تعرف على مداخلة الرئيس علي ناصر محمد في فعالية احياء ذكرى الفقيد الكبير فاروق أبو عيسى رئيس اتحاد المحامين العرب

كريتر سكاي/خاص:

ينشر كريتر سكاي مداخلة الرئيس علي ناصر محمد بفعالية احياء ذكرى الفقيد الكبير فاروق عيسى رئيس اتحاد المحامين العرب كالتالي:

في البداية، أتقدم بخالص العزاء الى شعب السودان الشقيق، وأسرة الفقيد بخالص العزاء والمواساة في إحياء ذكرى فقيد الوطن والأمة فاروق ابو عيسى رحمه الله.
عندما تلقيت دعوة البريفسور
أحمد عبد الله الشيخ 
رئيس اللجنة القومية العليا لإحياء ذكرى فقيد الوطن فاروق ابوعيسى، للتحدث عن علاقتي الشخصية بالفقيد، عادت بي الذاكرة إلى تاريخ طويل من العلاقات التاريخية بين الشعبين السوداني واليمني، علاقات من الأواصر الاجتماعية والثقافية والتربوية. ففي السودان أعداد من العائلات اليمنية التي استوطنت السودان وخاصة من حضرموت، عاشوا فيه وتزوجوا منه واندمجوا في النسيج الاجتماعي السوداني. وبالمقابل هناك سودانيون جاءوا إلى اليمن، وخاصة عدن وحضرموت وأبين، وعاشوا فيها وتزوجوا منها وصاروا جزء من المجتمع اليمني.
ونعترف للمعلمين السودانيين بأنهم لعبوا دوراً كبيراً في عملية تطوير التعليم في بلادنا، وتعلمت أجيال كثيرة على أيديهم، وأنا واحد منهم.. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أذكر منهم الأستاذ حسن فريجون مسؤول المعارف، والأستاذ محمد بابا الله الذي تزوج من عدن، والأستاذ أحمد حسن أبو بكر أستاذي في دار المعلمين في عدن، والأستاذ متوكل مصطفى نبق المدرس في أبين، وهناك الكثير سواهم في عدن وأبين وحضرموت ممن كان لهم دور في عملية التربية والتعليم.. غير البعثات التعليمية والطلاب اليمنيين الذين تلقوا معارفهم في معاهد وجامعات السودان الشقيق، وأذكر هنا بعض النماذج فقط للتدليل على أواصر العلاقات السودانية اليمنية: الشاعر اليمني الكبير محمد عبده غانم والشاعر اليمني الكبير لطفي جعفر أمان والبريفسور نزار محمد عبده غانم، الطبيب والشاعر السوماني الكبير الذي يمدّ جسور التواصل السوادنية اليمنية.. كما يمكنني أن أشير الى أن المناضل قحطان الشعبي، أول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وأحد أبطال الاستقلال الوطني، درس في السودان أيضاً. بالإضافة إلى الدكتور فرج بن غانم، رئيس وزراء الجمهورية اليمنية، والعديد من الطلاب الذين درسوا في المدرسة الوسطى، في غيل باوزير بحضرموت، على منهج معهد بخت الرضا السوداني وأكملوا دراستهم الجامعية في السودان الشقيق وتولوا بعد تخرجهم مناصب عليا قبل الاستقلال وبعده، وكان لهم بصماتهم في بناء الدولة.
واستمر دور المعلمين والأستاذة السودانيين بعد الاستقلال فكانوا أساتذة في جامعة عدن، ومنهم البريفسور والشاعر الكبير مبارك الخليفة..
أما فيما يخصّ علاقتي الشخصية بفقيد الوطن، فإن علاقتي بالمرحوم فاروق أبو عيسى، تعود الى أكتوبر سنة 1969م عندما زرت السودان للمشاركة في ذكرى ثورة أكتوبر السودانية التي أطاحت بحكم العسكر عام 1964م. خلال هذه الزيارة تعرفت للمرة الاولى بالفقيد الوطني والأممي الكبير فاروق أبو عيسى في مبنى وزارة الخارجية بالخرطوم حيث كان يشغل حينها وزير خارجية السودان، فوجدته ذلك السوداني الطيب الودود في إنسانيته والعميق في ثقافته والسياسي والدبلوماسي المتقد ذكاءً وحيوية. وكان في ذروة نشاطه وحيويته وتألقه، ويحظى بالحب والاحترام في السودان وخارجه..
وخلال زيارتي للسودان التقيت بالعديد من المثقفين والسياسيين السودانيين والأدباء والشعراء والفنانين كمحمد وردي وصلاح ابن البادية وغيرهم... الذين كانت تربطنا بهم علاقات ودية قبل استقلال بلادنا من الاستعمار البريطاني.
بعد ذلك زار فاروق أبو عيسى عدن للتعرف عن كثب على تجربة اليمن الديمقراطية، واستمرت علاقتي به في السلطة، وتوطدت أكثر بعد خروجي منها، ولا يمكن أن أنسى مواقفه الإنسانية في سؤاله الدائم عنّا وعن أوضاع المعتقلين في سجون عدن بعد أحداث يناير 1986م في عدن، أولاً بصفته صديقاً وإنساناً، وثانياً بحكم كونه رئيساً لاتحاد المحامين العرب. وأرسل عدداً من المحامين الى عدن للدفاع عنهم، وحين صدرت أحكام الإعدام بحق الشهداء فاروق علي احمد وهادي احمد ناصر وعلوي حسين فرحان وأحمد حسين موسى ومبارك سالم، طالب حكام عدن عدم تنفيذ تلك الأحكام الجائرة، ولكن حكام عدن لم يستجيبوا لندائه ولا لنداء العالم آنذاك.
بعد ذلك، التقيت الفقيد فاروق أبو عيسى في دمشق عندما شارك في الاجتماع الأول للجنة الشعبية لدعم الانتفاضة ونضال الشعب الفلسطيني، التي انتُخبت رئيساً لها، وكنا نلتقي في مكتبه في اتحاد المحامين العرب للتشاور حول القضايا العربية ونضال الشعوب وفي المقدمة القضية الفلسطينية..
وحين بلغني نبأ وفاته شعرت بحزن عميق، إذ فقدت بوفاته صديقاً عزيزاً ونصيراً لقضايا المعتقلين والمظلومين. وفقد السودان ابناً ومناضلاً صلباً في سبيل الحرية وقضايا الانسان في الوطن العربي والعالم.