جميح متسائلا: لماذا على إيران الرد بنفسها على هذا الأمر ؟
تساءل السياسي محمد جميح لماذا على إيران أن ترد بنفسها على اغتيال إسرائيل لقيادات عسكرية كبيرة؟واضاف...
يحاول الرئيس اليمن الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، الوقوف دائما في منطقة خاصة به في التعاطي مع مختلف القضايا والتطورات اليمنية، وفي حوار خاص مع “العرب” يؤكد أنه لا يزال يمارس العمل السياسي وفقا لمنظوره الخاص ورؤيته للتحولات المتسارعة في المشهد اليمني.
ويقدم علي ناصر محمد، الذي يشغل حاليا منصب رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، بين الحين والآخر بعض المقترحات والمبادرات المتعلّقة بالأزمة اليمنية ومن ذلك القضية الجنوبية التي يرى أن الحل المناسب لها يكمن في دولة اتحادية من إقليمين.
وعن الصراع الجنوبي – الجنوبي يؤكد علي ناصر أن الجنوب تجاوز بالتصالح والتسامح تلك الأزمة، مشيرا إلى وجود قوى ضد التصالح الجنوبي، وهي تشعر بأن ذلك يشكل خطرا عليها وعلى مصالحها، وتبذل كل ما في وسعها لإشعال فتنة جنوبية – جنوبية.
تتطابق رؤية علي ناصر محمد حول فرص نجاح المشاورات اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة مع رؤية العديد من الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي والتي تستبعد وجود أي حل للأزمة اليمنية خارج إطار المسار السياسي.
وفي ما يتعلق بتلك النقطة تحديدا وإمكانية تحقيق أي اختراق سياسي بين الفرقاء اليمنيين في ظل التحولات السياسية والعسكرية التي تعصف بالملف اليمني، يقول علي ناصر محمد إن “العالم كله يبحث عن حل سياسي للحرب في اليمن. بعد أربع سنوات من الحرب تقريبا بات العالم على قناعة بأن لا حسم عسكريا لها. وأن ثمن ذلك باهظ ومكلف على كل الأطراف بشريا وماديا، ونتائجها وخيمة ومأساوية على الصعيد الإنساني والاقتصادي وحتى الاجتماعي على اليمنيين أكثر من غيرهم”.
ويضيف أن “العالم كله يشعر بفداحة الحرب وبخطورة استمرارها، وبعجز كل الأطراف عن حسمها عسكريا، وسبق أن أكدت أن المنتصر فيها مهزوم. إذن لا بد من حل سياسي وسلمي ووضع نهاية لهذه الحرب المدمرة”.
يشير علي ناصر محمد إلى أن الأطراف اليمنية باتت أقرب من أي وقت مضى إلى قناعة مفادها التوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب لكن وفقا لشروطها، حيث يقول “يبدو أن كل الأطراف في هذه الحرب باتت على يقين بمثل هذا الحل لقناعتها بأن الحسم العسكري وهزيمة الآخر باتا مستحيلين، ولا مناص من حل سلمي يضع نهاية للحرب، لكن كما يبدو أن كل طرف يريد حلا بشروطه هو دون تقديم تنازلات. وعادة في الحلول السياسية من هذا النوع لا بد من تقديم تنازلات سياسية وعسكرية، والتنازلات تكون أحيانا مؤلمة لكن لا بد منها، لتجنب كارثة أكبر ولإنقاذ الوطن”.
ويضيف “في وقت ما بدا أن حوار الكويت بين الشرعية وأنصارالله (الحوثيين) الذي استغرق نحو ثلاثة أشهر يمكن أن يحمل الأمل في وقف الحرب وتقديم حل سياسي يرضي الطرفين، لكن تفاؤل الناس لم يكن في محله لأنه ثمة تجار حروب لا يريدون نهاية سريعة للحرب وهؤلاء كوّنوا ثروات من الحرب، ولا يزالون، على حساب أوجاع الشعب اليمني”.
وفي تعليقه على جدوى جولات الحوار التالية التي تلت مشاورات الكويت، يرى علي ناصر محمد أن “جنيف الأولى لم تقدم حلا. اجتمع الطرفان، واعتبر البعض ذلك فرصة لكنه كان مجرد محاولة لكسب الوقت من ناحية، وإثبات أنه طرف معترف به من المجتمع الدولي لإثبات شرعيته، وليس لتقديم تنازلات، أو القبول بحل، أو صنع سلام”.
في رده على سؤال حول الجدل الذي أثير بشأن تمثيل الحراك الجنوبي في مشاورات جنيف 3 والتي انتهت باستبعاد أي طرف من المشاركة عدا الشرعية والحوثيين، يؤكد علي ناصر محمد أن القضية الجنوبية هي حجر الزاوية في أي اتفاق للحل في اليمن.
ويقول “فشل حوار الكويت، وتولت الأمم المتحدة ملف الحرب في اليمن، وتوالى على المنطقة ثلاثة مندوبين للأمين العام وقابلوا كل الأطراف والمعنيين من دول التحالف، وطيفا واسعا من السياسيين وأصحاب الرأي من المجتمع المدني بما في ذلك من الحراك الجنوبي. لكن حين التفاوض فقد اقتصر التمثيل على الشرعية و’أنصار الله’ واستبعدت كل الأطراف الأخرى”.
ويضيف “في رأيي لا يمكن إيجاد حل لأزمة اليمن دون إيجاد حل عادل للقضية الجنوبية. هذه حقيقة ومسلمة يستحيل تجاهلها، وبات المجتمع الدولي يزداد قناعة بها يوما بعد يوم بدليل أن الممثل الأممي يلتقي بكافة أطراف الحراك الجنوبي ويستمع إليهم وفي مرحلة ما لا بد أن يشتركوا في أي مفاوضات للحل النهائي”.
في ما يتعلق برؤيته لمستقبل الحراك الجنوبي في ظل المعطيات السياسية المتسارعة، يبدو علي ناصر محمد أكثر تفاؤلا لكنه يحذّر في الوقت نفسه من أي خلافات بين الأطياف الممثلة للقضية الجنوبية والمنضوية تحت لافتة الحراك الجنوبي.
ويقول “في ما يتعلق بمستقبل الحراك الجنوبي. جرت محاولات كثيرة لتمزيقه وتشتيته، لكن الحراك الجنوبي هو حركة جماهيرية واسعة وشاملة لا يمكن احتواؤها في عدة مكونات مهما كثرت وحملت من أسماء. إنها قضية شعب. وقضية عادلة لا يمكن تجاهلها أو القفز عليها وتملك من عناصر القوة والبقاء ما لا يخطر ببال أحد. ولا خوف على الحراك الجنوبي. عليه فقط أن يحافظ على وحدته، ففي ذلك قوته وانتصاره وفي استمرار صراعاته وخلافاته مقتله. وهذا ما أكدت عليه في لقاءاتي مع المجلس الانتقالي في أبوظبي وبقية القوى الجنوبية الأخرى.”
وفي رده على سؤال حول وجود مؤشرات على صراع جنوبي – جنوبي تلوح في عدن بين الحين والآخر واحتمالية أن يكون هذا الصراع امتدادا لصراع 1986 الذي كان طرفا فيه، أجاب علي ناصر “تلك أمانيهم.. الجنوب تجاوز بالتصالح والتسامح تلك الأزمة ونأمل ألا تتكرر. هناك قوى ضد التصالح والتسامح الجنوبي، وتشعر بأن ذلك يشكل خطرا عليها وعلى مصالحها، وهذه القوى تنفخ في الكير والبورزان، وتبذل كل ما في وسعها لإشعال فتنة جنوبية – جنوبية. وبكل خبث تستدعي أحداث يناير 1986 نقول لهم: لا تحلموا كثيرا خيطوا بغير هذه المسلة، لأننا واثقين من وعي شعبنا بهذه المخاطر”.
لا يبدو علي ناصر محمد متحمسا لمطلب فك الارتباط بين شطري اليمن حيث لازالت رؤيته للحل الشامل في اليمن وطريقة احتواء تداعيات أهم ملفين عالقين، وهما القضية الجنوبية وأزمة الحوثيين، يتمحوران حول جولة يمنية اتحادية من إقليمين.
ويؤكد بقوله “مازلت على قناعة، حتى تأتي معطيات أخرى، بأن دولة اتحادية من إقليمين في اليمن هو الحل الأسلم. وهذه الرؤية هي التي قدمها المؤتمر الجنوبي الأول في القاهرة، ولو أخذ بها في حينها كنا جنّبنا البلد هذه الحرب المدمرة. مازلت على هذه الرؤية حتى يأتي ما يغير قناعتي تلك أو من يأتي بأفضل منها يرضَى به الشعب”.
وحول رفضه حتى الآن العودة لممارسة العمل السياسي والانخراط في العملية السياسية بشكل رسمي، وهل بات الوقت مناسبا لهذه الخطوة، يرفض علي ناصر محمد الفرضية التي قام عليها السؤال في إجابة استنكارية قال فيها “ممارسة السياسة لا تحتاج إلى إعلان رسمي، ولا إلى موافقة من أحد. وإذا كان ما أقوم به ليس سياسة، فما هي السياسة إذن؟”.
سألت “العرب” علي ناصر محمد حول أبرز السيناريوهات التي يتوقعها لمآلات الحرب في اليمن انطلاقا من خبرته السياسية الطويلة، فأجاب “من تجارب التاريخ، وتجارب الحروب لا يوجد سوى مآلين لأي حرب. نصر وهزيمة. وعندما يستحيل ذلك، فإن المآل هو الحل السلمي. هذا باختصار ودون الدخول في النماذج والتفاصيل”.
وفي ذات السياق وحول اعتزامه تقديم مبادرة للحل في اليمن وما هو تقييمه لأداء الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية وهل فعلا تحول الصراع في اليمن إلى صراع طائفي، فضل علي ناصر الإجابة على الشق الأول من السؤال فقط قائلا “تقدمت بمبادرة للحل السياسي في مؤتمر ‘فالداي’ في موسكو، ومازلت على قناعة بأن تلك المبادرة هي محاولة صالحة لحل الأزمة اليمنية ووضع حد للحرب. لكن أي مبادرة تحتاج إلى توافق محلي وإقليمي ودولي”.
في ختام الحوار، وجه علي ناصر محمد رسالة إلى الداخل اليمني عبر فيها عن تصوره لنهاية الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي تمر بها البلاد قائلا إن “اليمن يمر بأسوأ مرحلة في تاريخه الحديث”.
وأضاف “انهارت الدولة بكل مؤسساتها من جيش وأمن واقتصاد وصحة وتعليم وعملة، وانتشرت الأمراض والكوليرا والمجاعة وسوء المعيشة والمخدرات، وأصبح أكثر من 80 بالمئة من السكان تحت خط الفقر بل إن البعض منهم أصبح يتناول أوراق الشجر لسد رمقه، بينما استشرى الفساد في كل مفاصل الدولة في غياب القيادة خارج الوطن التي لا تهتم إلا باقتسام السلطة والثروة في غياب المحاسبة القانونية، وانتشرت الميليشيات والعصابات والاغتيالات والقاعدة والإرهاب في المدن والقرى والأرياف، وأصبح في اليمن أكثر من رئيس وأكثر من حكومة وأكثر من جيش، وفي تقديري أن حل هذه المشكلة ورد الاعتبار للدولة هو بوقف الحرب، وإلا سيصبح من الصعب على الجميع السيطرة على اليمن”.
كما وجه رسالة أخرى، مهنّئا فيها “اليمنيين بمناسبة الذكرى الـ55 لثورة 14 أكتوبر” وطالب الحكومة اليمنية بأن تعود إلى عدن لتحتفل بهذه المناسبة بدلا من توجيه الخطابات عبر الفضائيات وأن يشارك الجميع في هذا الاحتفال التاريخي الهام وفاء لمبادئ هذه الثورة وتجسيدا لمبدأ التصالح والتسامح.
وحذر من استخدام هذه المناسبة لإثارة أي خلافات أو انقسامات في صفوف الشعب الذي دفع ولا يزال يدفع الثمن جراء الصراعات والحروب.