هل يسيطر الحوثيون على مأرب؟.. 6 أسئلة بشأن القتال المحتدم بالمحافظة اليمنية النفطية

كريتر سكاي:

 نحو 15 شهرا من المعارك المحتدمة على أسوار مدينة مأرب، خسر الحوثيون فيها المئات من عناصرهم في محاولة للظفر بالمدينة النفطية، والمعقل الأخير للحكومة اليمنية شمالي البلاد.
فرض الحوثيون قوسا على مأرب يمتد من مديريات مدغل ورغوان في الشمال، إلى مديرية صرواح في الغرب، ومديريتي رحبة وجبل مراد في الجنوب، ومن هناك شنوا مئات الهجمات، فشلت كلها بسبب الدفاعات المحكمة للقوات الحكومية ورجال القبائل


ويقول عصام مثنى، وهو قائد إحدى الوحدات العسكرية في القوات الحكومية -للجزيرة نت- إن مأرب تحولت إلى بؤرة استنزاف للمقاتلين الحوثيين على مدى عام ونصف العام، إذ خسروا فيها معظم مقاتليهم، وفشلوا في تحقيق أي تقدم.
وكثّف الحوثيون هجماتهم من مديرية صرواح، وبالتحديد من منطقتي المشجح والكسارة القريبتين من مأرب، وباتوا على بُعد 18 كيلومترا فقط من مدينة مأرب.

وسيطر مسلحو جماعة الحوثي على كامل مديرية العبدية جنوبي محافظة مأرب الإستراتيجية، بعد حصار كامل استمر لنحو شهر ومعارك شديدة مع رجال القبائل فيها.
وتقع مديرية العبدية جنوب غربي مدينة مأرب، ويقطنها 36 ألف شخص، وتكتسب أهمية إستراتيجية نظرا لموقعها الجغرافي الذي يجعل منها إحدى بوابات محافظة مأرب، فضلا عن ارتباطها الجغرافي بمحافظتي البيضاء وشبوة من جهة الغرب والجنوب، عبر سلسلة جبلية واسعة.

كيف حدثت الثغرة؟

في مطلع يوليو/تموز الماضي، شنت القوات الحكومية ورجال القبائل في محافظة البيضاء المجاورة لمأرب هجمات على نقاط تفتيش للحوثيين، وسيطروا على مديرية الزاهر وتقدموا نحو مدينة البيضاء، مركز المحافظة. أثار ذلك ردة فعل الحوثيين إذ شنوا حملة واسعة واستعادوا مواقعهم دون مقاومة.


فتح الانتصار السهل للحوثيين شهيتهم للتقدم في مديريتي نعمان وناطع الخاضعتين لسيطرة الحكومة، ولكون المديريتين جبهة عسكرية مهملة، سيطر عليها الحوثيون دون مقاومة، واستمر التقدم الحوثي ليجدوا أنفسهم في مديريات بيحان وعسيلان وعين، شمالي محافظة شبوة.
تداركت القوات الحكومية ما جرى، وأوقفت تقدم الحوثيين الذين كانوا بالفعل قد أحدثوا ثغرة في دفاعات مأرب، فالمديريات الجنوبية لم تكن محصنة، نظرا لأن خط دفاعها كان يقع في محافظة البيضاء.

ما حجم المكاسب التي حققها الحوثيون خلال 3 أشهر؟

يفرض الحوثيون حاليا سيطرتهم على محافظة البيضاء بالكامل، ومديريتي بيحان وعين ومعظم مديرية عسيلان في محافظة شبوة، إضافة إلى مديريتي حريب والعبدية وأجزاء من مديرية الجوبة جنوبي مأرب.

هذه المديريات في المحافظات الثلاث خسرها الحوثيون خلال معارك شديدة ضد القوات الحكومية عامي 2017 و2018، بل إن بعضها مثل مديرية العبدية سيطر عليها الحوثيون للمرة الأولى.

تعد مديرية حريب ثاني أكبر مدينة بعد مدينة مأرب في المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، وبالمثل تعد مديرية بيحان كبرى مدن محافظة شبوة بعد مدينة عتق مركز المحافظة، حسبما يقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات (يمني غير حكومي) علي السكني للجزيرة نت.

ما الأهمية العسكرية لتلك المكاسب ضمن المعركة الواسعة للسيطرة على مأرب؟

رغم أن هذا التقدم في شبوة بعيد عن مدينة مأرب فإنه يمنح الحوثيين خطوة متقدمة لتطويق مدينة مأرب من جهة الشرق، فمديريات بيحان وعسيلان محاذية لمأرب، إضافة إلى أنها تقربهم من المنشآت النفطية.


ويقول السكني الذي يقطن في مدينة مأرب، إن الحوثيين استطاعوا من خلال السيطرة على هذه المناطق قطع الطريق الرئيسي بين محافظتي شبوة ومأرب النفطيتين في محاولة لفصلهما عن بعض، فطريق الإمداد بات بيد الحوثيين.
وتقع في جنوب مأرب 3 مواقع إستراتيجية هي معسكر أمريش المطل على الطريق الرئيسي بين الجوبة وحريب، ومعسكر الخشينة في مديرية الجوبة، وجبهة ألفا الغربية بمديرية رحبة بالقرب من الجوبة، وهي مواقع مفصلية بالمنطقة.
وكان الحوثيون قد حاصروا مديرية العبدية 27 يوما قبل أن يسيطروا عليها، رغم الدعوات المتكررة للأهالي ورجال القبائل المطالبة بإسنادهم وفك الحصار، لكن سيطرة الحوثيين على الطريق الرئيسي حال دون ذلك.

هل هناك أهداف جديدة للحوثيين في جنوب مأرب؟

في الطريق إلى مأرب سيواجه الحوثيون واحدة من أشرس القبائل في اليمن، إذ سيصطدمون بقبيلة مراد التي خسرت مديرية حريب، وتراجع رجالها إلى مديريتي جبل مراد والجوبة، معقل القبيلة الرئيسي ذات النفوذ في المحافظة، والتي تُعرف برفضها ومقاومتها للحوثيين.

ووفق الباحث السكني فإن سيطرة الحوثيين على مديرية العبدية معقل قبائل بني عبد، سيجعلهم يركزون بشكل أكبر للسيطرة على مديريتي جبل مراد والجوبة، البوابة الجنوبية لمدينة مأرب.

ويقول إن الحوثيين يسعون أيضا لكسر القبائل المناوئة لهم والانتقام منها، مثل ما جرى في قبيلة بني عبد في مديرية العبدية. وبشكل أساسي قبيلة مراد لأسباب تاريخية وسياسية وقبلية، إذ تُعد القبيلة من أكبر وأبرز القبائل في اليمن التي عارضت الحكم الإمامي الزيدي قبل ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962.
ويضيف "ينخرط الكثير من أبناء وزعماء القبيلة في صفوف القوات الحكومية التي تقاتل الحوثيين منذ وقت مبكر. فمنذ 2014 حتى الآن، يتوزع مقاتلو قبيلة مراد على امتداد جبهات القتال ضد الحوثيين في المحافظة خصوصا في المناطق الجنوبية".

ما نقاط القوة التي يمتلكها الحوثيون؟

يعمد الحوثيون في بداية الهجوم إلى تفكيك القبائل من خلال الوسطاء المحليين، إذ يمنحون ضمانات مؤقتة للقبائل التي تسلم مواقعها، ليضمنوا التقدم خطوة للبحث عن الحلقة الأضعف في سلسلة الدفاعات المحكمة، غير أن إستراتيجيتهم فشلت في مأرب.


ودفعت القبائل بالمئات من رجالها إلى خطوط المواجهة غير أن ضعف التسليح وغياب التخطيط الإستراتيجي العسكري وقلة القادة المؤهلين، وقف إلى صف الحوثيين الذين يحشدون الآلاف من مقاتليهم المدعومين بالأسلحة.

ويعزو الباحث العسكري علي الذهب -في حديث للجزيرة نت- تفوق الحوثيين إلى الاختلالات العسكرية والسياسية في الجانب الحكومي، ويقول إن هناك خللا في الإستراتيجية العسكرية للقوات الحكومية، ففي الوقت الذي يتقدم الحوثيون في مأرب، تقف بقية القوات في سائر الجبهات موقف المتفرج.
يوصف الحوثيون بأنهم الطرف الذي ليس لديه ما يخسره، لذا فإنهم في كل مرة يفشلون بالهجوم يعودون من جديد للهجوم.

هل سيسيطر الحوثيون على مأرب؟

وفق المحلل العسكري فإن الحوثيين حققوا نصرا معنويا انعكس أثره على مقاتليهم وعلى الجانب الآخر، إذ بدا الحوثيون أكثر قوة وتماسكا، بينما ظهرت القوات الحكومية والقبائل عاجزة.


وقال الذهب إن الهدف الأساسي للحوثيين هو مدينة مأرب، ويعمدون للسيطرة تدريجيا على المديريات الأضعف، وقطع طريق الإمداد عن القوات الحكومية في المدينة، وهو مكسب تكتيكي وإستراتيجي من حيث السيطرة على الأرض، وتطوير الهجوم.
لكن الباحث العسكري يرى أن هذا التقدم مرحلي وآني قد يتغير خلال الأيام المقبلة.

ولا يظهر أن القوات الحكومية على استعداد للتراجع، وقال قائد محور بيحان واللواء 26 اللواء مفرح بحيبح، وهو أحد قيادات قبيلة مراد البارزة وفقد 4 من أبنائه في الحرب ضد الحوثيين في مقطع فيديو، "سندافع عن أنفسنا حتى آخر قطرة دم".
وبحسب مصدر عسكري حكومي رفيع تحدث للجزيرة نت بشكل مقتضب، "في الحقيقة، الحوثيون ألقوا بأنفسهم إلى محرقة، وهي مسألة وقت فقط".