بين صدام وحفتر !

صدام حسين ليس بطلا قوميا، ولا يستحق أن يذكر بخير على الألسن، بسبب تاريخه الأسود، فقد جنى الرجل على بلاده ودمرها، مثلما جنى على بلد ين جارين، عندما خاض حربا بالوكالة نيابة عن أمريكا وبلدان الخليج، ضد إيران لمدة ثماني سنوات، والحق أضرارا جسيمة بها وببلاده أيضا، ثم عندما اجتاح صباح الثاني من أوت 1990 بلدا آمنا، هو  الكويت بإيعاز من أمريكا ودمرها وسبى جنوده نساءها وسلب كل ما في بنوكها من أموال وودائع، ونقل كل ما خف أو حتى ثقل وزنه بما فيها مطابع الصحف.

هذا هو صدام الذي كذب الاعلام الجزائري على الاجيال وصوره بطلا عندما رمى صاروخا على اسرائيل لم يقتل أحدا.

نعم، وقفنا ضد احتلال العراق، وضد تدمير منشآته وقتل أطفاله بعد تجويعهم، ومنع الدواء عنهم، ووقفنا ضد الطائفية التي فرقت بين شعبه وضد نهب ثرواته، لكن صدام لا، صدام كان المعول الذي هدم العراق، و عرض بلاده وشعبه إلى الاحتلال الامريكي، وقبلها قتل النخبة العراقية وأجبر أغلبهم على الفرار إلى الخارج خوفا من بطشه، ولن أتحدث عن جرائم ولديه، وعن جرائمه حتى ضد أصهاره، ألم ييتم أحفاده عندما قتل زوجي أبنتيه؟ هذا دون أن أنسى إسقاطه لطائرة وزير خارجيتنا محمد الصديق بن يحي في ماي 1982 راح ضحية جنونه ثلة من خيرة ديبلوماسيينا.

تمجيد صدام ، كمن يمجد نيرون الذي حرق جنونه روما. فنحن بحاجة لتصحيح الكثير من المفاهيم، سواء مع عراق صدام أو مع ليبيا القذافي، فنحن نصنع دائما أبطالا من ورق، ونسقط  أمام دغدغة العواطف.

لا أدري إن كان ما نسب من كلام للماريشال حفتر صحيحا أم لا، لكن ما أعرفه أن الرجل يكن كرها شديدا للجزائر. الجزائر التي كان لها دوما الموقف الصحيح اتجاه الأزمة الليبية، عندما رفضت تدخل الناتو لإسقاط القذافي، لأنها تعرف طبيعة القبلية الليبية، وأن إسقاط القذافي سيفتح ليبيا على متاهات لن تنتهي، وهو ما يحدث الان. فبعد سبع سنوات من مقتل القذافي لم تتمكن ليبيا التي تحكمها ميليشيات مختلفة الانتماءات والاجندات، على فرض حكومة مركزية يعترف بها الجميع، وما حفتر إلا وجه من وجوه الفوضى الليبية.

فإن كان ما نسب إليه من قبل قناة الجزيرة صحيحا، وهو ما يضمره حقا من حقد للجزائر، ولو كان بهذه القوة ، لتمكن من حل الازمة الليبية أولا  وليس تعميقها، أو البحث عن مهرب منها بتهديد الجزائر بنقل الحرب إليها.

قالت لي صحفية جزائرية  مرة عن حفتر، أنها "تتمنى أن يكون للجزائر قائد بقوة حفتر"، وكان ردي عليها، أن آخر عسكري في الجزائر أفضل من حفتر" تاعك"، والدليل أنه فشل في حماية بلاده من الفوضى ولو كان "راجل" لتمكن من لم شمل بلاده وبنى دولة أولا، فنحن رغم أزماتنا حمينا بلادنا من السقوط في فوضى الربيع العربي المزعوم، ولم نفتح بلادنا لكل من هب ودب.

نعم قبل أن يبحث حفتر كيف يصدر أزمة بلاده إلى الجزائر، أو يقوم معنا بالدور الذي قام به صدام ضد إيران في الثمانينات نيابة عن أمريكا، عليه أن يعيد حساباته ألف مرة، لأنه سيذوق مرة أخرى مرارة هزيمة اسوأ من التي أذاقتها له التشاد، عندما أسرته وتدخلت الجزائر لفك أسره. ليكن رجلا أولا على شعبه وعلى بلاده التي تتقاسمها ميليشيات مختلفة الولاءات والمصالح ، ثم يأتي ويهدد الجزائر.

مقالات الكاتب

هنيئا يا جزائر !

كل شيء فيك جميل هذه الأيام يا جزائرنا، انتصارات الفر يق الوطني التي أعادت الأمل للشباب بعد سنوات من...

هلموا إلى الحوار !

لا أدري إن كانت المجاهدة، جميلة بوحيرد، ستقبل أن تكون ضمن الهيئة التي اختارتها منظمات من المجتمع الم...

الهويات القاتلة !

لا بأس أن أستعير من الروائي العالمي، أمين معلوف، هذا العنوان لكتابه "الهويات القاتلة"، لأعبر من خلال...