بس يا بحر !

اعتذر للأشقاء الكويتيين، وأستلف منهم عنوان فيلم مؤلم روى مأساة المجتمع الكويتي ما ثورة  طفرة النفط، عندما كانت الحياة شحيحة، ولا دخل لهم إلا صيد اللآلئ وما تعرضه لشبابه من مخاطر.

بس يا يا بحتر ، وتوقف عن التغرير بأبنائنا، قل لعرائسك أن تصمت وتكف عن دعوتهم للمغامرة !

 المهرولون نحو قصر المرادية، من سيصوت لكم في أفريل المقبل؟ لا أقول هذا نقلا عن أنس تينا الذي نشر فيديو "ما نصوطيش" السنة قبل الماضية متهكما على الانتخابات البرلمانية، بل على الشباب الذي أكله البحر والاسماك،  فكل يوم تلفظ شواطئ المتوسط المئات من الجثث لشباب سدت في وجوههم أبواب الأمل، ولم يبق أمامه إلا المغامرة في قارب فرص الموت فيه أكبر من فرص النجاة؟

ومن أين يأتينا الأمل عندما يستهل المرشح" الأوفر حظا" للرئاسيات حسب بعض القراءات الإعلامية، حملته غير الرسمية بالتخويف، ويعد الجزائريين بسنوات عجاف  وبالدم والدمار؟ ألم يقل الوزير الأول الذي قاد حكومات  لأكثر من عشريتين أن السنة المقبلة ستكون عصيبة على الجزائريين؟

هل شاهد علية القوم كل تلك الجثث الطافية ؟هل سمعوا أنين الأمهات، والشباب المرشح للحرقة، ولا حلم له إلا الفرار من بلاد كانت في نظرنا أجمل البلدان، وهي أجمل البلدان، بشمسها وبحرها ورمالها ونخيلها، وهي من أغنى البلدان بثرواتها، وأرضها التي تدر ذهبا؟ 

كيف لهؤلاء أن يهربوا من الدفء نحو الصقيع، ومن أحضان أسرهم نحو المجهول، لو مازال هناك خيط أمل ولو رفيع يشدهم إلى وطنهم؟ 

كيف لنا أن نقنعهم بأن المستقبل أفضل، وأن لا وطن بديل لوطنهم، وحكامنا يهربون "أموالهم" وأبناءهم إلى عواصم أخرى ويختارون لهم أرقى الجامعات، بينما يقرؤون على مسامعنا خطب الويل والاحباط؟

كيف لشباب كان حلمه تحرير فلسطين والذود عن ثالث الحرمين، أن يكفر ببلاده وبأهله ويختار الموت غرقا على أن يحيا متسكعا في الشوارع لم تنفعه شهادته من تحقيق ابسط حلم، منصب عمل يقتات منه؟

الواقع كذب أمجاد التاريخ والبطولات، وسياسة الامر الواقع تذبحنا كل يوم ، وتحجب عنا شمس وهواء هذا الوطن؟ 

لا !لا نشكك أبدا في تضحيات النساء والرجال، لكن ماذا نصنع بكل الخيانات والدوس المستمر على الذاكرة؟

من ليس له تاريخ لن يعرف أين يتجه، فكيف لنا وهناك من يتبول على الشهداء ويقزم تضحياتهم ، ويختزل معاناة شعب وثورة عظيمة في حرب أو معركة؟

ما فعلته خطب الاحباط وفضائح الفساد فينا، أكثر بشاعة مما فعلته مجازر الارهاب، فقد تفرقت صفوفنا وصرنا قطعانا، بعد أن وقفنا وقفة الشرفاء ، وقفة الوفاء للشهداء في وجه آلة الدمار وحمينا بآلاف التضحيات الجمهورية من الانهيار، فكيف اليوم نقف عاجزين أمام انتحار أبنائنا عرض البحر؟ هل ضاقت بنا الدنيا، أم هي لعنة الشهداء، لكن لماذا تصيب البسطاء منا؟

سدوا المنافذ والموانئ، ليس بحراس شواطئ ، بل  بلحظة صدق تعيد لنا الأمل تعيد ابنائنا اليائسين إلى أحضان أمهاتهم، غلى أحضان الوطن !

مقالات الكاتب

هنيئا يا جزائر !

كل شيء فيك جميل هذه الأيام يا جزائرنا، انتصارات الفر يق الوطني التي أعادت الأمل للشباب بعد سنوات من...

هلموا إلى الحوار !

لا أدري إن كانت المجاهدة، جميلة بوحيرد، ستقبل أن تكون ضمن الهيئة التي اختارتها منظمات من المجتمع الم...

الهويات القاتلة !

لا بأس أن أستعير من الروائي العالمي، أمين معلوف، هذا العنوان لكتابه "الهويات القاتلة"، لأعبر من خلال...