظلت على 23 عاما, حيث تحدث عن بداياتها في الحلقة الماضية.. وفي هذا العدد يروي ما تبقى حول الحديث عن الإنجازات, حيث يقول: "وفي مجال الموانئ والمطارات فقد تم إقامة مطار عدن الدولي على أحدث طراز وكُلِّف بتنفيذه شركة فرنسية متخصصة وإنشاء برج المطار الحديث وتجديد ممرات الطيران في المطار، بالإضافة لإقامة مطار الريان الدولي ومطارات سيئون والغيضة وعتق وإنشاء ميناء الاصطياد في حجيف وميناء نشطون في المهرة وميناء خلف في المكلا وتطوير ميناء عدن وميناء الزيت في البريقة".

ويكمل حديثه ويقول: "ويمكن اعتبار نزاهة القضاء، واحترام القوانين وتطبيقها على الجميع بلا استثناء، من مفاخر التجربة في اليمن الديمقراطية، وأنا هنا أتحدث عن القضاء المدني، وليس عن "محاكم الشعب" أو المحاكم التي شكلت لأغراض مؤقتة، والتي ارتدت أحكامها طابعاً سياسياً وشاب أحكامها الكثير من علامات الاستفهام.

من مفاخر التجربة والدولة أيضاً في اليمن الديمقراطية، وجود جهاز مالي وإداري كفوء ورثته عن الإدارة البريطانية وطورته لاحقاً، من مميزاته عدم وجود ظواهر الفساد المعروفة في مجتمعات أخرى مثل الرشوة والاختلاس، إلّا ما كان استثناءً نادراً. لهذا كانت القرارات والقوانين تجد طريقها إلى التنفيذ. كذلك كانت المساعدات الخارجية تستخدم في الأغراض التي خصصت لها بشهادة المنظمات الدولية. كما أنني لم أرَ منذ قيام الدولة في الجنوب حتى عام 1990م قياديين في الحزب والدولة يمتلكون أراضي أو أرصدة خارجية ولا قصور ولا فلل فارهة، أو تسير خلفهم عشرات السيارات والمرافقين المدججين بالسلاح".

 

القضاء على الثأر

ويتابع الرئيس ناصر حديثه وقال: "قُضي على ظاهرة الثأر القبلي التي كانت سائدة قبل الاستقلال، ومنذ عام 1967م حتى عام 1990م لم تقع حادثة ثأر واحدة، بعد أن أصدرت حكومة الاستقلال قانون الصلح ومنع الثأر، ما يدل على احترام المواطنين للقانون وتفضيلهم الحياة السلمية. وللأسف، إن هذه العادة القبيحة أطلت برأسها من جديد بعد الوحدة في الوقت الذي كان ينبغي فيه تثبيت القيم الإيجابية والتجارب الأصيلة، بدلاً من إحياء الظواهر السلبية التي لا يقرها الدين، ولا تقبلها الحياة العصرية، وهذا ليس مسؤولية الوحدة، بل مسؤولية حكامها.

ترسيخ مفاهيم المجتمع المدني، ورعاية مؤسسات المجتمع المدني من نقابات واتحادات عمالية، وفلاحية، وشبابية، ونسوية، وطلابية، وجمعيات مهنية من أطباء، ومهندسين، وأدباء وكتّاب، وصحافيين، ومعلمين... إلخ، حيث كانت هذه المؤسسات المدنية تشكل جزءاً من قوة النظام والمجتمع المدني.

إن جزءاً كبيراً من قوة النظام والدولة في اليمن الديمقراطية كان يعود إلى بناء جيش وطني قوي حديث، ومؤسسات أمنية قوية. واستطاعت المؤسسات العسكرية والأمنية أن توفر الحماية الكافية للنظام، وتحمي وتصون السيادة الوطنية من كل المخاطر الداخلية والخارجية، لكن هذا لا ينفي أن هذه المؤسسات شكلت في بعض مراحل الصراع تهديداً للاستقرار السياسي، عندما صرفها البعض عن دورها الوطني في الدفاع عن الثورة والنظام، ووجهها باتجاه حسم الصراعات السياسية الداخلية بين أطراف السلطة.

إن جزءاً من قوة التجربة والنظام والدولة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كان يكمن في التفاف أكثرية الشعب حول التجربة وفي علاقاتها الدولية. فقد استطاعت أن تبني مستوى من العلاقات السياسية مع البلدان الاشتراكية، وخاصة مع الاتحاد السوفييتي قبل انتصارها، بعد أن ناصبتنا الدول الغربية العداء منذ أول يوم، كما ناصب الغرب العداء للثورة اليمنية في الشمال منذ اليوم الأول. وإن كان التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري لم يرقَ إلى المستوى ذاته، ولكن هذه العلاقات استطاعت أن تؤمن لليمن الديمقراطية غطاءً من الدعم السياسي والعسكري الذي حمى النظام من التهديدات الخارجية، وأفادته المساعدات الاقتصادية والعسكرية في مواجهة التحديات".

 

العلاقات العربية والعالمية

ويقول: "وكانت العلاقات مع حركات التحرر العربية والعالمية عنصراً مساعداً من عناصر السياسة الخارجية لليمن الديمقراطية، بصرف النظر عن أنها كانت مكلفة، ومخاطرها كثيرة جداً على النحو الذي تحدثنا عنه كثيرا عبر الحلقات التي نشرت في صحيفة (عدن الغد).

في المقابل، كانت للدولة علاقاتها الخارجية مع كل الدول العربية تقريباً بلا استثناء، وإن كانت العلاقة مع بعضها قد نُسجَت في وقت متأخر، وشاب بعضها الخلاف والصعوبات، وكانت مجالاً للمزايدة السياسية، وجزءاً من لعبة الصراع على السلطة. لكن الأطراف الأخرى أيضاً كانت تتحمل بعض المسؤولية.

كذلك كانت للدولة علاقات مع العديد من الدول الغربية، وفقاً لما تمليه عليها مصالحها ومصالح الأطراف الأخرى، غير أنه كان هناك اختلاف في وجهات القيادة حول العلاقة مع الدول الرأسمالية. لكن هذا المفهوم كان يتطور نحو الأفضل على الدوام. وكانت لدى الدول الرغبة في تطوير علاقاتها مع الغير.

وفي كثير من الأحوال، استطاعت اليمن الديمقراطية أن تتخذ مواقف متوازنة من العديد من الأحداث والتطورات في العالم، مثل حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، حيث دعت دائماً إلى الحوار وحلّ المشاكل بين البلدين المسلمين الجارين بالطرق الودية والسلمية.

ومارست اليمن الديمقراطية دوراً حسب وزنها وموقعها الاستراتيجي في إطلاق الدعوات والعمل من أجل تحقيق أمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي والمحيط الهندي، وتحقيق الأمن والاستقرار لشعوب هذه المنطقة، وحلّ أزمة الشرق الأوسط سلمياً.

إن الدولة التي أقامت هذه التجربة لم تعد قائمة اليوم، والجبهة القومية وامتدادها الحزب الاشتراكي اليمني، التي تبنت وبنت هذه التجربة، لم تعد اليوم في السلطة. وبحكم أنني أنتمي إلى هذه التجربة، وكنت يوماً جزءاً من نسيجها السياسي والاجتماعي، بل كنت في موقع صنع القرار، أجد من واجبي الذي يمليه عليّ ضميري أن أنصف التجربة، ليس من باب الحنين إلى الماضي، والتحسر على زواله، والبكاء على أطلاله، بل لأنني لا أجد في نفسي عقداً نفسية أو رواسب من الماضي تمنعني من أن أقول في التجربة ما تستحق، سلباً وإيجاباً".

(للحديث بقية)

عدن الغد