شهر رمضان وجنون التجار في رفع الأسعار

ما إن بدأ العد التنازلي لإستقبال شهر رمضان المبارك، حتى بدأ التجار بممارسة هوايتهم المعتادة في هذا التوقيت بالذات من كل عام برفع أسعار المواد الغذائية والإستهلاكية الأساسية بشكل جنوني تحت ذرائع ومبررات واهية، حيث يتذرعون بأزمة الديزل وأرتفاع تكاليف الإنتاج وأجور النقل وغيرها من المبررات التي لا تتناسب مع حجم الإرتفاع الجنوني في الأسعار، تسهيلات من قبل شركة النفط تقدم للقطاع الخاص في هذا الجانب ولكن المشكلة ليست في الديزل فالعام الماضي كانت هذه المادة متوفرة مع حلول شهر رمضان ومع ذلك ارتفعت الأسعار وهو ما يؤكد أن هذا الأرتفاع يأتي نتيجة جشع التجار واستغلالهم لزيادة الطلب على المواد الغذائية والإستهلاكية خلال الشهر الفضيل، إذ يستغلون ذلك في فرض جرعات سعرية مجحفة ومرهقة للمواطنين تعكر على الكثير منهم الأجواء الرمضانية ونفحاتها الإيمانية الروحانية.

صحيح أن رمضان شهر الصيام لا شهر الطعام ولكن لا يعني ذلك أن يترك المجال لضعاف النفوس من التجار للمتاجرة بأقوات المواطنين والتلذذ بتعذيبهم بالمغالاة في الأسعار وكثير من البلدان يتسابق التجار فيها على منح تخفيضات جيدة وعرض أسعار منتجاتهم باسعار زهيدة بمناسبة استقبال شهر رمضان الكريم، والبعض يقيمون الموائد والمطابخ الرمضانية المجانية التي تقدم الإفطار للفقراء والمحتاجين ابتغاء للأجر والثواب من الخالق جل في علاه، وفي بلادنا نلمس بعض هذه النماذج ولكنهم يظلون حالات نادرة معدودة بالأصابع فيما يطلق السواد الأعظم من التجار العنان لأنفسهم المشبعة بالجشع والطمع لرفع أسعار المواد الغذائية والإستهلاكية والبعض منهم يذهبون لإغراق الأسواق بالمواد المنتهية وغير الصالحة للاستخدام الآدمي وممارسة مختلف أساليب الغش والخداع طمعاً في جني الأرباح وتحقيق المكاسب الرخيصة على حساب معاناة المواطنين.

المطلوب على سلطات الدولة تجاه تفشي هذه الظاهرة الخبيثة تطبيق سيادة النظام والقانون والعمل على ضبط إيقاع الأسواق وتعميم التسعيرة الموحدة لمختلف المواد والسلع الغذائية الأساسية والإستهلاكية وإلزام التجار بها وفرض الرقابة عليهم واتخاذ الإجراءات العقابية الرادعة في حقهم، وصدقوني لو شعر التجار بأنه لا مجال للتهاون في حقهم ولن يكون لديهم أي مخارج للنفاذ من المساءلة القانونية بسبب التلاعب بالأسعار والقيام بالإحتكار والأبتزاز والغش التجاري فلن يجرؤ أي تاجر على رفع ريال واحد ولكن الحاصل وجود حالة من التراخي والتساهل والتماهي واللامبالاة من قبل الجهات الرقابية المختصة، نسمع عن حملات على الأسواق تنتهي بضبط عدد من المخالفين من التجار وإحالتهم لدقائق معدودة الى الجهات الأمنية ولكننا لم نسمع عن محاكمة تاجر مستغل أو محتكر أو مخالف، ولا نعلم أين تذهب تلكم المحاضر التي ترفع من قبل مكاتب الصناعة والتجارة ؟!!.

بالمختصر المفيد نقول ان ضبط الأسعار وردع الفجار من التجار من أوجب الواجبات الدينية وعلى وجه الخصوص خلال شهر رمضان المبارك، فلا مجال للدعممة والسكوت على جشع وظلم وغطرسة التجار لان ظروف المواطنين بالغة الصعوبة والتعقيد وعلى وزارة الصناعة والتجارة تكثيف حملاتها الرقابية على الأسواق ومتابعة مستوى أداء مكاتبها في المحافظات والمديريات ومدى التزامها بالنظام والقانون وانتصارها للمواطن الغلبان الذي يكفيه ما لحق به جراء الحروب والمآسي والصراعات المستمرة في ظل انقطاع المرتبات وتدهور مستوى الخدمات الأساسية وهبوط سعر صرف العملة المحلية مقارنة بالعملات الأجنبية ولا عذر لأي مسؤول في هذا الجانب، وسيسأل الجميع عن تقصيرهم وعدم قيامهم بواجباتهم ومسؤولياتهم ولا عذر للجميع أمام الله عز وجل.

مقالات الكاتب