جهود وزارة الصناعة وهيئة المقاييس: درع حماية الأسواق من السلع المقلدة والمهربة

كريتر سكاي: وحيد الفودعي

 

يتابع المستهلك اليمني بترقب وإشادة ما تقوم به وزارة الصناعة والتجارة وهيئة المقاييس في عدن من إجراءات حازمة لضبط السلع المقلدة والمهربة التي تغزو الأسواق، والتي تشكل تهديداً مباشراً لحياة المواطنين واقتصاد البلاد. هذه الخطوات التي أثارت اهتمام المجتمع تمثل نقلة نوعية في مواجهة أحد أكبر التحديات التي تواجه الأسواق المحلية، لما لهذه السلع من أثر مدمر يمتد من الإضرار بصحة المستهلكين إلى تقويض الاقتصاد الوطني ودعم أنشطة غير قانونية تهدد الأمن والاستقرار.

التحركات الأخيرة التي تقودها الوزارة بالتعاون مع هيئة المقاييس ليست مجرد استجابة عابرة، بل تعكس إدراكاً حقيقياً لحجم المشكلة وخطورتها، مما يجعلها خطوة أولى في مسار طويل يتطلب دعماً مستمراً وجهوداً جماعية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

وتشكل السلع المقلدة والمهربة تهديداً متزايداً يعصف بالاقتصاد الوطني ويضع صحة وأمان المجتمع على المحك. فهذه الظاهرة لا تتوقف عند حدود التأثير على الأسواق والمستهلكين فقط، بل تمتد إلى أبعاد أكثر خطورة تشمل تدمير الصناعات المحلية، وتعريض الدولة لخسائر مالية ضخمة، وفتح المجال أمام أنشطة غير قانونية قد تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. دخول هذه المنتجات بطرق غير مشروعة يجعلها أشبه بقنبلة موقوتة تنفجر آثارها على المستوردين، الشركات، والمستهلكين على حد سواء، فيما تستغل شبكات التهريب ضعف الرقابة لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب الصالح العام.

تؤثر هذه الظاهرة أيضاً على إيرادات الدولة، إذ تُفقد مبالغ كبيرة من الجمارك والضرائب التي يمكن أن تساهم في تحسين الخدمات العامة والبنية التحتية. ولا يقتصر التأثير السلبي على الاقتصاد فقط؛ بل يمتد إلى الجوانب الأمنية والاجتماعية، حيث تُستخدم أحياناً شبكات التهريب لتمويل أنشطة غير مشروعة مثل الجريمة المنظمة والإرهاب.

إلى جانب ذلك، فإن السلع المقلدة، خصوصاً المنتجات الطبية والغذائية، تمثل تهديداً مباشراً لحياة الناس، إذ تفتقر إلى المواصفات والمعايير المطلوبة. كما أن هذه المنتجات تشوه صورة العلامات التجارية الأصلية، مما يسبب خسائر فادحة للشركات التي تستثمر في الابتكار والجودة.

في هذا السياق، برزت الجهود المشتركة بين وزارة الصناعة والتجارة وهيئة المقاييس في عدن كخطوة رائدة لمواجهة هذا التحدي. الحملة الرقابية الميدانية التي أطلقتها الوزارة بالتعاون مع الهيئة تمثل نقطة تحول في ضبط الأسواق والتصدي للسلع المقلدة والمهربة. حيث أعلن راشد حازب، وكيل الوزارة لقطاع الخدمات، أن الحملة ستبدأ في عدن وتمتد لاحقاً إلى جميع المحافظات المحررة. وتأتي هذه الخطوة كجزء من الجهود الرامية إلى التصدي للسلع المقلدة والمهربة، وحماية المستهلكين وتعزيز الاقتصاد الوطني.

ومع ذلك، أشار حازب إلى أن هذه الحملة ستكون نصف سنوية، وهو ما يمثل إشكالية في مواجهة مشكلة ذات طابع مستمر ومتغير. من الضروري أن تكون الحملات الرقابية دائمة ومستدامة، مع تعزيز دور الجهات الرقابية وزيادة التنسيق بين مختلف الأجهزة الحكومية. كما يجب إشراك القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في هذه الجهود لضمان فعالية أوسع وتأثير أكبر.

يجب أن تحظى هذه الحملة بدعم قوي من كافة فئات المجتمع، بدءاً من المؤسسات الحكومية المعنية التي يجب أن توفر الدعم اللوجستي والمالي للحملة، وصولاً إلى القطاع الخاص الذي يجب أن يشارك بفعالية في حماية حقوق الملكية الفكرية والمساهمة في تعزيز الرقابة على الأسواق. بالإضافة إلى ذلك، فإن توعية المواطنين بدورهم في الإبلاغ عن السلع المقلدة والمهربة أمر بالغ الأهمية. إن التعاون المجتمعي يسهم في تقليل الطلب على هذه المنتجات ويضعف شبكات التهريب تدريجياً.

ولا بد أن يشمل الدعم أيضاً وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني لتسليط الضوء على خطورة هذه الظاهرة وتعزيز الوعي بمخاطرها على الصحة والاقتصاد. إن تنسيق الجهود بين جميع الجهات ذات العلاقة من شأنه أن يرفع مستوى نجاح الحملة ويضمن تحقيق أهدافها على المدى الطويل.

وفي الختام، فإن مكافحة السلع المقلدة والمهربة تتطلب استراتيجيات شاملة وطويلة المدى تشمل تعزيز التشريعات، تحسين آليات الرقابة، ورفع وعي المجتمع بخطورة هذه الظاهرة. فقط عبر التعاون الجاد والمستمر يمكن حماية الاقتصاد الوطني والمجتمع من هذا الخطر المتزايد.