خالد بحاح سفير بحجم وطن
عبر بعض السجناء اليمنيين الذين يقبعون في السجون المصرية عن فرحتهم واعتزازهم بزيارة السفير خالد بحاح...
تقيأ خالد الرويشان في مقالة له بعنوان " دولة عفاش والمزامير الرخيصة " ، كل مافي قاموس البذاءة والشتيمة والحقد والكراهية ومركبات النقص والشعور بالدونية وأظهر نفسه ظمن حملة يقودها الإماميون ورموزهم من الحوثيين وبعض القوى الأخرى لتشويه الرجل وانتزاع منه كل إنجاز ومحاولة سلبه فضائله وإنجازاته ، شنوا عليه حملات مسيئة لتاريخه وشمتوا فيه بعد قتله .
أنا هنا لست بصدد الدفاع عن صالح ، لأن لصالح أخطاء ليس من السهل الدفاع عنها ، لكن الاعتراف بما حققه خلال فترة حكمه هو أول الطريق لاحترامنا لأنفسنا وعدم تضليل الأجيال أو تزييف وعيهم ، فمثلما كان له أخطاء كانت له إيجابيات حققت لليمن إستقرارا ، فقد أنهى حروب المناطق الوسطى التي كانت جزءا من الحرب الباردة وأسس المؤتمر الشعبي العام الذي استوعب كل الأحزاب والمكونات السياسية ومضى نحو الوحدة والتعددية السياسية وجعل اليمن حاضرة في كل المحافل الدولية .
قال الرويشان : " لاغبار أن الحال اليوم أسوأ ، لكنها ضريبة الصمت لمرحلة فساد سابقة وطويلة كانت تديرها أيدي الرجل المتسخة " ، فالرويشان هنا يعيد كل هذه الانهيارات إلى الأيدي المتسخة وهو إذا واحدة من هذه الأيدي المتسخة الذي بدد ١٢ مليار ريال ميزانية صنعاء عاصمة للثقافة العربية ولم ينجز شيئا سوى طباعة ٥٠٠ كتاب هزيلة مليئة بالأخطاء وأغلبها ليست ذات قيمة ومع هذا كانت مديونية وزارة الثقافة لمخابز الشيباني ٤٠ مليون ، إضافة إلى مديونية أخرى بعشرات الملايين لإحدى دور النشر اللبنانية مقابل طباعة بعض هذه الكتب .
كان تعيين الرويشان وزيرا للثقافة واحدة من أخطاء الرئيس صالح ، وقد قلت رأي هذا في حينه وهو مدون في صحيفة الجمهورية ، عين وزيرا على حساب قامات ثقافية خدمت القضية اليمنية وكان لها إسهاماتها المحلية والدولية ، بينما الرويشان لم يكن سوى أراجوز ثقافي طارئ على الثقافة لم يصنع شيئا من يومها وحتى يومنا هذا .
أمثال الرويشان كثيرون تسلقوا على أكتاف المثقفين والمفكرين الحقيقيين ولم يكونوا سوى أقزام ليس لديهم قضية ، كتبت عدة مقالات في صحيفة الثقافية يومها وحذرت من الخطأ الفادح الذي أوكل وزارة مثل وزارة الثقافة للرويشان وخاصة في فترة صنعاء عاصمة للثقافة العربية ، ولم يكن رأي حينها من باب المنافسة معه لأنني لم أكن جزءا من السلطة ، بل كان رأي فيه بعد أن اقتربت منه ووجدت أنه عبارة عن فقاعة كل ما في الأمر أنه استأجر مجموعة من حملة المباخر والدراويش ليكتبون عنه ويملؤن الدنيا ضجيجا بكونه الوزير المثقف .
إذا عدنا إلى صنعاء عاصمة للثقافة العربية وعدد الكتب التي طبعها الرويشان بكل مافيها من عيوب ، سنجد أن دار عبادي قامت بطباعة كتب تفوق ما قامت به وزارة الثقافة عشرات المرات وكتب ذات قيمة وجودة ، ولم يكن فساد هذه اليد المتسخة في الوزارة فحسب ، بل امتد إلى صندوق التراث الذي حرص الوزير على ألا يكون للصندوق مجلس إدارة مستقل ولا خطط تنفيذية ولا لوائح مالية أو أدلة محاسبية ، وحوله إلى صندوق للهبات وشراء الأقلام المأجورة ، فلم يبني مسرحا ولا مركزا ثقافيا ولا مكتبة عامة ولم يرمم أثرا ، بل وترك الآثار بدون تسجيل رسمي ، ليسهل سرقتها وبيعها .
أليس العبث بالأموال العامة يعد عملا تخريبيا وعدونا على المجتمع وفق المادة ١٩ من الدستور اليمني ،لماذا قبل الرويشان أن يكون واحدة من الأيدي المتسخة ؟ ولماذا لم نقرأ له رأيا معارضا لنظام صالح في ذلك الوقت ؟ ألم أقل لكم أننا أمام ممثل منزوع الخصوبة والتفكير ، يقود حملة التضليل خدمة للحوثيين الذين يريدون تحميل صالح كل ما حدث ويحدث وما سيحدث وإعفاء أنفسهم مما ارتكبوه وسيرتكبوه،
يبرر الرويشان ذلك بالقول : " من الطبيعي أن يصاحب مرحلة التطهير لما بعد صالح الكثير من الآلام..حماقة الظن بعصر ذهبي يلوح أفقه مع رحيل الرجل ".
هكذا بكل وضوح يعفي الحوثيين من كل جرائمهم ومن أي استحقاق لاختطافهم السلطة بالقوة ويدعونا إلى تحمل الآلام وأننا سنكون حمقى إذا ظننا بأن بعد صالح سيأتي عصر ذهبي ، ثمة فرقا كبيرا بين احترام التاريخ وتزويره ، فهو يريد تحميل صالح كل ما حدث ويحدث في اليمن وإعفاء الحوثيين مما ارتكبوه من تعطيل للحياة وللتنمية ، وهنا يتضح لماذا بقي الرويشان في صنعاء دون أن يمسه الحوثيون بأذى، ويكفي صالح من الأخطاء أنه كان من أدواته ، ويكفيه من الإيجابيات أنه غادر الحياة تاركا وراءه رصيدا ضخما من الكرامة وعزة النفس وأرفع القيم الوطنية وستظل وصاياه تحرق الحوثيين مثلما تحرق النار الشياطين .