ثورة 14 اكتوبر .. ملحمة نضالية ملهمة

كريتر سكاي/خاص:

تعتبر ثورة 14 اكتوبر الخالدة التي نحتفل بعيدها الـ61 ملحمة نضالية للحرية والكرامة وترجمة لسلسلة طويلة من الانتفاضات الشعبية بدأت مع إنزال المستعمر قواته في ميناء عدن في 19 يناير 1839 وأستمرت على مدار 129 عاماً لتتوج بنيل الاستقلال الناجز في 30 نوفمبر 1967.

وحملت هذه الثورة التي فجرها المناضل الشهيد راجح لبوزة من جبال ردفان الشامخة عام 1963م في طياتها دروساً عظيمة عن معاني التضحية والفداء وتحقيق إرادة الشعوب في نيل حريتها التي إنتزاعها بسلاح العزيمة والتلاحم والصبر والجلد.

فمنذ الساعات الأولى للغزو البريطاني بدأت معارك الدفاع عن عدن بمواجهة قوات الغزو التي تمكنت من الانتصار بسبب فارق التسليح العسكري بين الطرفين .

وبرغم تهديدات المستعمر وسياسات الترهيب والقمع الوحشية التي إنتهجها لكسر الغضب الشعبي، إلا أن الإصرار على مقارعته واقلاق مضاجعه زاد وتوسعت عمليات المقاومة بداية من الأرياف في الشطر الجنوبي وصولاً إلى محافظة عدن التي كانت مركزاً لمعارك ثقافية وفكرية وسياسية وحتى فدائية ضد المستعمر وسياساته .

وتنوعت عمليات المقاومة بين فردية قام بها مناضلون ضد مندوبي المستعمر خاصة في محمية الضالع ومعارك وإنتفاضات مسلحة منها وليس كلها انتفاضة بن عبدات بحضرموت ونقيل باعزب بالعوالق السفلي والحمراء في ردفان والحميري في منطقة الواحدي سابقاً إلى جانب ثورة الرجيعة وإنتفاضة مليط بالصبيحة وإنتفاضات الفاطمي والحارثي في بيحان وحسين المجعلي في دثينة والدماني في العواذل وغيرها من الثورات .

ويؤكد المناضل الراحل مهدي عثمان المصفري، خلال شهادته في ندوة الثورة اليمنية الثالثة التي نظمتها دائرة التوجيه المعنوي منتصف أكتوبر 2002م أن هذه الإنتفاضات التي أورد تواريخها كان لها أثرها في تطور الحركة الوطنية ضد الإستعمار في مختلف المواقع اليمنية جنوبا .

بالتزامن فإن عدن على الرغم من طبيعتها المدنية كانت هي ايضاً تشهد محاولات وفعاليات وملاحم ومآثر ذات صبغة وطنية ثم سياسية منظمة وفعاليات عمالية وطلابية ونسائية وتفاعلات تضامنية ومصيرية بفعل التأثر والتأثير يمنياً وعربياً وإسلامياً .

ويذكر المناضل الأكتوبري الراحل ابوبكر شفيق الذي كان أول محافظ لعدن عقب الإستقلال، إشتراك أهالي ومشائخ وعلماء عدن مع الجنود المدافعين عن عدن ضد الغزو البريطاني، مشيراً إلى الإنتفاضة العارمة التي عمت كل أرجاء عدن.

ولفت المناضل شفيق الذي كانت أحد منتسبي القطاع الفدائي إلى أن فترة الخمسينات من القرن الماضي شهدت مخاضاً وإرهاصات وفعاليات وطنية بصورها السياسية والنقابية والطلابية محلياً للتفاعل مع القضايا العربية والإسلامية، منوهاً بالإضرابات العمالية المتكررة التي نفذت لإنتزاع الحقوق المعيشية للعمال ورفضاً لسياسات المستعمر والإحتجاجات المتواصلة تضامناً مع أحداث الشطر الشمالي والقضايا العربية والإسلامية .

ويظهر سرد هذه الأحداث من المناضلين المصفري وشفيق مدى التلاحم والإرادة الشعبية في الشطر الجنوبي ورفض الإنسلاخ عن واقعه اليمني والعربي والإسلامي والدفع نحو إطلاق ثورة مسلحة في 14 اكتوبر 1963 لاستكمال تحرير جزء غالٍ خاصة بعد نجاح ثورة 26 سبتمبر عام 1962 في تحرير في الشطر الشمالي للوطن .

ويجسد تتابع الثورتين السبتمبرية والاكتوبرية وإسناد ثوار الشطرين الشمالي والجنوبي لبعضهما حجم الترابط وواحدية المصير والنضال المشترك ورفض أبناء الشعب الواحد لسياسة التقسيم التي تضمنتها ما عرف حينها بمعاهدة الإنجلو - عثمانية التي رسمت حدوداً شطرية بين الشمال والجنوب، لتتوج هذه الملحمة النضالية باعلان الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م .

ولعل الوضع الصعب الذي تعيشه بلادنا بسبب انقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية على السلطة الشرعية ورفضها جهود السلام وإصرارها على إطالة أمد الصراع المستمر منذ عشر سنوات، يحتم على اليمنيين استحضار قيم ثورة الرابع عشر من أكتوبر واستلهام دروسها في نضالهم ضد هذه الميليشيات التي تريد العودة إلى سنوات الجهل والتخلف وإدخال المستعمر إلى بلادنا ليس بالآلة العسكرية ولكن بالأفكار والمشاريع الطائفية والسلالية القائمة على التفرقة والعنف والتطرف .

ويعد التلاحم الشعبي والإصطفاف الوطني خلف القيادة السياسية ممثلاً بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة فخامة الرئيس رشاد محمد العليمي، أفضل تجسيد لقيم ثورة ١٤ اكتوبر العظيمة والخالدة ويحتاجها اليمنيون بمختلف فئاتهم الحزبية والسياسية والثقافة والاجتماعية الان اكثر من اي وقت مضى لإسناد القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها العسكرية والأمنية في معركة مصيرية وجودية تقضي على مشاريع الرجعية والتفرقة وتعيد الجمهورية.

 سبأنت