في ذكرى رحيلك الثالثة.. إنا على فراقك يا أبو بكر لمحزونون
كنت مستلقية على سريري أتابع آخر مستجدات أخبار العالم كعادتي، وفي تلك الأثناء شد انتباهي سماع أصوات ت...
اقسى وأصعب ما يمكن أن يمر به الأنسان هو فقدان عزيز على قلبه كل مآسي وأوجاع الدنيا لا تعني شيء أمام وجع الفقد..
في الثامن من مارس عام 2018 فقدت اخي أبوبكر وكان خبر وفاته كصاعقة على قلبي اتذكر تلك اللحظات وكأنها اليوم ، من هول وشدة الخبر اختبئت في دولاب خزانتي لأول مرة اسمع مثل ذلك الصراخ في منزلنا اختبئت كطفل متوحد يهرب من العالم ولا يريد مجابهة أحد كنت أضن أنني بكابوس وصاصحو منه لكن عندما اقتربت منه لأودعه واقبله قبلة الوداع الأخيرة أيقنت حينها أن ما كنت أضن بأنه كابوس واقع متجسد أمامي تحسسته بأطراف أناملي بكل رجفه في قلبي وجسدي لم استوعب حينها أين رأسة من قدماه كان مغطى بالكامل فبشاعة قتلة واخفاء جثتة لمدة ثلاثة أيام حرمتنا من النظر إليه..سمعت صوت من خلفي ونبرة حزينة تقول لي: قبلية قبلة الوداع الأخيرة
حتى انهزمت عزومي
رفعت رأسي إلى الموجودين كلاهم في حالة حزن شديدة ،نظرت مرة أخرى إلى فقيدي واقتربت منه أريد تقبيل رأسة وناديته أبوبكر أبوبكر بصوت منخفض لكن لا حياة لمن تنادي هنا أدركت معنى جثة هامدة استودعته الله وكانت تلك اللحظة بالتحديد أشبه بماء نار انصبت على جسدي ، رأيت ابي حينها يتلمس جسده من رأسة إلى أسفله ويردد بالقول (سامحتك واستودعتك الله ي ولدي ) مرت الأيام والسنين ولم يفارقنا ذكره أبد ، حتى جاء اليوم الذي زلزل قلبي من جديد اااااااااااح وإن قلت آح إلى أخر العمر لن يطفي وجعي شيء فوجعي هذه المرة هو(شيخة) صغيرتي حبيبتي ملاكي الطاهر البريء ،كانت الأحب والأقرب إلى قلبي عندما علمت بمرضها كنت ادعي ربي أن يجعل يومي قبل يومها لكن يومها كان الأقرب ، من لم يعرف شيخة طفلة من متلازمة داون كل حب الدنيا ورحمتها كانت بقلبها ،محبة للأخرين ولا تؤذي أحد ، في فترة من الفترات أصيبت بانتفاخ شديد بجسدها وكان يزداد وزنها يوماً عن يوم بشكل كبير وملفت لم يكن أحد من الدكاترة قادر على تشخيص حالتها بشكل صحيح ، حتى تبين في أحد تحاليلها بأنها مصابة بتليف الكبد ، كانت صابرة ومتعايشة مع مرضها مرحة مرنة صبرت صبر لم يصبره إنسان بالغ راشد ،كان عندنا أمل أن تشفى من شدة عزمها ومعايشتها لمرضها وتقبل جميع ادويتها وإبرها حتى معظم المأكولات والمشروبات حرمت منها ،وفي 14 مايو 2024 اشتدت حالتها واستائت حتى دخلت بغيبوبة وترقدت بالعناية المركزة ،كان في قلوبنا بصيص من الأمل أن تفيق من غيبوبتها وتعود إلينا بمرحها وسعة قلبها التي تحتمل حب الجميع ، كل اتصال يأتي من المستشفى كان يزلزل قلوبنا وفي أحد الاتصالات طلب منا أن نأتي بدم لها عاد الأمل والفرح يسري بقلوبنا وتفائلنا بالخير واتي اتصال آخر باليوم التالي يطالبنا بإحضار دم لها هرعنا مسرعين نبحث عن متبرعين ، وفي اليوم التالي في تمام الساعة السادسة والنصف صباحاً تقريباً تاريخ 19 مايو 2024 أتى خبر وفاتها لم استوعب ما قيل حتى بات منزلنا يضج بالمعزيين ..عظم الله اجركم بشيخة
صوت بداخلي يصرخ (شيخة من ) تعظموا لي الأجر بمن وانهالت دموعي وانهارت عزومي وانحط جسدي ولم أعد اقوى على النهوض حتى وصلت حبيبتي ليقال اخلوا المكان سندخل شيخة هنا نهضت مسرعة من على السرير وطلبت ممن حولي بترتيبة ووضعت وسادة حتى نحطها اسفل رأسها ،إلا أنهم ادخلوها ليضعوها على أرض الغرفة ،جلست مسرعة بجوارها لم أرى منها شيء سوى جبينها واعينها كانت كلاها مغطاه حتى فمهما وانفها مغطى بشاش ابيض ، اااااااح ما ابشع الوداع في كل مرة التقيها فيها أول ما اسمعه منها ( مريم حبيبتي وحشتيني ) حين نزلت برأسي لاقبلها سقط مدمعي وفقدت توازني أردت فقط التشبث بها ،لم اتخيل يوماً أن يصبح جسدها الدافئ الحنون بذلك الصقيع ، الجميع ملتف حولها ذاك يبكي وذاك يصرخ وصوت آخر يقول وحدو الله (لا الله إلا الله) حان وقت الرحيل ودعتها بالكلمات التي كانت تدار بيننا في كل مرة (معسلامة ي حبيبتي باتوحشيني ) معسلامة ياحبيبتي ، رحلت شيوختي ورحلت روحي وقلبي معها فلا سعادة ولا شعور جميل بدونها ..هي أيامي الجميلة وشعوري الأجمل وعالمي الأكبر وفرحتي ومهجتي ..رحمك الله ي صغيرتي وجمعني بك في جنات الخلد بإذن الله حيث لا وداع ولا فراق
(معسلامة ياحبيبتي معسلامة)