هكذا عرى العياشي الجميع !

الشاب المرحوم العياشي الذي قضى نحبه في بئر بعد أن بقي حبيس جدرانها الضيقة لقرابة الأسبوع ، ضحية من ؟

هل هو ضحية الوالي وبقية السلطات المحلية  ورجال الحماية المدنية في ولاية المسيلة ، أم ضحية ظروف نفسية صعبة يمر بها الشاب مثلما نشر في بعض الصفحات الاجتماعية ، أم هو ضحية وضعية اجتماعية و ذهنيات تعاني الجهل والتخلف، وإلا بماذا نفسر لجوء المنقذين إلى الرقاة والحديث عن الجنية المزعومة؟

أسئلة ترددت كثيرا في طرحها على نفسي أولا،  وهي كيف سقط المسكين في بئر قطرها اقل من نصف متر، وكيف وصل بضعة أمتار إلى الأسفل ثم يعجز عن الخروج؟

هل يعقل أن يسقط شاب في ثقب بهذا الحجم ، أم أنها جريمة قتل يحاول البعض التستر عليها و تفسيرها غيبيا، أو محاولة انتحار ورط فيها الجميع، وكل الظروف مهيأة لتقبل التفسير، بعد  كل عمليات استغباء الشعب من قبل قنوات بلحمر التي بشرتنا من أيام بقرب ميلاد المهدي المنتظر، وفتاوى الضحك على "الغاشي" لشميسو ؟

لا تقولوا أنه ضحية إهمال الدولة  التفسير السهل والشماعة التي نعلق عليها كل خيباتنا، فها هي الرافعات وكل عمليات الحفر لأيام لم تستطع انتشاله حيا أو ميتا من البئر.

قضية العياشي رحمه الله  كشفت مدى الجهل المعشش في أوساط المجتمع  في المدن الداخلية مثلما في العاصمة تنتشر الخرافة، فبعد عقود من التعليم  لم نصنع بعد مجتمعا متنورا ولا إعلاما  ينشر الوعي ويربي المواطن، بل بالعكس  استثمر في الخرافة والتفاهة، و  العياشي هو ضحية هذا المجتمع وضحية إعلام  الضحك على البسطاء، مثلما هم ضحيته آلاف  الشباب الذي يرمي بنفسه يوميا في البحر لأنه فقد أي أمل في المستقبل على هذه الأرض التي نصورها  له يوميا على أنها جحيم.

ثم بأي حق يطالب البعض بمحاسبة والي المسيلة  واتهامه بالتقصير في إغاثة المسكين، وبأي حق يتجمهر  أهالي الحراقة الضحايا في وهران لمطالبة السلطات باسترجاع أبنائهم؟ نلوم حراس السواحل لأنهم لم يقوموا بواجبهم ويمنعوا أفواج الحراقة من ركوب البحر ليس  أن يطالبونهم باسترجاع أبنائهم، فالمسؤولية الأولى تقع على أسرهم ، لماذا لم يمنعوهم من المغامرة ؟

السقوط في الشعبوية  وتلبيس التهمة للآخر خاصة الدولة هو الذي أوصلنا للدرك الأسفل بين الأمم، كلهم مسؤولون على خيباتنا إلا نحن ، لا نحاسب أنفسنا هل قصرنا وهل حاولنا ؟

نعم السلطات تتحمل الكثير من المسؤوليات في فشل منظومة التعليم والتكوين وتوفير الفرص المتكافئة،  وعلى الانسداد السياسي وغياب العدالة الاجتماعية ، لكن ماذا عن المواطن  وهل هو حقا يستحق اسم المواطن؟ 

رحم الله العياشي والهم أهله الصبر .

مقالات الكاتب

هنيئا يا جزائر !

كل شيء فيك جميل هذه الأيام يا جزائرنا، انتصارات الفر يق الوطني التي أعادت الأمل للشباب بعد سنوات من...

هلموا إلى الحوار !

لا أدري إن كانت المجاهدة، جميلة بوحيرد، ستقبل أن تكون ضمن الهيئة التي اختارتها منظمات من المجتمع الم...

الهويات القاتلة !

لا بأس أن أستعير من الروائي العالمي، أمين معلوف، هذا العنوان لكتابه "الهويات القاتلة"، لأعبر من خلال...