مهما غدرت الإمارات بالشرعية فإن اليمن ليست للمقاولة أو البيع أو المساومة
منذ أن وطأت الإمارات أرض اليمن الطاهرة وهي تلوثها بسلوكها المتعارض مع القرارات الدولية وأهداف التحال...
كل ما في وطني يبعث على اليأس ، كل ما يتساقط على الرأس من أخبار وما يخترق الأذن من أنباء ، أينما وجد اليمني تحاصره الكوارث ، شعب بأكمله يسير نحو الموت ، البعض مخدرين والبعض الآخر محرضين أو مهللين ، شعب يواجه الموت كل يوم وهو يكدح للحصول على لقمة العيش لتبقيه على قيد الحياة ، في ظروف تتحول يوما فيوما إلى مأساة تتفاقم إلى كوارث ، وصفوة المثقفين والإعلاميين مشغولين بتدبيج المديح لمن يغتصب أفكارهم ويغتصب بلادهم ومن فوقهم سلطة لم تعد قادرة على رفع رأسها من شدة الركوع بين يدي من منحها السلطة علينا .
اليمنيون الشعب الوحيد في العالم الذي لا بواكي له ولا عليه ، لم يعودوا محل اهتمام أحد ، أغلق العالم حدوده في وجوههم ، وأصبحت طرقهم مملوءة بالمآسي التي تقشعر لها الأبدان ، فمنهم من يقضي نحبه غرقا ومنهم من مات تجمدا في الثلوج ومنهم من ينتظر في ظروف بائسة ، ومأساة اليمنيين العالقين في حرب السودان ليس كمثلها مأساة ، لا لأنهم وقعوا تحت رحى الحرب ولا لأن حكومتهم تخلت عنهم ، بل لأنهم وجدوا أن من يقود الحرب في بلادهم هو من يقود الحرب في السودان ، إنها الرباعية( أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات ) ، وقد هالهم أن هذه الرباعية تطالب بهدنة للسماح بأعمال الإغاثة الإنسانية ولا تطالب بحل سياسي لوقف القتال ، ليتكرر السيناريو اليمني هنا في السودان .
كما قلنا مأساة اليمنيين ليس كمثلها مأساة ، لا توجد حكومة ترعاهم ، فالحكومة يديرها لص برعاية إقليمية وتتحكم بها مليشيات تعمل بالأجر اليومي لدى دول الإقليم ، وهؤلاء اليمنيون الذين عصفت بهم الظروف إلى السودان لا يتبعون أي مليشيا من المليشيات حتى تطالب بعودتهم ، فليس لهم مقام في الجنوب لأنهم وحدويون في نظر الانتقالي ولا مقام لهم في الشمال لأنهم دواعش في نظر عصابة الحوثي الإرهابية .
اليمنيون في السودان فروا من حرب إلى حرب أخرى ووجدوا أنفسهم داخل لعبة الرصاص في السودان ، حيث قفز الجيش السوداني وقوات التدخل السريع من كراسي المفاوضات إلى دبابات الحرب ، والمثير للسخرية أن السعودية التي تقود الحرب في اليمن ذهبت لإجلاء مواطنيها ومواطني ١١ دولة لم يكن من بينها اليمن ، كيف ستجلي اليمنيين وهي التي أغلقت حدودها أمام الفارين من جحيم حربها ، وتمن علينا أنها سمحت للشرعية التي صنعتها من حثالة اليمنيين تقيم في الرياض تسع سنوات .
ما نستطيع أن نقوله لإخواننا العالقين في حرب السودان عليكم البقاء ومواجهة الموت فذلك قدركم ، لأن اليمني ميت لا محالة ، إما بقصف سعودي إماراتي ، أو بقصف حوثي ، أو على يد ميلشاوي أجير نزع ظميره وتخلى عن وطنه ، أو قضى نحبه في تدافع بحثا عن لقمة عيش تبقيه ليوم آخر ، فأنتم مخيرين بين الموت أو الهجرة مجددا ، وبما أن اليمنيين غير مرحب بهم في أي بلد في العالم ، فليس أمامكم سوى الموت ، فلا تعولوا على حكومة رئيسها تورم جسده وتسرطن من الفساد ومجلس قيادة نزع من أعضائه الإحساس بالكرامة وقيادات الأحزاب مشغولة بتشتيت شملها وتدمير بلدها وتمزيق شعبها ، كم هو موجع أن يجد المرء الموت من أمامه ومن خلفه ، ذلك هو حال اليمني أينما وجد .