قصتي مع فتيات المانيات جميلات

قررتُ بيع قطعة من الأثاث في البيت، وضعتُ إعلانًا في موقعٍ للبيع الإلكتروني، راسلتني واحدة باسم "إيما".

اتفقنا على كل شيء، وقالتْ ستمر صباحًا لتأخذ الغرض، كانت وهي تكتب لي تتكلم بصيغة ال "نحن" ، سوف نأتي، سوف نشتريها، سنصل بعد قليل. فأنا بدون تفكير وضعت صورة امرأة متزوجة وستأتي هي وزوجها معاها ليقلّا "السوفا" لأنها كبيرة وثقيلة، والصور والمعلومات التي وضعتها طبعًا كانت تعطي انطباعًا كاملًا عنها!
اتصلتْ علىّ في الصباح وقالت نحن في الأسفل، سوف نركن السيارة، ففكرتُ أنه من باب الأدب أن أنزل للبهو للترحيب بهم ومرافقتهم للأعلى، فإذا بالمفاجأة.

وجدت أمامي شابتين شقراوين آية في الجمال، لا تتجاوز أعمارهما ال ٢٥ عامًا، ممشوقتي القوام على الطريقة الأوروبية. كانت واحدة منهما هي من تسوق بنفسها تراكًا كبيرًا، باص النقل ذا الدفة الواسعة في الخلف، كل هذا وأنا لازلت منتظرة أن يظهر الشخص الثالث، الذي كان في عقلي الباطن من الضروري أن يكون رجلًا، وإلا فمن سيحمل معهن/معنا ما ينتظرنا في الأعلى ؟! 

أول ما سلمتْ عليهما سألتهما بكل "عباطة"، من بيشيل معاكم الحاجة لأني ساكنة في الدور الثاني، ردوا بكل استغراب : نحن اثنتان.

وفعلًا، حملوا الأريكة الثقيلة جدًا بكل سلاسة ويسر ونزلوا بها الدرج، وبدتْ العملية بأسرها وكأنها لعبة أطفال، وضعوها في الشاحنة وانتهى لقاؤنا بتعارف بسيط، علمتْ من خلاله أنهما زميلتا سكن، وهما طالبتان في الجامعة وتعملان بدوام جزئي في واحدة من متاجر المدينة.

عدت للدخل وأنا سعيدة بالمعنى الجديد للاستقلالية الذي أضفته لمفاهيمي، استقلالية القوة، والقوة هنا هي قوة الجسد باعتبارها مكملًا للقوة النفسية وقوة الاستقلال المادي وقوة التعليم وحرية اتخاذ القرار التي ننادي بها، المرأة الضعيفة جسديًا ستظل دائمًا مرهونة لمساعدة الأقوى.

من تريد هذا الأمر طالما وهناك خيارات أخرى، مثل الرياضة، يمكنها أن تمنحك ثلاثة أشياء في آن واحد : جسد جميل، قوة وصحة.

لم تكن هذه الأشياء؛ ولازالت، جزءًا من ثقافتنا، ربما مؤخرًا بدأت الخرافات تتهاوى، واحدة منها أن الرياضة او القوة الجسدية تفقد المرأة أنوثتها، تلك التي غذينا بها في مجتمعنا، مع ظهور نماذج الجميلات العالميات والعربيات وصورهن في قاعات الرياضة تغزو عالم السوشيال ميديا تداعت هذه الفكرة. ومع انتشار الوعي بأهمية الرياضة لصحتنا، سواء العقلية او النفسية او الجسدية، أصبح ذهاب الفتاة للجيم أمرَا طبيعيًا في مجتمعات كثيرة، لكن هل فكرنا ونحن نلاحق السعرات ونحلم بالجسد المثالي، أن نضع القوة الجسدية هدفًا مرادفًا في أهميته للرشاقة والجمال؟

بعض النساء فكّرن وإحداهن رفعتْ علم مصر اليوم وفازت بميدالية ذهبية، وهي الميدالية النسائية العربية الوحيدة في أولمبياد طوكيو، طالبة الصيدلة المصرية فريال أشرف، هذه الميدالية كان بإمكانها أن تكون ميداليات كثيرة غير أننا لازلنا في عالم عربي لا يؤمن بمقدرة النساء الجسدية ولا يرصد مواهبهن، إلا ما ندر. أشعر بالغبن حقًا لأننا ربينا دون صفوف رياضة ولا ثقافة لها ولا رواج! أفكر في احتمالية أنه بإمكاني أن أكون بطلة أولمبية الآن، أو ربما فتاة قادرة على رفع سوفا ثقيلة هي ورفيقتها على أقل تقدير، لكني بدلًا عن ذلك أرفع على طريقة شعبولا خططًا واهية من نوع " ومن أول يناير خلاص هشيل حديد، وايييييه".

مقالات الكاتب

أصبحتُ أمًا!

قلتُ لصديقتي رنا عندما سألتني عن إحساسي بالأمومة بعد أيام عصيبة مرتْ علينا أنا وطفلي، بأنها "إحساس د...

سنة الخروج من فخ المنتصف!

عيد ميلادي، سنة أخرى تركض لا إلى البداية ولا نحو النهاية، عام آخر يخرج من قبضة المنتصف، منتصف الثلاث...