إشكال وقف الحرب في اليمن
كان انطلاق حملة ”عاصفة الحزم” فجر الـ 26 من مارس (آذار) 2015 محل اختلاف بين اليمنيين، فا...
ما من شك ان تفاهما سيتم التوصل اليه بين الرئيس هادي والمجلس الانتقالي برعاية المملكة العربية السعودية لحل العقد التي لم يتمكن الطرفان من تجاوزها منذ توقيعهما على اتفاق الرياض في الخامس من نوفمبر 2019 رغم زعمهما انهما قد نفذا ما هو مطلوب منهما، كما سيحدد التفاهم اسم رئيس الحكومة الذي يبدو حتى اللحظة انه سيعيد معين عبدالملك سعيد مرة ثانية ليس لكفاءة او لإنجاز وإنما لأنه لا يمثل ثقلا سياسيا راجحا وسيكون من السهل التخلص منه في اللحظة التي يرتفع فيها الغطاء الاقليمي عنه، وكذلك لابد من التوافق على اسمي محافظ عدن ومدير الأمن فيها ثم توزيع بعض الحقائب السيادية بين الرئيس والانتقالي.
في واقع الأمر فإن محور الخلاف خلال الفترة الماضية ليس مرتبطا بالتنفيذ ولا بقضايا دستورية او وطنية جامعة، فالطرفان لا يقيمان لها وزنا ولا يعتبرانها معضلة لا يمكن الدوس عليها، ويتمحور حول قضيتين أساسيتين: السلاح في عدن بداية، وتعيين المحافظ ومدير الامن، وهنا لابد من التذكير ان أي حكومة قادمة ستحتاج الى استثمارات ضخمة لتحسين الخدمات في عدن خصوصا وتأمين وظائف للناس ومرتبات منتظمة وأمن قوي وهي مهام عجزت عن القيام بها في السابق، وإذا لم تكن تشكيلة الحكومة القادمة منسجمة تماما مع رغبات المجلس الانتقالي فإنها ستفشل كما حدث في الماضي رغم ان الحكومات السابقة كانت في وضع ميداني ومالي أفضل وأقوى.
ستظل (الشرعية) هي الطرف الأضعف في أي اتفاق بل ستزداد وهناً ومن السذاجة التوقع بأنها ستتمكن من التحكم والسيطرة دون ان يكون المجلس الانتقالي هو الموجه الحقيقي لما تعمله على الأرض، وستصبح التفاهمات الجديدة لطمة إضافية الى (الشرعية) مهما حاول البعض الحديث المنمق عن المصلحة الوطنية، ولن تتمكن أي حكومة ولا الرئيس نفسه من العمل داخل عدن دون ان يكون المجلس الانتقالي حاضرا بقوة تفوق عمليا ما يمتلك الرئيس وحكومته.
وأنه لمن المؤسف أن الأحزاب اليمنية وقيادات المشهد الحالي ركزوا اهتمامهم على إرضاء الرئيس والاقليم فأبتعدوا عن الناس ورغباتهم، فصارت أصواتهم عبارة عن صدى يستمعون اليه وحدهم ولم يعودوا يمتلكون صوتا مؤثرا في النقاشات الدائرة في الرياض، وصاروا ينتظرون ما يجود به الرئيس عليهم وما سيسمح به الانتقالي لبعضهم.
هذا المشهد ما كان ممكنا حدوثه لولا ان الخمس السنوات قد استنزفت كل ما كان عند الشرعية بكل مؤسساتها من قبول وطني خارج دائرة المنتفعين، ولهذا تمكنت قوى ناشئة من انتزاع السلطة منها في مناطق مختلفة من البلاد وبقت الشرعية مشردة تبحث عن مكان تعود اليه وضامن لتأمينها.