قضية مؤجلة(قصة قصيرة)

كريتر سكاي/خاص:

طوال الطريق.. وهو ذاهب للمحكمة.. كان يخرج يده من نافذة السيارة..ملوحا بها لكائنات على الطريق تتبدى له. وكانت الاشياء على الطبيعة تبدو نافلة ومهزوزة وكأنها ستقع..يمسك الآن بأوراق القضية.. ويلح عليه شعور بالانسحاب والانزواء بعيدا.. فليس هناك ثمة مشكلة اصلا.. ماذا يضيره لو اخذت هي حضانة الولد..؟لاشيء البتة.. بيد أنه يشعر بأمور أخرى  تقلقه.
يعلم الان أنه إذا مثل أمام القاضي فإن الولد سيهرول إليه باكيا. وهو لايريد أن يخذله.. وهي تصر  أن يكون  معها..
كان يخاف من دموعها.. من انهيارها العصبي.. فالبرغم من أنه قد طلقها ..إلا أن سطوتها ماتزال تفعل فعلها فيه.. وهكذا ماإن دخل المحكمة حتى تلا  القاضي القضية..ارتعشت فرائصه..لم تسعفه تلك الحجج التي لقنه إياها المحامي.. كلها انهارت أمام مرافعتها.. بصوتها الذي يربكه..
 كانت تبدي شراسة واصرارا انثويا في التمسك بحضانة الولد قائلة: هل يصلح بائع قات أن...
ولم تكمل الجملة.. 
في هذه الأثناء كان الولد بين احضانه ينظر إلى أمه بخوف.. كانت تقف بصلابة أمام القضاة.. وتصلح بين فينة وأخرى من شيدرها ..كان يسيطر عليه باعث قوي في الظفر بالقضية لصالحه.. كان ينظر إلى الاعلى وهو يرى أمنيته تتحطم ..لكم تمنى أن يمشي مع ولده هذا في السوق.. بين الباعة.. محطما تلك التهمة التي تداولها الناس
 من أنه رجل عقيم
..  كيف له الآن أن يعيش بلا ولد ..غريبا في بيت مهجور لبيع القات..
كان طوال الوقت وهو عائد من المحكمة وقد أسلم لها الولد.. ينظر إلى تلك الكائنات التي ترمقه.. وهو يجتاز مبنى المحكمة خاليا من كل شيء.. وقد نهض في داخله شعور جديد بالابوة.. راح ينأى به عن الاشياء المألوفة .
وما أن دخل منزله حتى تراشقته الاسئلة.. وأمضى ليلة مرعبة وحيدا..نزل إلى الشارع.. حاول أن يجلس في المقهى.. حاول أن يدخل السوق.. ولكن كان يحس بالفاجعة..  يحس بالفقد.. يحس بنظراتها إليه.. نظراتها اليائسة التي تجعله لا يتمالك نفسه طوال الوقت.. وهكذا اخذ يذعن لتلك التبريرات  و ينظر في دوائر عيني ولده لتعطيه القدرة على الهروب من تلك الكائنات التي تسلبه فرحه.. وامنيته.. وإذ ذاك كان يمضي بثقة إلى الأشياء والناس.
كتب/صالح بحرق