خسرت السعودية الحرب في اليمن لكن سفيرها كسب المليارات

كان الملف اليمني لفترة طويلة بيد الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي تولاه بكفاءة واقتدار ، لكن هذا الملف تبعثر بعد ذلك بين أكثر من جهة ، كان أكثر هذه الجهات استفادة هو السفير محمد آل جابر الذي وظفه لمصلحته الشخصية وجنى من خلاله المليارات من الدولارات ، ونتيجة لانشغال الجهات الأخرى أو لعدم معرفتها بالساحة اليمنية ، تمكن آل جابر بمشاركة بعض الضباط في قوات العمليات المشتركة وبعض الأعضاء في اللجنة الخاصة والشرعية اليمنية من ممارسة الفساد الذي أوصل السعودية والشرعية إلى هذا الانهيار الذي أصبح ماثلا للعيان .

لا أحد ينكر الدور السعودي الفعال في بداية عاصفة الحزم ، رغم ما تبع ذلك من تضحيات يمنية وأخطاء سعودية ، لكن ترك الملف بيد السفير وعدم مراجعة الأخطاء جعل السعودية تظهر بين الحين والآخر في حالة تذبذب وتناقض وضياع ، يعود السبب في ذلك إلى التنافس بين أطراف متعددة كما قلنا داخل القيادة السعودية ، مما عكس نفسه على الشرعية ، ساعد ذلك على خلق تيار كبير من الفاسدين .

بسبب هذا الفساد أصبح حلفاء السعودية أتباع لمحمد آل جابر شخصيا ينفذون ما يطلب منهم بدون القدرة على إبداء الرأي أو حتى تغيير مواقف غير صحيحة ، بطبيعة الحال وجود الحلفاء أمر طبيعي ، لكن الأساس أن تكون المواقف معبرة عن أصحابها وأن يكون هدفها بالمقام الأول في كل القضايا تحقيق المصالح المشتركة ، لكن محمد آل جابر أبعد هذه المصالح المشتركة بين السعودية واليمن ، وحولها إلى مصالح مشتركة بينه  وبين لوبي الفساد الذي صنعه داخل الشرعية .

ونتيجة للانتكاسات التي منيت بها السعودية بسبب عبث آل جابر بالملف اليمني اندفعت المملكة نحو الحوثيين كي تتخلص من هذا الملف الذي أوجد لها صداعا مزمنا ، والأصل أنها كانت تتخلص من آل جابر كي تصحح أخطاءها وكي تستعيد قدراتها في استعادة أهداف التحالف القائمة على إنهاء الانقلاب واستعادة شرعية اليمنيين ، بالتأكيد أن استعادة الشرعية لا يعني اجتثاث الحوثيين ، بل جعلهم يقبلون بالشراكة مع بقية القوى الأخرى ، ولا يعني أيضا اجتثاث الإصلاحيين ، مثلما تدعو إليه الإمارات ولا اجتثاث الانفصاليين ، بل جعل الجميع يحتكم للإرادة الشعبية وجعل الشعب هو من يقرر من يحكمه .

إصرار السعودية على تمسكها بآل جابر وعدم مراجعتها لأسباب الانتكاسات المتتالية في اليمن ، جعلها تدفع أثمانا مضاعفة ، وبما أن اليمن هو أحد أهم أوجه التعبيرات عن التوتر السعودي الإيراني ويبقى النقطة الأقوى بين نقاط التوتر الأخرى ، يحتم عليها نقل الملف إلى شخصية لديها القدرة على فهم الخارطة السياسية والاجتماعية اليمنية وتقديم آل جابر وبعض الضباط في القيادة المشتركة وبعض أعضاء اللجنة الخاصة وحكومة الشرعية إلى القضاء ، فقد فاحت ريحتهم  للقاصي والداني ، وأزكمت الأنوف ، عليكم أن تنظروا كم كانت أرصدة آل جابر قبل الحرب وكم صارت الآن ، وكم كانت أرصدة معين عبد الملك وكم أصبحت الآن ، والأهم من هذا كله ، أن السعودية التي قادت التحالف وأنفقت المليارات أصبحت فاقدة للقوة ، بينما أصبح حلفاء إيران وحلفاء الإمارات هم المهيمنون على القرار اليمني ، لذلك خسرت السعودية دورها في اليمن ، لكن سفيرها كسب المليارات .

مقالات الكاتب