نزار انور:هذا ما يحدث

إن ما يحدث الآن و تشهده مدينة عدن بالذات على وجه الخصوص و الجنوب عامة هو ترجمة فعلية لما تناولته حروفنا و كلماتنا قبل أيام قلائل حول تلك الإنحرافات أو الإختلالات التي تشهدها مسار العلاقة القائمة بين الأطراف المتصارعة سواء في الداخل اليمني شمالا و جنوبا، أو تلك الأطراف الإقليمية والدولية التي باتت أيضا مؤثرة و بشكل مباشر في هذا الصراع الدائر اليوم و التي أشرنا إليها بثلاثة محاور رئيسية قد تناولنا إثنين منها و كنا على طريق إنهاء المحور الثالث و الأخير حتى تكتمل الصورة أمام القارئ الكريم ، و لعلي أنشره في صفحتي هذه خلال الأيام القليلة القادمة بعد الإنتهاء من كتابته و قد شارفت على بلوغ نهايته .


الجدير بالذكر الإشارة إليه هنا و بعيدا عن اي تعصب أو إنحياز أو تملق أو زييف أننا كتبنا كثيرا في السابق عن ضرورة أن يحدث تغييرا يؤدي إلى تقويم مسار تلك العلاقة بما يتناسب مع تلك التغييرات التي حدثت و التي أفرزتها وقائع حرب 2015 م حتى يتسنى للحلفاء جميعا إعادة رسم خارطة تلك الأهداف من جديد و كذلك إعادة النظر في كثير من تلك القرارات ذات الصلة سواء بالعملية السياسية أو العسكرية سواء بما يتعلق بالعلمليات العسكرية في مناطق التماس مع ذلك العدو المشترك أو تلك المتعلقة بالمناطق المحررة و أمنها و إستقرارها و التي هي الأخرى تشهد صراعات بين الحلفاء أنفسهم أنتجت أوضاعا إنسانية كارثية باتت تشهدها تلك المناطق و بالذات مدينة عدن التي أصبحت محورا رئيسا و ساحة مفتوحة أمام المتصارعون جميعا ، و كنا نأمل أن يأتي ذلك التغيير عبر بوابة الإرادة السياسية للتحالف و القيادة السياسية دون الحاجة إلى الدخول عبر بوابة الإرادة الشعبية و فرض لغة القوة و منطق الأمر الواقع لأننا نعلم جيدا عواقب الدخول في تلك الدهاليز ، لكن يبدوا أن تاريخنا المعاصر اليمني و العربي يأبى إلا أن يكون حاضرا دوما في أي تغيير من هكذا نوع ، فصوت العقل لا يمكن أن يكون مسموعا حين تحضر البندقية و تتسيد المشهد ، كنا نعول على أن تكون هناك قيادة سياسية حكيمة في الداخل يمكنها أن تستوعب ذلك التغيير و على حكمة الأشقاء في المملكة و الإمارات و أن بإستطاعتهم جميعا أن يمنعوا أي صدام قد يحدث و أن يجمعوا تلك الأطراف المتصارعة على طاولة واحدة و أن يرضخ الجميع أننا اليوم نعيش زمنا آخر يختلف كثيرا عن ذلك التاريخ الذي مرت عبره دول ظل يحكمها منطق القوة و الصراع إلى أن وجدت نفسها إما أمام السقوط و الذهاب إلى المجهول أو أمام الدخول إلى عهد جديد تحكمه مفاهيم جديدة أخرى غير تلك التي عرفوها أو خبروها سابقا و هي مفاهيم الشراكة الوطنية الحقيقة و العدالة الإجتماعية و التوزيع العادل للثروة و السلطة و المشاركة في صناعة القرار و لكن بعد صراعات إستنزفت فيها قدرات و مقدرات الجميع .


كان من الواضح جدا أنه لا يمكن السكوت أمام ذلك الوضع الكارثي الذي تعيشه عدن و بقية المناطق المحررة و أنه لابد من أن يحدث شيء يغيير ذلك الواقع و التغيير هنا لا يمكن لأحد الجزم به هل سيؤدي إلى واقع جديد أفضل أم أسواء لكنه في الأخير و في ظل هذا الصمت و العجز من قبل جميع من يملكون اليوم أدوات ذلك التغيير بصوره الآمنة و الواضحة إن جاء بصورته الأخرى هو بمثابة شر كان لابد منه لعله يقود الجميع في المستقبل إلى طاولة الحوار و فتح أفق شراكة وطنية حقيقية فيما بينهم .


سواء إختلفنا أو إتفقنا أو مازلنا نتباين مع الأخوة في قيادة المجلس الإنتقالي في كثير من الأشياء و القضايا و بعيدا عن مآربهم أو نواياهم السياسية كما قد يسميها البعض إلا أن بيانهم و موقفهم من تلك الأحداث و الأوضاع الإنسانية الكارثية و للفساد الذي بات ينهش كل شيء في هذه المدينة هو موقف وطني إلتقطوه قبل غيرهم في لحظة تاريخية عبروا به عن تطلعات الكثيرون من أبناء هذه المدينة أو بقية المناطق و المدن المحررة و لا يمكن لراشد عاقل أن يصفه بغير ذلك ، بعد ذلك التجاهل و الصمت إزاء مطالب الجميع ليس جنوبا فقط بل شمالا و شرقا و غربا بضرورة ذلك التغيير أن يحدث بعد ذلك الفشل و العجز و القصور الذي حدث و يحدث في أداء حكومة عاجزة عن الإيفاء بتعهداتها أمام شعبها بغض النظر عن تلك الأسباب و المعوقات التي تقف أمامها أو تواجهها فأما أن تتحمل مسؤولياتك بشكل كامل أو أن تلقيها عن كاهلك و تخرج للناس و تعلن عن أسباب تنحيك قبل تنحيتك .


في الأخير نتمنى أن لا تنقاد الأمور إلى ما لا يحمد عقباه و نوجه دعوة للجميع بحرمة سفك الدماء أو الذهاب نحو الفوضى و أن على دول التحالف العربي اليوم أن تتحمل مسؤولياتها بالكامل و أن تعييد تصحيح مسار تلك العلاقة و أن تدعوا جميع الأطراف المعنية و أن تجنب عدن و بقية المناطق الدخول في دائرة العنف و الإقتتال الأهلي و الخروج بحلول تلبي احتياجات و تطلعات شعوب تلك المناطق بالعيش الحر و الكريم .


نسأل الله أن الأمن و الأمان و السلم و السلام لهذه المدينة الحبيبة عدن و لبقية المدن و المناطق في ربوع وطننا الحبيب. 

مقالات الكاتب

الإعلام رسالة

مارست الإعلام كمهنة حينما دعت الحاجة إلى ذلك  ..  و أعني بالحاجة هنا ليس الإفتقار إلى الما...

#من_المسؤول؟

عذراً للزملاء الأعزاء في قناة المستقلة لإستعاراتي هذا العنوان في مقدمة منشوري هذا عن برنامج تلفزيوني...

من مثل نجيب

نجيب محمد اليابلي أحد أهم الكتاب و الصحفيين السياسيين في عدن و الجنوب و اليمن  .. فحين يأتي ذكر...

حكومة بلا وجه

نتحاشى كثيرا الكتابة في ظل ظروف هي الأسواء و الأسود على الإطلاق تمر بها البلاد منذ عقود طويلة مضت، ف...