الصحفي بن لرزق يرد على عضو في جماعة الحوثي: إدارة طريقة أحداث 2011 كانت خاطئة وعليك الإعتراف بأن جماعتك كانت سبببا لاندلاع الحرب

عدن(سكاي كريتر) خاص

رد الصحفي الجنوبي فتحي بن لزرق على عضو جماعة الحوثي محمد البخيتي.


ورد بن لزرق بمقال تحت عنوان #باحثون_عن_مخرج...


نص المقال: 


العزيز / محمد البخيتي  .

اطلعت على رسالتك الأخيرة الموجهة لي والتي حملت عنوان (رسالة إلى الأخ فتحي بن لزرق).


ثق أخي الكريم بداية إننا وان اختلفنا وتحاربنا إلا إننا كيمنيين علينا الإقرار بان اليمن لن تخرج ولو بعد عشر سنوات من اليوم إلا بتوافق سياسي يمني حقيقي يضمن تمثيلا عادلا لكل الأطراف .

بعد أربع سنوات كاملة من الحرب اعتقد ان كل الأطراف وصلت إلى قناعة تامة ان لغة السلاح لم تعد مجدية فأوهام السيطرة على اليمن  التي انطلقت منها جماعة الحوثي في بداية الشهور الأولى للحرب انقشعت اليوم وتآكلت وسقطت وأوهام استباحة اليمن والسيطرة عليه من قبل التحالف العربي ضربت في الصميم وتبين أنها هي الأخرى هي أوهام لاطائل منها.

لقد سقطت الدولة فعليا في الـ 11 من فبراير 2011 وماتلاها من أحداث لم يكن إلا تحصيل حاصل لعمليات انهيار متواصلة للدولة وشكلها وسيادتها وحضورها وقوتها والتي انتهت لاحقا بسقوط الدولة بيد جماعة أنصار الله .


ودعني هنا أجمل لك مكامن الخلل والمشكلة وأشير لاحقا إلى الحل من وجهة نظري.


لقد كانت المشكلة الأولى في اليمن هي اختلالات مابعد حرب صيف 1994 والتي أسقطت الشكل الحقيقي للشراكة السياسية والوطنية بين الجنوب والشمال ورغم ان النظام الحاكم حينها يملك قدرة إيجاد الحل السياسي والحقيقي لليمن ومشاكلها إلا ان الكثير من الإشكاليات والممارسات حالت دون ذلك .

ولاحقا ظهرت إلى السطح عقب العام 2002 مشكلة صعدة وحروبها الستة حتى العام 2009 وماشكلته من حالة احتقان وبروز دعوات التمرد وإسقاط الدولة التي تواصلت لاحقا.

وفي حين ذهب الجنوبيون إلى استدعاء النزعة الجنوبية والذهاب إلى استدعاء التاريخ السابق لدولة الجنوب ذهب الحوثيون إلى استدعاء التاريخ لكن عبر  البوابة الدينية  والاحقية الإلهية للطائفة الهاشمية بالحكم وخلافه من هذه الأمور.

وبعد أكثر من 10 سنوات على الاستدعاء الجنوبي للتاريخ السياسي والاستدعاء الشمالي للتاريخ والحق الإلهي الديني نجد إننا نقف اليوم أمام حالة تشظي كبيرة من حالات الاستدعاء مابين استدعاء مأربي وأخر تعز وتهامي وأخر حضرمي وأخر مهري وسقطري وقد نصل بعد عامين من اليوم إلى حالات استدعاء كثيرة للتاريخ والحقوق وتصبح كل قرية يمنية تطالب بحقوقها منفردة .

لقد مثلت أحداث 2011 باعتبارها تحرك احتجاجي شعبي نادى بإصلاح الأوضاع جنوبا وشمالا بداية التحرك الحقيقي في ظاهره لإصلاح الأوضاع لكن الطريقة التي أديرت بها حركة التحرك الشعبية كانت خاطئة وكانت المالات مفزعة بداية بانهيار الجيش والاقتصاد وتسليم البلاد لاحقا للرئيس عبدربه منصور هادي .

لقد كانت واحدة من أهم إخفاقات اليمنيين في العصر الحديث هي هروب كل الأطراف اليمنية التي شاركت في أحداث 2011 من الاستحقاقات السياسية الحقيقة للخروج باليمن صوب تسوية سياسية يمنية حقيقية .

كان اتفاق المبادرة الخليجية أشبه بمحاولة إنقاذ غريق بعرض البحر بقطعة خشب لااكثر ستغمره المياه بأي لحظة لذا كان اتفاقا لحظيا لم يؤسس لخروج امن لليمن وشعبها من حالة الانهيار التي شهدتها البلاد يومها.

وبسبب هذا الاتفاق المشوه العاجز سلمت البلاد لشخوص غير آهلين لإدارة البلاد فعليا وهنا ظن المؤتمريون وصالح أنهم سيعودون للحكم لاحقا وظن الاصلاحيون انه بتنحي صالح ان فرصتهم للحكم سنحت واعتقد الحوثيون انه بضعف الدولة وغياب شخصها القوي ان بإمكانهم السيطرة عليها وحكم اليمن وغرق الجنوبيون من جانب في المواصلة بالمطالبة بانفصال الجنوب دونما رؤية ولاهدف ولاقيادة موحدة .

وانطلاقا من ذلك ذهب كل طرف إلى رفع معولة ليضرب به جسد الدولة اليمنية المتهالكة ، فذهب الاصلاحيون إلى تفكيك قوات الجيش ظنا منهم أنهم بذلك يقطعون الطريق على صالح العودة إلى الحكم عبر بوابة الجيش وذهب المؤتمريون إلى البحث عن قوة سياسية جديدة يمكن لهم العودة عبرها إلى الحكم وذهب الحوثيون إلى تكوين قواهم العسكرية استعدادا للانقضاض على الدولة وغرق الجنوبيون شعاراتهم ولم يمثلوا تمثيلا حقيقيا في المرحلة التي تلت العام 2011 ، وواصلت إدارة الرئيس هادي شتاتها وعدم قدرتها على ان تكون البديل الحقيقي لشكل الدولة ورئيسها .

لقد كانت الدولة تتآكل بسبب عدم وجودة قيادة سياسية حقيقة يمكن لها ان تخرج البلاد صوب مخرج حقيقي وكانت كل الأطراف السياسية تخوض سباقا سياسيا للصراع على اليمن لا لأجله .

ولذلك بدأ واضحا وجليا ان اليمن كانت بحاجة إلى تسجيل حضور الدولة مثلما كان عليه الأمر  قبل 2011 لكي تتجنب الانهيار وفي مواجهة ذلك كان الرئيس هادي مشغولا بتسجيل حضوره كرئيس بينما كانت مؤشرات الانهيار والتصدع واضحة للعيان فالجيش يتهاوى والاقتصاد يتراجع والفساد يتفشي والإحباط لدى العامة يتوسع والنزعة المناطقية القروية تتعالى والحديث بصفة الخاص تعلو على الحديث بصفة العام.

وجاء مؤتمر الحوار على أمل ان يضع حلا حقيقيا لليمن ومشاكله ولكن المؤسف ان كل الأطراف السياسية والمتصارعة على الأرض كانت ترى في مشاريعها الخاصة القدرة على التحقيق لذلك لم يولى المؤتمر ومخرجاته أي اهتمام فجنوبا كان الجنوبيون يشعرون ان فرصة الانفصال باتت اقرب من أي وقت مضى وفي شمال الشمال كان الحوثيون يرون ان فرصة الانقضاض على الدولة سانحة وان تكرار تجربة 1994 يجب إلا تفوت وظن الاصلاحيون ان مخرجات مؤتمر الحوار ستطبق وستفرض سيطرة طويلة لهم على اليمن وظن صالح واتباعه ان الدفع بأي قوة سياسية وعسكرية للسيطرة على اليمن يمكن التخلص منها لاحقا وعودته منقذا.

كانت كل الحسابات وللأسف الشديد خاطئة فالبلاد تواجه حالة انهيار كاملة تفوق كل الحسابات السياسية .

وعلى الضفة الأخرى دعم السعوديون مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وظنوا أنهم بالتضييق على الطائفة الزيدية ومنحها إقليما ليس فيه إلا الحجارة والسماء سيحجمون ويقلصون نفوذ عدو محتمل وبسبب ذلك دفعوا الكثير إلى مساندة الحوثي ودعم قوته ونفوذه .

وتسارعت الأمور وصولا إلى سقوط  محافظة صعدة بيد جماعة الحوثي وصولا إلى امتداد نفوذ الجماعة إلى محافظات أخرى وبينما كان يستوجب الأمر تدخلا عاجلا من الرئيس هادي ،تعامل الرجل بسلبية شديدة ولم يكن مؤهلا فعليا لإدارة الوضع السياسي داخل البلاد .

كان هادي يتعامل مع الوضع بانتهاج سياسة المسكنات في مواجهة خطر كبير ، اقترب الحوثيون من صنعاء وحينما حاول الاصلاحيون الالتفات إلى الجيش والاستعانة به كان الجيش ممزقا يبحث عن رجل قوي يقوده.

دمر الاصلاحيون بين 2011 و2015 الجيش كمؤسسة عسكرية سيادية حقيقة وحينما لجئوا له لم يكن إلا بقايا ألوية متناثرة يقف العسكريون على أبوابها نهاية كل شهر لاستلام مرتباتهم .

وتغيب "الجنوبيون" وغيبوا عن المشهد السياسي والعسكري حينها ومثلوا تزييفا في مؤتمر الحوار الوطني وادعى صالح الحياد ولذلك سارت قوافل الحوثي المسلحة سريعا صوب عمران ولاحقا صنعاء وتهاوت كافة المدن اليمنية بيد الحوثي.

كانت جماعة الحوثي أخر المغامرين سياسيا منذ 2011 وكانت اليمن أشبه بأمراة جميلة أراد الجميع مضاجعتها بلا ثمن.

أخي الكريم .

لقد تشاركت كل القوى السياسية اليمنية منذ تاريخ 11 فبراير 2011 في صناعة النكبات التي توالت وقبلها كان نظام صالح الصناع الاول لهذه النكبات وبدلا من ان تكون هذه الاحتجاجات الشعبية يومها فرصة للخروج بعقد مجتمعي وسياسي يتضمن حلا عادلا وحقيقيا لكافة المشاكل التي تواجه اليمنيين ذهب كل طرف لمحاولة الاستفراد باليمن وحكمه وهو الخيار الذي ثبت عدم جديته وجدواه ونحن نقترب من الذكرى الرابعة  للحرب في اليمن.

لقد اخطأ الاصلاحيون حينما جَيروا احتجاجات 2011 لصالحهم واخطأت القوى السياسية اليمنية حينما سلمت اليمن للرئيس عبدربه منصور هادي رغم إدراكها العميق ان الرجل سياسيا لايملك قدرة إدارة البلد واخطأت جماعة الحوثي حينما ظنت أنها تملك قدرة إدارة البلد منفردة .

لذلك فياعزيزي علينا الاعتراف بالتالي ان أردنا ان نعيد اليمن إلى وضعها الطبيعي .

الاعتراف أولا:  بان جماعة الحوثي وسلوكها ومحاولة انفرادها بالسلطة كانت سبببا رئيسيا لاندلاع الحرب واقتحام المدن ومحاولة السيطرة عليها.

الاعتراف ثانيا : بان لجوء أطراف الشرعية إلى استدعاء التدخل الأجنبي في البلاد لم يعد مثمرا وان الحرب أضرت باليمنيين أكثر مما أفادتهم وان الحل هو بتسوية سياسية يمنية شاملة تتضمن مشاركة لكل الأطراف وحقوقا متساوية ضمن نظام جمهوري ارتضاه الناس ولازالوا في 26 سبتمبر 1962 و14 أكتوبر 1963 ولازالوا.

الاعتراف ثالثا : ان كل المشاريع السياسية التي طفت عقب 2011 وحتى قبلها باتت غير قادرة على التحقق على ارض الواقع ومنها مشاريع الانفصال جنوبا وإدارة الدولة من قبل جماعة الحوثي شمالا ومحاولة التفرد التي أبداها حزب الإصلاح بالحكم عقب 2011 وفشل الإدارة السياسية التي تولت الحكم عقب 2011 وأنها باتت جزء أساسي من المشكلة وليست من الحل.

الاعتراف رابعا من قبل جماعة الحوثي ان لجوئها إلى الخيار العسكري وإسقاط الدولة كان خطأ وقعت فيه الجماعة وعليها الاعتذار للشعب والتقدم للمشاركة السياسية كطرف سياسي يمني له حق التمثيل الكامل بعيدا عن الاستقواء بقوة السلاح .

التأكيد رابعا على إننا في اليمن جزء من هذا المحيط الإقليمي العربي نرفض ان نؤذي هذا المحيط ونرفض له التدخل في شئوننا .

التأكيد خامسا ان الهوية الجامعة لليمنيين كافة هو شكل دولة جمهورية ديمقراطية عادلة يجلس اليمنيون كافة على طاولة تفاوض واحدة لتحديد شكلها بعيدا عن الإلغاء والمصادرة وظلم أي طرف وتأكيد كل الاطراف واولها جماعة الحوثي ان الشكل الجمهوري للدولة هو الشكل الحقيقي الذي يتفق عليه الجميع اولا.

لذلك وانطلاقا من كل ماذكر أعلاه فالحل يكمن هو الاعتراف كل الأطراف بارتكابها لأخطاء فادحة تجاه اليمن وشعبه خلال السنوات الماضية وإلغاء فكرة ان كل طرف يملك الحقيقة والصواب الكامل .

فهل تجرؤون يا أخ محمد في جماعة الحوثي الاعتراف أولا إنكم ارتكبتم اخطأ وممارسات قادت البلاد إلى هذا الوضع وهل تستطيعون التأكيد ان لديكم القدرة على ممارسة حضوركم السياسي بعيدا عن لغة الاستقواء بالسلاح في ظل نظام حكم جمهوري فإن  كان ذلك ممكنا فإننا نستطيع القفز إلى النقطة التالية لنبدأ مناقشة الحل هذا اولا .

دعنا نبدأ بداية من هذه النقطة .. الاعتراف بالاخطاء التي ارتكبتها جماعة الحوثي واقتراح المعالجات الحقيقية لها..

هل تجروء على ذلك؟


انتظر توضيحك 

فتحي بن لزرق

10 اكتوبر 2018