عندما يحتفل صناع الموت بالسلام!

احتفلت الشعوب الأوربية أمس بمئوية نهاية الحرب الكبرى، في جو من الحرية والأمن والرخاء، بعد عقود من الحروب والازمات كانت آخرها الحرب العالمية الثانية التي كادت أن تمحي ألمانيا من على وجه الكرة الأرضية.

و حضر أمس زعماء العالم إلى فرنسا احتفالا بالسلام الذي عم القارة العجوز التي اسقطت الحدود أمام شعوبها لتتواصل وتتكامل وترقى  في كنف الحرية والأمن.

وقد احتضنت العاصمة الفرنسية  الحفل الكوني الذي جمع رؤساء اعتى الديمقراطيات إلى جانب أكبر الدكتاتوريات من جمهوريات وممالك، ورؤساء أسوأ الحكومات وأكثرها فسادا، وتغنى الجميع  بالسلام ، بينما في الجهة الأخرى من الارض ، في مشرقنا العربي وفي افريقيا ما زال الشعوب تعاني من كل المظالم، من الديكتاتوريات التي خلفت الاستعمار وكانت أبشع منه، ومن الاستعمار الجديد في افريقيا  الذي ما زال يستنزف خيراتها، ويجعل ارضها بؤرة للصراعات والحروب وسوقا للسلاح ، ويمنع أي فرصة لبناء دول مستقلة و مجتمعات راقية ومنظومة تربوية تبنى الانسان ، كما يمنع تطورها الاقتصادي لتبقى سوقا مفتوحة لنفاياتها الصناعية، وإذا ما ظهرت بها  أدمغة وعلماء أخذتها لتحرم منها بلدانها لتبقى هذه ترزح في التخلف والفوضى.

نعم احتفل أمس صناع الموت  بسلامهم الذي حرموا منه شعوبنا، وهم يحركون في كل شبر من اوطاننا  نزاعات وحروب.

لا أدري إن تذكر هؤلاء المحتفلين بسلام أوربا وانتصار شعوبها على الأحقاد والكراهية التي طبعت علاقتها لقرون من الزمن، الشباب الافريقي الذي يرمي كل يوم بنفسه في البحر عبر قوارب الموت، طمعا في حياة كريمة بين شعوب اوربا السعيدة، فيبتلعه البحر المتوسط الذي صار مقبرة للمهاجرين الافارقة، بينما يدعى زعماء أوربا أنه بحيرة سلام ورابط بين شعوبه في الضفتين، ومن ينجو منهم، يستقبله حراس الشواطئ هناك ويسجن في مراكز فرز قبل أن يعاد إلى جحيم أوطانه وتتحول أحلامه إلى كوابيس.

لكن من زعماء البلدان المغلوبة على أمرها  ذكر الاوربيين بمسؤولياتهم  وبالمآسي التي تحدثها سياساتهم الاستعمارية القديمة والحالية في أوطاننا؟ وأنى لهم أن يفعلوا وهم ما كانوا ليجثموا على صدور شعوبنا المنكوبة  بدون دعم الحكومات الاوربية ، فهي إن غضبت منهم تحرك ضدهم الانقلابات وتصادر أموالهم المهربة إلى بنوكها ، وهكذا تستمر مآسينا ويستمر نهب ثرواتنا ،ونبقى سوقا لأدويتهم ولصناعاتهم المسمومة.

فلا سلام لأوروبا ، لا سلام للعالم وأبناؤنا تلتهمهم يوميا أسماء البحر، وترابنا مسرحا لتجارب اسلحتهم ، ورقابنا تحت سيف داعش المسلول لتبقى أوربا وأمريكا تنعم بالرخاء والاستقرار.

مقالات الكاتب

هنيئا يا جزائر !

كل شيء فيك جميل هذه الأيام يا جزائرنا، انتصارات الفر يق الوطني التي أعادت الأمل للشباب بعد سنوات من...

هلموا إلى الحوار !

لا أدري إن كانت المجاهدة، جميلة بوحيرد، ستقبل أن تكون ضمن الهيئة التي اختارتها منظمات من المجتمع الم...

الهويات القاتلة !

لا بأس أن أستعير من الروائي العالمي، أمين معلوف، هذا العنوان لكتابه "الهويات القاتلة"، لأعبر من خلال...