سنة الخروج من فخ المنتصف!

عيد ميلادي، سنة أخرى تركض لا إلى البداية ولا نحو النهاية، عام آخر يخرج من قبضة المنتصف، منتصف الثلاثينات، نصف الأحلام والحلول والنجاحات.
مرّت الأعوام الماضية ثقيلة، وقفت أمامي الحياة وجهًا لوجه وضعت اصبعيها أمام وجهي وقالت لي على طريقة جورج أورويل  I'm watching you!

الأعوام الماضية جعلتني استسلم لفكرة أني لم أعد ابنة الحياة المدلّلة، تلك التي تراضيها بالمحبة والاجتهاد فتحقق لها المراد وفق معادلات الثواب والعقاب. مع بداية العام قلعتُ أخيرًا النظارة الوردية واستبدلتها بمنظار، استعداداً لبدء المعركة.
 
في السنة الماضية، بين الاغسطسين، تحوّلتُ، رغمًا عني، إلى مُقاتلة، فتحتُ بمعاركي الخاصة كل الأبواب المواربة، قامرت في مرات كثيرة، ثم ادركت أن خلف بعض الأبواب المزخرفة أفخاخ، شرك ينتظر الانقضاض، كمين النور المغري الذي يتسرّب من باب جميل وموارب تدخله مزهوًا ببعض التصورات والنوايا الحسنة، وتصوراتنا كما هي آمالنا الكذابة وعشمنا الزائف وحدها من تحملنا على تجروء المشي إلى قلب المصيدة.

بطريقة ما تكتسب وانت تحوم في وسط هذا الكمين بعض القناعات، إما أن تعتبر هذه المصيدة مصيرك، وتحاول بالتالي التعايش مع فكرة بقائك حيًا لا أكثر، وإما أن تجد حيلة ما للعبور، قد تضطر للتدرب على كسر الأغلال، وربما تمضي عمرًا كاملًا وانت تحاول، لكن ضربة واحدة قد لا تكون الأقوى هي من ستهديك لحظة الانفراج. 

في السنة الماضية، بين الاغسطسين، كانت لحظتي، فتحتُ المصيدة، وهرعتُ نحو ملفاتي المؤجلة، ملفاتي المؤجلة المكتوبة بثلاث لغات، والموزعة على ثلاثة أقطار، والمعنيّة بثلاث مجالات، ملفاتي المؤجلة أحمال ظلت عالقة فوق ظهري، حتى ظننتها جزءًا من وزني الذي تخلصت من ١٤ كيلو منه هذا العام في أطول عملية صبر وتأني مارستها في سبيل هدف "غير استراتيجي".

في السنة الماضية، بين الاغسطسين، حظيت بلحظات هدنة، راحة مابين الأشواط، ابتلعتها كاملة، كل لحظة هدوء منحتني اياها الحياة مددت فيها قدماي طويلة حتى كدت أشعر بموج ساحل أبين يلامسهما، تنفّست هواء القاهرة مرتين، وهو وإن كان هواءًا ملوثًا بالعوادم والضجيج إلا أن فكرة أني تقاسمته مع أميّ، سارة والأطفال، أصدقائي وذكرياتي تحيله إلى ترياق للحياة، تجمّعنا كما في الأيام القديمة ولأول مرة منذ ٧ سنوات في العيد، وسمع أمان لأول مرة ومن المسجد "لبيك اللهم لبيك".

لازالت التصفيات مستمرة، بين الأغسطسين، فأنا وإن كنت قد خرجت هذا العام بالتعادل، فقد كان لي بطعم الفوز، لقد نجوت في هذا العام كما على طريقة الرفاق، أخرجت لساني للحياة وهي تناورني وقلت لها على طريقة ديكابريو catch me if you can!