الإمارات تكشف سبب توافد البواخر التجارية صوب ميناء الحديدة

كريتر سكاي:

كشف الحوثيون السبت عن بدء السفن التجارية في الرسو بميناء الحديدة على الساحل الغربي لليمن، في الوقت الذي تشير فيه مصادر يمنية مطلعة إلى تعثر المفاوضات بين السعودية والجماعة الموالية لإيران.

 

ويرى متابعون أن فسح المجال أمام رسو السفن في الحديدة بادرة حسن نية لإنقاذ المفاوضات الجارية في مسقط برعاية أممية والتي تواجه إشكاليات حول بعض بنود التهدئة التي سيتم بموجبها تمديد الهدنة الأممية لمدة عام.

 

وتزامن إعلان وزير النقل في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا عبدالوهاب الدرة عن بدء السفن التجارية بالتوجه “مباشرة من ميناء جيبوتي إلى ميناء الحديدة بعد التفتيش دون أي تأخير”، مع تهديدات أطلقها قادة حوثيون باستئناف هجماتهم على المصالح الاقتصادية في المنطقة.

 

وفي أكبر خرق للهدنة، شن الحوثيون السبت هجوما عنيفا على مدينة حريب في محافظة مأرب، ما أسفر عن سقوط أربعة قتلى من قوات العمالقة الجنوبية، فيما لوح بيان للمجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين الأحد بالعودة إلى خيار الحرب.

 

‏‎ودعا المجلس الأعلى للحوثيين الأمم المتحدة إلى “النأي بنفسها عن شرعنة الحصار المفروض على ‎اليمن” واستنكر ما وصفها بإجراءات عرقلة وصول السفن إلى ميناء الحديدة وحمّلها مسؤولية أي عرقلة.

 

وقال المجلس “للشعب اليمني الحق في التعامل مع أي تواجد عسكري باعتباره عدوانا واحتلالا، واتخاذ كل الخيارات لنيل الحرية الكاملة والاستقلال التام”. وأضاف “نؤكد رفضنا وإدانتنا للمساعي الأميركية لعرقلة التفاهمات بشأن صرف ‎رواتب الموظفين من ثرواتهم الوطنية”.

 

وتابع “نؤكد على وحدة ‎اليمن ورفضنا للتواجد العسكري الأجنبي على الأراضي اليمنية بما فيه الأميركي والبريطاني والسعودي والإماراتي”.

 

وسرع الحوثيون من وتيرة تعزيز مكاسبهم الاقتصادية جراء حالة التهدئة المرتبطة بمفاوضات تمديد الهدنة الأممية، بالتوازي مع تلويحهم بالعودة إلى خيار العنف في حال فشلت المفاوضات نتيجة رفض الشرعية اليمنية لقائمة الاشتراطات الحوثية التي توصف بالمجحفة.

 

وفي هذا السياق اتهم نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن في حكومة الحوثيين جلال الرويشان ما وصفها بالأطراف الأخرى بالمسارعة إلى وضع عراقيل أمام العجلة التي كانت تأمل جماعته أن تحركها الوساطة العمانية، لافتا إلى أن “الكرة الآن في ملعب واشنطن ودول التحالف السعودي – الإماراتي”، حسب تعبيره.

 

وكشف عن أن الفترة الزمنية الماضية لم تحمل أي نتائج، داعيا المجتمع الدولي والإقليمي إلى تلبية الاشتراطات إنقاذا لعملية السلام قبل انهيارها.

 

وترتبط المناورات الحوثية على صعيد التهديدات برغبة الجماعة في انتزاع مكاسب دائمة قائمة على ما تعتقد أنها سياسة “توازن القوة”، حتى في حال فشلت جهود تمديد الهدنة الأممية.

 

وقال وزير النقل التابع للحوثيين في مؤتمر صحافي بمدينة الحديدة إن “من بين السفن 18 سفينة تتجه إلى موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى”، لافتا إلى أن “موانئ الحديدة، والصليف، ورأس عيسى (في محافظة الحديدة) باتت تستقبل كافة أنواع السفن المحمّلة بالمواد الغذائية والمشتقات النفطية والحاويات”.

 

وأشار الدرة إلى أن “الأرصفة مليئة بالسفن التي يتم تفريغ حمولاتها والعديد منها تنتظر في الغاطس لتدخل حيز التفريغ”. وأضاف “دخول السفن يتوالى يومياً، بما فيها سفن تصل لأول مرة محملة بالزيوت وغيرها، بما يكفل تغطية احتياجات 70 في المئة من أبناء اليمن عبر الحديدة”.

 

ويسعى الحوثيون لفرض سياسة أمر واقع في الجانب الاقتصادي من خلال فرض إجراءات جديدة تجبر الموردين على نقل أنشطتهم التجارية إلى ميناء الحديدة بدلا من ميناء عدن، في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على تخفيف آثار القرارات الحوثية التي ترافقت مع عمليات استهداف بالطائرات المسيرة لموانئ تصدير النفط في المحافظات المحررة.

 

وكشفت وثائق رسمية صادرة عن وزارتي النقل الشرعية والتابعة للحوثيين عن توجيه الطرفين رسائل شديدة اللهجة لشركات النقل البحري، هدّدا فيها بفرض عقوبات على أي من الشركات التي لا تنصاع للتوجيهات، ما يشير إلى وجود حرب اقتصادية محتدمة حول سلطات الموانئ في المناطق المحررة وتلك الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

 

وربط الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى بين التصعيد الاقتصادي وتعثر الجهود الدولية لتمديد الهدنة الأممية، مشيرا إلى أن ما يحدث بعد أكثر من أربعة أشهر على فشل مساعي تمديد الهدنة يندرج ضمن توجه الإعلام الحوثي إلى إعطاء صورة عن تحقيقهم (الحوثيين) مكاسب جديدة نتيجة تنازلات تقدمها الحكومة الشرعية مقابل قبولهم بالتمديد بهدف منح المواطنين في مناطق سيطرتهم جرعة من الأمل بتحسن الأوضاع المعيشية وصرف الرواتب المنقطعة إثر تصاعد مؤشرات سخط واسع على استمرار انقطاعها منذ سنوات في المحافظات تحت السيطرة الحوثية.

 

ولفت مصطفى إلى أن دخول السفن إلى موانئ الحديدة كان يسير بشكل طبيعي منذ بدء الهدنة العام الماضي واستمر بعد انقضائها دون تمديد، إلا أن التطور الجديد في زيادة أعداد السفن الواصلة إلى هذه الموانئ جاء نتيجة إجراءات حوثية داخلية اتخذتها وزارة النقل الحوثية خاطبت بموجبها الشركات اليمنية وكيلة الخطوط الملاحية محذرة من رسو السفن التي يمثلونها في الموانئ تحت سيطرة الحكومة الشرعية ومتوعدة بإيقاع عقوبات على الشركات التي تخالف ذلك.

 

ودفع هذا الوضع، وفق مصطفى، الشركات الملاحية والمستوردين إلى تغيير وجهتهم من ميناء عدن إلى الحديدة وهو إجراء حوثي يزيد من العقبات أمام جهود تمديد الهدنة وينذر بعواقب إنسانية إذا ما لجأت الحكومة اليمنية إلى اتخاذ موقف مماثل تجاه الشركات الملاحية التي استجابت للتهديد الحوثي.

 

وأشار مصطفى إلى أن الجماعة الحوثية تستخدم أدوات ضغط اقتصادية جديدة ضد الحكومة الشرعية التي تبدو بطيئة ومرتبكة أمام مواجهة التحديات الجديدة والتهديدات الحوثية للاقتصاد منذ ما بعد قصف الحوثيين لموانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة، وتستبعد الجماعة الموالية لإيران اتخاذ الشرعية رد فعل مماثل تجاه الإجراءات الاقتصادية العدائية كون ردود الأفعال ستدخل الوضع الإنساني المتردي في مرحلة خطرة من زيادة التدهور يصعب معالجتها في أمد قصير.

 

وعن الإجراءات الحوثية التي تدفع المستوردين إلى استبدال الموانئ في المناطق المحررة بموانئ تحت سيطرة الحوثيين، أضاف مصطفى “وضعت الجماعة نقاطا جمركية بين المحافظات لإرغام التجار على دفع الرسوم الجمركية مرة أخرى عند نقل البضائع من محافظات تحت سيطرة الشرعية إلى مناطق سيطرتها وهو ما يزيد بشكل كبير من كلفة البضائع التي يتم إنزالها في موانئ الحكومة ويُنقل جزء منها إلى مناطق سيطرة الحوثيين، فتلجأ الشركات لتخفيف الكلفة الزائدة إلى إنزالها في موانئ تحت سيطرة الحوثيين وتعيد نقل جزء منها إلى المناطق المحررة”.

 

وحول انعكاس هذه القرارات، أوضح "تحاول الميليشيات الحوثية حرمان الحكومة الشرعية من العائدات الجمركية وعائدات الموانئ بعد أن أثرت بشكل كبير على عائداتها من النفط الخام بقصف موانئ تصديره، لكن تبقى زيادة معدل السفن الواصلة إلى موانئ الحديدة الثلاثة بعيدة عن إجراءات تمديد الهدنة، بل تعقّد المساعي للتهدئة أكثر خاصة مع التصعيد الحوثي العسكري المتكرر في أكثر من منطقة".