واسأل نفسي
#وأسأل_نفسي!فتحي بن لزرق"إن الحياة كلمة وموقف، الجبناء لا يكتبون التاريخ، التاريخ يكتبه من عشق الوطن...
ذات يوم كان هذا الرجل محافظا لعدن ."احمد الكحلاني" ..
في زمن عهد الذهبي .ذات يوم حينما كانت المدينة قُبلة العالم بنظامها ودولتها ونظافتها واستثماراتها وهدوئها.
في عهد هذا الرجل شهدت "عدن" اكبر انضباط في تاريخها كله وللأنصاف حدث ذلك في عهد "الشعيبي" أيضا.
قال لي "غسان الزامكي" ويومها كان مديرا للأشغال العامة في عدن متحدثا عن حقبة "الكحلاني".
- كان الرجل يجوب الشوارع بحثا عن جدار عشوائي واحد، يلتقي مشرفي عمال النظافة كل 3 أيام .
لم يكن "الكحلاني" عدنيا لكنه خدم المدينة أكثر من الكثير من يدعون بها وصالا .
جاء الرجل من أتون جبال "سنحان" ولم يحمل معول هدم لكنه حمل معاول البناء وزرع الأمل وفي عهده عاشت" عدن" أجمل سنينها.
سيقرأ الكثير من المسئولين المحليين بعدن حديثي وسيدركون "أحقيته".
لااخلع الألقاب على الرجل فالرجل غادر عدن وبات خارج المشهد .
وما اكتبه اللحظة عرفانا بالجميل لا أكثر.
في الطريق إلى الذكريات نمضي بحثا عن الشخوص والأحداث وويلا لشعب لم يتبق له الا الذكريات يتلوها على مسامع العابرين.
التقيته هذا المساء لقاءا عابرا ضاعت فيه الكلمات وكانت الذكريات حاضرة ولا شيء سواها.
بعث "الكحلاني" سلامه الكبير لعدن.
يشبه "سلام" الغائب عن امه لعقود ، امه الجميلة التي لم تعد كذلك والشابة التي ارهقتها السنين .
للشوارع التي مر بها ذات يوم ونثر النظام والقانون.
امسك "الكحلاني" بيد زميلي "ماهر درهم" وشد عليها وقال :" قل لعدن وأهلها إننا نحبهم.
مابين رجال الدولة واللادولة سفراً طويل طويل.
ككثيرين غادر "الكحلاني" عدن قبل سنوات طويلة من اليوم لكن أثره الطيب لايزال حاضرا.
سيتذكر "الناس" في عدن الأشياء الكثيرة عن الرجل.
لكنهم لن يتذكروا قط انه نهب أرضهم أو اخذ مالهم أو قتل احد أبنائهم .
وسيكتب "التاريخ" ان شماليين كُثر دفعوا دم قلوبهم لاجل هذه "المدينة".
ماذا لو عاد الرجل إلى "عدن" اليوم وتجول بالشوارع التي جالها وصالها..
يا الله ..
ما اقسى حالة التخيل هذه؟
ما الذي يمنع الكثير ممن يحكموا "عدن" ان يحبوا "عدن" مثلما أحبها "الكحلاني"..
سألت نفسي هذا السؤال ولم أجد له إجابة.
فتحي بن لزرق
23 ديسمبر 2019