خالد بحاح سفير بحجم وطن
عبر بعض السجناء اليمنيين الذين يقبعون في السجون المصرية عن فرحتهم واعتزازهم بزيارة السفير خالد بحاح...
كل ما في وطني يبعث على اليأس ، كل ما يتساقط على الرأس من أخبار وما يخترق الأذن من أنباء ، أينما وجد اليمني تحاصره الكوارث ، شعب بأكمله يسير نحو الموت ، البعض مخدرين والبعض الآخر محرضين أو مهللين ، شعب يواجه الموت كل يوم وهو يكدح للحصول على لقمة العيش لتبقيه على قيد الحياة ، في ظروف تتحول يوما فيوما إلى مأساة تتفاقم إلى كوارث ، وصفوة المثقفين والإعلاميين مشغولين بتدبيج المديح لمن يغتصب أفكارهم ويغتصب بلادهم ومن فوقهم سلطة لم تعد قادرة على رفع رأسها من شدة الركوع بين يدي من منحها السلطة علينا .
اليمنيون الشعب الوحيد في العالم الذي لا بواكي له ولا عليه ، لم يعودوا محل اهتمام أحد ، أغلق العالم حدوده في وجوههم ، وأصبحت طرقهم مملوءة بالمآسي التي تقشعر لها الأبدان ، فمنهم من يقضي نحبه غرقا ومنهم من مات تجمدا في الثلوج ومنهم من ينتظر في ظروف بائسة ، ومأساة اليمنيين العالقين في حرب السودان ليس كمثلها مأساة ، لا لأنهم وقعوا تحت رحى الحرب ولا لأن حكومتهم تخلت عنهم ، بل لأنهم وجدوا أن من يقود الحرب في بلادهم هو من يقود الحرب في السودان ، إنها الرباعية( أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات ) ، وقد هالهم أن هذه الرباعية تطالب بهدنة للسماح بأعمال الإغاثة الإنسانية ولا تطالب بحل سياسي لوقف القتال ، ليتكرر السيناريو اليمني هنا في السودان .
كما قلنا مأساة اليمنيين ليس كمثلها مأساة ، لا توجد حكومة ترعاهم ، فالحكومة يديرها لص برعاية إقليمية وتتحكم بها مليشيات تعمل بالأجر اليومي لدى دول الإقليم ، وهؤلاء اليمنيون الذين عصفت بهم الظروف إلى السودان لا يتبعون أي مليشيا من المليشيات حتى تطالب بعودتهم ، فليس لهم مقام في الجنوب لأنهم وحدويون في نظر الانتقالي ولا مقام لهم في الشمال لأنهم دواعش في نظر عصابة الحوثي الإرهابية .
اليمنيون في السودان فروا من حرب إلى حرب أخرى ووجدوا أنفسهم داخل لعبة الرصاص في السودان ، حيث قفز الجيش السوداني وقوات التدخل السريع من كراسي المفاوضات إلى دبابات الحرب ، والمثير للسخرية أن السعودية التي تقود الحرب في اليمن ذهبت لإجلاء مواطنيها ومواطني ١١ دولة لم يكن من بينها اليمن ، كيف ستجلي اليمنيين وهي التي أغلقت حدودها أمام الفارين من جحيم حربها ، وتمن علينا أنها سمحت للشرعية التي صنعتها من حثالة اليمنيين تقيم في الرياض تسع سنوات .
ما نستطيع أن نقوله لإخواننا العالقين في حرب السودان عليكم البقاء ومواجهة الموت فذلك قدركم ، لأن اليمني ميت لا محالة ، إما بقصف سعودي إماراتي ، أو بقصف حوثي ، أو على يد ميلشاوي أجير نزع ظميره وتخلى عن وطنه ، أو قضى نحبه في تدافع بحثا عن لقمة عيش تبقيه ليوم آخر ، فأنتم مخيرين بين الموت أو الهجرة مجددا ، وبما أن اليمنيين غير مرحب بهم في أي بلد في العالم ، فليس أمامكم سوى الموت ، فلا تعولوا على حكومة رئيسها تورم جسده وتسرطن من الفساد ومجلس قيادة نزع من أعضائه الإحساس بالكرامة وقيادات الأحزاب مشغولة بتشتيت شملها وتدمير بلدها وتمزيق شعبها ، كم هو موجع أن يجد المرء الموت من أمامه ومن خلفه ، ذلك هو حال اليمني أينما وجد .