صالح منصر السييلي: لفتة!
صالح منصر السييلي، عميد، تولى وزارة أمن الدولة، تولى محافظة عدن، بعد مقتل سعيد صالح، عارض إقامة وحدة...
اتخذ الاستاذ علي سالم البيض، معالي وزير الدفاع سنة1968م
قراراً بطرد الخبراء البريطانيين الذين بقيوا عندنا بموجب اتفاق مع البريطانيين في مفاوضات الاستقلال،، تعهد فيه الجانب البريطاني بدفع معونة قدرها66مليون جنيه استرليني علئ سبيل التعويض(وهو مبلغ ضخم حينها اذا حسبناه بقيمة اليوم)
وكذلك اتخذ وزير الدفاع قراراً بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية واغلاق سفارتها في بلادنا.
استدعاه الرئيس قحطان الشعبي وسأله: هل راجعت احد منا في قرارك هذا؟ هل راجعتني انا كرئيس لهذه البلاد؟ راجعت من؟ فاجابه الوزير:انا استطلعت رأي الرفاق اليساريين في السلطة فأبدوا موافقتهم !!
وكانت نتيجة ذلك سحب العرض البريطاني والامتناع عن دفع مبلغ ال66مليون استرليني مما شكل ثقلاً علئ الدولة الوليدة
في هذا الزمن واليوم اشفق علئ السيد علي البيض من كثرة ماواجه من انتقادات طوال مسيرته السياسية منذ اليوم الاول والئ اخر ايامه.. وايامنا المنكودة.. فياليته عاش بعيداً عنا.. وولد في غير زمننا هذا..
لكن هذا ليس هو موضوعي هنا.. فموضوعي هو انني وجدت نفسي نتيجة لهذا القرار.. ونتيجة لعملي كرئيس كتبة في مستودعات الجيش العاملة مكلفاً بزيارة ثلاثة من الخبراء مع فريق معي لاخلاء طرفهم وتسليم سكنهم ومافيه من ممتلكات للجيش.. قمت بالاتصال بكبيرهم، كولونيل جوردون لابلغه بمجيئنا، وطلب مني بتهذيب جم تأجيل المجيء الئ الغد لانهم اتفقوا علئ الخروج الئ التواهي، ثم الئ منطقة خورمكسر للتسوق وشراء بعض ما يحتاجونه وهم يغادرون.. راجعت قيادتي في المستودعات العامة.. واتفقنا علئ يوم غد التاسعة صباحا.. في لجنتي اخذت الزملاء مصطفئ فرج، رجل كبير السن وقور ويعرف ما بفعل، وناصر زيد شاب يتفجر نشاطاً وحيوية وماشاءالله عليه في عملنا ذاكرته فوتوغرافية.. ويذكر ارقام كل قطعة بالمستودع، ففي قطع الغيار تقول له : دينمة مثلاً ويقول رقمها كذا وكذا.. وليس رقمها البريطاني فقط وانما كذلك رقمها البديل.. رقم الناتو.. فلكل قطة رقمان واحد بريطاني وأخر موحد لحلف الناتو وبضائعه المتداولة في دول الحلف.. هكذا كان النظام.. اما الزميل الثالث فكان الاخ اسكندر شاه، زميلي الئ دورة بريطانيا السابقه والتي رجع منها في اليوم الثالث الئ عدن.. يعمل اسكندر في سرية النقليات تحت امر الرائد علوي عبدالقوي اليافعي اخ الماسترو الصديق حسين عبد القوي.. سياتي معنا اسكندر في اللجنة بسبب وجود سيارة لاندروفر بسائقها تحت امر الخبراء الثلاثة.. قلنا كولونيل جوردون، وميجر بارتليت، وليفتانانت ماكدويل الاسكوتلندي.
ذهبنا في الموعد المحدد بدفاترنا.. وتنقلنا بين غرف الفيللا في الطابقين وحصرنا كل شيء ودوناه في دفاترنا.. وكانت معي استمارة اخلاء طرف ليوقع عليها جوردون كبير الجماعة.. ماكان يشغلني هو مصير العمال الثلاثة في خدمة الخبراء وهم طباخ، ومساعد طباخ وبستاني مفخرة هؤلاء الانجليز تيسيرهم للرزق خلال وجودهم في اي مكان حتئ انه يقال: كلما ترقئ ضابط انجليزي كلما تيسر رزق ثلاثة يمنيين يخدمونه!!
ونحن نكمل عملنا ونستوفي البيانات، فأجأنا الضباط الثلاثة بحركة قبيلية حين كانوا قد اعدوا لنا مائدة طعام للغداء من افخر مايكون.. وبكرم زائد شكلوا المائدة باصناف من الطبخات المحلية كافضل ما يكون الاكل.. وتغدينا معاً..كان صاحبنا ناصر زيد عريس جديد انهئ للتو شهر العسل، اما اسكندر فقد باع سيارته التي اتعبته بأعطالها.. ومصطفئ فرج يكوس بسيارته الاوبل ابو كعوب.. وعند الوداع تصافحنا بحميمية صادقة.. وشعرت فعلاً بأسئ لفقد مثل هؤلاء الرجال.. قال ميجر بارتلت : هذا العريس الجديد من نصيبه ثلاجتنا هذه كهدية.. اما انت -واشار الئ مصطفئ فرج- مادمت صاحب الاوبل فعليك حمل كل المعلبات الغذائية والمشروبات في البيت وهي كثيرة.. والتفت جوردون الينا.. واستقام واشار الئ سيارة فولكس واجن قديمة بجانب البيت.. وقال :من يشتري مني سيارتي هذه؟؟ هي قديمة لكنها جيدة وفي احسن حال.. اسمعوا.. من يحمل منكم المبلغ الاكبر من المال في جيبه فسيارتي من نصيبه.. وذهلت.. وكأنني احلم ولا اصدق ماارئ.. اه ليتني حملت معي مايكفي من الفلوس.. هيا.. قال جوردون.. اخرجوا ماتحملون في جيوبكم.. انا لا امزح، صاحب اكثر النقود تكون سيارتي من نصيبة. !!
تحركشنا كلنا.. لكن العزيز اسكندر شاه كان صاحب الحظ الاوفر.. اخرج من جيبه ثلاثمائة شلن.. وكانت المبلغ الاكبر بيننا..
اخذها جوردون ونحن غير مصدقين وقال:
تكسب... دخل غرفة نومه واخرج اوراق ملكية السيارة.. وبيده ورقة وقلم كتب عليها المبايعة.. ووقعناها كشهود
اما انا فخرجت من المولد بلاحمص كما يقال.. بس احسن.. وبعدين عيب.. انا قايد القوم ولا يجوز اشاركهم غنايمهم
سعيد عولقي