ماذا يجري في الحديدة ؟

أسست الإمارات مليشيات خارج الشرعية وعملت على تمزيقها في مسميات مختلفة ، فهؤلاء حراس الجمهورية وتلك الألوية التهامية وأولئك ألوية العمالقة ، ثم دفعت بهم إلى تحرير الساحل الممتد حتى ميناء الحديدة ، ثم قالت لهم ومعها السعودية ومن ورائها أمريكا وبريطانيا توقفوا ، وجاؤا بالشرعية لتوقيع اتفاق ستوكهولم ، كي تعطي مشروعية لوقف تحرير الحديدة .

بالأمس وجدت الإمارات والسعودية نفسيهما في مأزق ، فالأولى محتلة لمنشأة بلحاف الغازية التي تدر على خزينة الدولة ما يزيد عن ٢٠ مليار دولار في السنة ، والثانية ضامنة عليها لمغادرتها بعد مهلة أقصاها ثلاثة أشهر ، بسبب مطالبة السلطة المحلية في شبوة مغادرة المنشأة ، ولما كان الوقت يقترب من نهاية المهلة طلبت الإمارات بعلم من السعودية من القوات المشتركة إخلاء مواقعها للحوثي بطريقة تحدث صدمة ورعب حتى يتم تأجيل الانسحاب من شبوة .

وفي هذا السياق يزخر تاريخ الحرب بشكاوي الذين تخل عنهم التحالف ، سواء في حجور أو نهم أو الجوف أو البيضاء أو جبهة العود في إب أو أي مكان وجدت فيه الشرعية المشتتة ، والارتباك الحاصل في المشهد هو مزيج من مصالح السعودية والإمارات والمدافعون عن سياساتهما الذين دأبوا على الدفاع عنهما وتبرير كل الأخطاء .

يسبغ سوء الفهم الشعبي والإعلامي حول دور طارق صالح في الانسحاب ، وقد استعر نقاشا حوله ما بين مخون له وبين مبرر  لانسحابه  واعتبار ذلك الانسحاب نصرا مؤزرا ، ويغفل هؤلاء بأن طارق نشأ خارج الشرعية وأن الشرعية صادرت دول الرباعية قرارها ، أو هي تخلت عن هذا القرار ، وبالتالي فالذي يسير القرارات هو التحالف .

عودا على بدء السعودية تقوم بدور طبيب التخدير والإمارات بدور الطبيب الذي يجري العملية الجراحية ، تحاول السعودية أن تظهر أنها لا تتوافق مع السياسة الإماراتية في اليمن ، لكنها هي التي تشرعن لها كل ممارساتها التخريبية ، فبعد الانسحابات التي ظهرت مفاجئة سيتم الدفع ببعض القوات إلى العودة لتحرير بعض المواقع لقتل أكبر عدد من اليمنيين .

وماذا بعد ، سيتم نقل القوات المشتركة إلى شبوة والبيضاء والجوف ، كما ورد في بيان هذه القوات الذي قال ، بأن هناك جبهات أكثر أهمية وبعيدة عن الاتفاقيات ، ولن تكون صنعاء هي المبتدأ والمنتهى ، لأنها ليست هدف التحرير ، بالرغم من وجود القرارات الدولية التي تجيز لأي قوة التحرك صوبها لتنفيذ هذه القرارات وإسقاط الانقلاب .

يجب مناقشة ما جرى في الحديدة في إطار كلي وليس جزئي ، بمعنى يجب أن نحاسب القوات المشتركة وفق القرارات التي ستتخذها الشرعية ويتخذها مجلس النواب والحكومة ، إما إذا لم يصدر شيئا عن هذه الجهات ، فمعنى ذلك أننا نبحث عن حل مشكلتنا في غير محلها ولن نجني من ذلك سوى مزيد من الكراهية لبعضنا البعض ، بينما قرارنا يظل مختطفا بعيدا عنا ، وسنظل حطبا لمعارك السعودية والإمارات وإيران .


عادل الشجاع

مقالات الكاتب