السعودية ساعدت الحوثيين على أن يتحدثوا باسم السيادة اليمنية

لامجال لقراءة تطورات الحرب في اليمن من دون التركيز على الدور السعودي ، لاسيما فيما آلت إليه الأمور بعد ثمان سنوات ، فقد أصبحت السياسة في اليمن تدور حول الحوثيين بحيث ينتظر الجميع موافقة هذه الجماعة على الهدنة وعلى فتح الطرقات وعلى صيانة خزان صافر والسماح للمنظمات بالعمل ، فاللعبة أدارتها السعودية باتجاهين ، الأول بمصادرة قرار الشرعية ، والثاني بترك الحوثيين يتحدثون عن السيادة ومواجهة العدوان ، وفي الحالين شيء من السذاجة وكثير من الغباء .

انطلقت السعودية من هدفين رئيسيين في حربها في اليمن ، أولهما ضرب الجمهورية وتفكيك الدولة ، وثانيهما اعتقادها أنها تستطيع الحوار مع الحوثيين في أي لحظة وإغرائهم بالمال وإبعادهم عن إيران 
كونهم الأقرب إلى تركيبة النظام السعودي بوصفهم أسرة ، واليوم تواجه السعودية مأزقا جعل محمد بن سلمان يعيش حالة فوبيا من 
الأزمة اليمنية مما جعله يترك ملفها للسفير آل جابر يمارس كل غبائه السياسي في ضرب الشرعية وتعزيز أكاذيب الحوثيين في الحديث عن حماية السيادة اليمنية وحشد اليمنيين إلى محرقة الدفاع عن بقائهم 
تحت مبرر الدفاع عن السيادة .

تمارس السعودية كذبة دعم الشرعية ، مثلما تمارس جماعة الحوثي كذبة الدفاع عن السيادة ، فالذي يريد استعادة الشرعية ، يجب أن يؤمن لها السلاح بدلا من تسليح المليشيات ، ومن يريد الدفاع عن السيادة ، يجب دفع مرتبات الناس والحفاظ على وظائفهم ، بدلا من 
جعلها وسيلة ابتزاز والحوار عليها ، فالمرتبات كانت موجودة ولا تحتاج إلى حوار اليوم حولها .

كذبة دعم الشرعية ، تظهر في الفراغ الرئاسي الذي صنعته السعودية 
من خلال مجلس القيادة الرئاسي الذي يطل برؤوس متناقضة والذي زاد المشهد السياسي إرباكا وجرد من حق اتخاذ القرار وأصبح يعاني من نفس العجز الذي أصاب الحكومة من قبله والتي تعاني من ضعف 
وفساد ، كل ذلك يضاف إلى تراجيديا انتخاب رئاسة لمجلس النواب 
الذي ظهر مدافعا عن عبث السعودية والإمارات بدلا من الدفاع عن اليمن واليمنيين .

في كل بلدان العالم تختلف النخب وتتعدد ، لكن تجمعها السياسة والدستور والسيادة والمواطنة ، لكن السلطة التي تبنتها السعودية والإمارات توحدت في التخلي عن السياسة والدستور والسيادة والمواطنة ، وبذلك أوصلت السعودية الحوثي إلى مبتغاه ومكنته من رفع مستوى الأزمة اليمنية ليفاوض بورقتها ليس فقط على صعيد الانهيار الداخلي ، ولكن أيضا على الصعيد المتعلق بالتفاوض معها .

كان اليمنيون يؤملون على مجلس القيادة الرئاسي ، خاصة بعد تبرم السعودية من هادي ونائبه واعتبارهما سببا في الفشل والانتكاسات التي أصابت الشرعية ، لكن سرعان ما تبددت هذه الآمال ، بعد أن أتاحت الوقت والمساحة للمليشيات الانقلابية للماطلة وللحوثي في تعزيز سلطته ، أقل شيء كان بإمكان السعودية أن تساعد رئيس مجلس القيادة باحتكار القوة في المناطق غير المحتلة ، لكنها حتى هذه اللحظة تصر على تجريده من صلاحياته وتعطيل هيكل القيادة السياسية والعسكرية وصلاحيات آل جابر أقوى من صلاحيات الدكتور رشاد العليمي الذي مازال عالقا بين المليشيات .
عادل شجاع

مقالات الكاتب