دول الخليج ظاهرة احتجاجية

ذهب المفكر العربي عبدالله القصيمي إلى القول بأن العرب ظاهرة صوتية ، وأنا أقول إن الخليججيين ظاهرة احتجاجية ، وأخص بالذكر هنا السعودية والإمارات بوصفهما خلاصة ما انتهى إليه تحالف دعم الشرعية في اليمن ، انظروا إلى حجم الاحتجاجات التي خرجت من داخل دول الخليج على المستوى الفردي والرسمي ضد تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي الذي قال في حديث عابر إن الحوثيين يدافعون عن أنفسهم وما تقوم به السعودية والإمارات ، يعد عدوانا على اليمن .

استنكر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي العثيمين تصريحات قرداحي ، كما استنكرها الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ، واعتبرها تعكس فهما خاطئا وقراءة سطحية للأحداث في اليمن ، في الوقت نفسه استدعت الخارجية السعودية السفير اللبناني وسلمته مذكرة احتجاج ، ولم تكتف بذلك ، بل اصدرت بيانا ، وسارت على النهج الكويت واستدعت القائم بالأعمال اللبنانية ، وعلى نفس المنوال اعتبرت الإمارات تصريحات قرداحي بأنها مشينة ومتحيزة ، وسارعت البحرين إلى مثل ذلك ولم تكن الخارجية اليمنية بعيدة عن ذلك فقد كلفت سفيرها في بيروت تسليم رسالة استنكار للخارجية اللبنانية .

ودخل على الخط رئيس مجلس إدارة مجموعة MBC وليد بن إبراهيم واعتبر أن تلك التصريحات الصادرة عن قرداحي مستغربة وغير مقبولة واعتبرها تمس ثوابتهم وتضحياتهم ، وبالرغم من تدخل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للملمة الوضع ورفض مسؤليين لبنانيين لهذه التصريحات ، منهم وزير الداخلية ووزير البيئة ونواب في البرلمان واعتبروا أن ذلك التصريح جاء من موقع الجهل المطلق بسياقات الحرب في اليمن ، إلا أن السعودية والإمارات لن تكتفيا بذلك ولن تقتنعا حتى لو أزيلة لبنان من الخارطة ، لأن مثل هذا القول مس ثوابتهم الوطنية ، كما يظنون .

لست بحاجة إلى القول إن الحوثي شن عدوانا على اليمنيين ، وعدوانه على شرعية اليمنيين شرعن للاعتداءات الخارجية ، والسؤال مطروح للسعودية والإمارات : ماذا تسمون تدخلكم في اليمن ؟ أعرف الإجابة ويعرفها كثير من اليمنيين ، أنكم جئتم لإعادة الشرعية ، ومواجهات طموحات إيران التوسعية في اليمن ، حسنا إذا ، أين هي الشرعية التي ستعيدونها وأنتم مختطفين لها في الرياض منذ سبع سنوات ؟ وأين هي مواجهات إيران وسفيرها في صنعاء وسفراءكم في الرياض ؟

إذا كانت تصريحات قرداحي مسيئة وهي كذلك ، فماذا عن أفعالكم في اليمن ، أليست أكثر سوءا ؟ قلتم ستحررون صنعاء فوجدناكم في سقطرى ، وقلتم حررتم ٨٥ ٠/٠ فلم نجد عليها سوى أحزمة ونخب ومليشيات متعددة ، ووجدنا ابن المهرة يذهب إلى مطار سيئون بينما مطار الغيضة فيه قاعدة عسكرية سعودية ، وابن المكلا يذهب إلى مطار سيئون لأن مطار المكلا فيه قاعدة عسكرية إماراتية .

قلتم أنكم جئتم لإنقاذ اليمن وإقناع العالم بقضية اليمنيين العادلة وشرعية الحكومة اليمنية ، فوجدناكم تشرعنوا للمليشيات وما اتفاق الرياض عنا وعنكم ببعيد ، قلتم أنكم أجبرتم الحوثي على الجلوس على طاولة المفاوضات ، فوجدناه يرفض مبادراتكم للسلام ومبادرة الأمم المتحدة المتعلقة بخزان صافر .

قلتم أنكم قدمتم دعما وإسنادا لقوات الشرعية ، فوجدنا الجيش بدون سلاح وطيرانكم يخدعنا كل يوم وهو يهيء الطريق أمام الحوثيين لاحتلال مزيد من الأرض ، والريال ينهار أمام الدولار في المناطق التي تتواجدون فيها كل يوم ، وقلتم أنكم أوصلتم الشرعية إلى مشارف صنعاء ، لكنكم أعدتموها إلى ماوراء الجوف ، ولم تجروا أي تحقيق لمعرفة من هو السبب في ذلك ، لأنكم تعلمون أن تلك فعلتكم وليست فعلة أحد غيركم .

على الأقل سارع رئيس الحكومة اللبنانية إلى محاولة معالجة خطأ شخص عبر عنه بالقول الذي لا يقدم ولا يؤخر ، بينما أنتم تمارسون أفعالا تؤذينا كيمنيين وستؤذيكم لا محالة ولم تحركوا ساكنا أمامها ، ما قاله جورج قرداحي تتحملون وزره أنتم ، لأنكم لم تستطيعوا إقناع العالم بما تمارسونه في اليمن ، فهل يعقل أن أحدا في العالم ، حتى لو كان معتوها سيقتنع أنكم تريدون إعادة الشرعية وأنتم تحتجزونها لسبع سنوات متتالية ، وهل سيقتنع بأنكم تدعمون الجيش الوطني وأنتم تمنعون عنه السلاح ، وهل سيقتنع أنكم تواجهون إيران وسفيرها في صنعاء يدعم الحوثيين بالمال والخبراء وسفيركم في الرياض يسرق المعونات والودائع ؟

إذا لم تصححوا من ممارساتكم وتعيدون النظر في أفعالكم ، فأنتم عدوان يضاف إلى عدوان الحوثي ، ولا يمكن أن تكونوا غير ذلك ، فلن نستطيع أن نقول لليمنيين أنكم جئتم لمساعدتهم وأنتم تغلقون مطاراتهم وموانئهم وتراكمون الفساد السياسي والاقتصادي ، وستكونون أنتم والحوثي أعداء الشعب اليمني الذي سيدافع عن وجوده حتى لو لم يملك إلا عظام أبنائه الذين قتلتموهم أنتم والحوثيين ومن ورائهم إيران .

عادل الشجاع

مقالات الكاتب