بين وثيقة العهد و الاتفاق و حوار جده

كثر من 25 سنة مضت من عمر وثيقة العهد و الاتفاق التي وقعها البيض مع عفاش في الأردن وبرعاية من الملك حسين ، ورغم تلك السنين لكنها لازالت منحوته  في ذاكرتنا ،  نسينا اسمها و لكن مراسيم توقيعها لازالت في أذهاننا ، ويصعب علينا نسيانها  ،  فهي من طبعت في ذاكرتنا غدرهم و خيانتهم و ان لا عهد و لاذمة لهم و ينكثون عهودهم وفقا ومصالحهم و انما عهدهم ذاك كان تكتيكا سياسيا و وطنيا اقتضته الحاجة ليس الا وليس ملزما لهم  ،  وسيقف طابور طويل من الفقهاء ليفتون لهم بجواز ذلك ،  وسيجندون ألاف من الإعلاميين و المواقع الإخبار ليبررون لهم ذلك..

   حينما كان البيض يوقع على وثيقة العهد و الاتفاق كانت جيوشهم تعمر أسلحتها وتتأهب للقتال و كان فقائهم يجهزون فتاويهم و كان تجارهم يملؤون الخزائن بالمال تبرعا لنفقات الحرب وشراء الذمم ،  وكان شيوخ قبائلهم يحشدون أبنائهم للحرب  و كانت نسائهم  يجهزن كعكهن و يتبرعن بذهبهن و حليهن دعما للحرب ،  و انتهاء التوقيع على الوثيقة في الاردن و في الوقت ذاته اكتمل استعدادهم للحرب و قرعت طبولها وبها خضع الجنوب لهم بالقوة و طويت صفحات و وثيقة العهد و الاتفاق وكأنها لم تكن..

  اخفق البيض في العام 90م  حين وثق بهؤلاء و دمجنا بهم دون اشتراطا او ضمان... اخفق البيض حين ابعد بعض الجنوبيين و اقصاهم و طلب مغادرتهم للمشهد كعلي ناصر ورفاقه...  اخفق البيض مرة أخرى حين حاول تصحيح خطأه وحاول تصحيح المسار بوثيقة العهد والاتفاق... اخفق البيض حين حاول التصدي والمقاومة للحرب و لم يحاول ان يصحح العلاقة بمن أقصاهم وبهم خسر البيض الحرب وضاع ومعه ضاع الجنوب دولة وشعب..

  بعد حرب صيف 94م مرت على الجنوبيين سنوات طوال وعجاف ،  ظلم وضم والحاق ونهب لإرضه وخيراته و إقصاء وتهميش وسجون واعتقالات وحروب وشهداء... وهانحن اليوم في جده و بوضع يشبه الوضع حين تمت وثيقة العهد و الاتفاق ، فالسعودية بديلة للاردن والملك سلمان بديلا للملك حسين و الزبيدي عن البيض..  فهل سينجح الزبيدي فيما فشل فيه البيض؟  وهل حوار جده تصحيح لمسار الوحدة  ام ان فك الارتباط هدفها ؟! وهل من ضمانات لما سيتم الاتفاق عليه ؟!  و هل سيتم اشراك جميع القوى و المكونات الفاعلة في الجنوب فيما يتفق عليه ؟!

  نجح المجلس الانتقالي بامتياز و وضع نفسه بين كبار صناع القرار وخالف كل توقعات المراهنين على فشله ولكن يظل هذا النجاح في حدود أطر المجلس نفسه وبانتظار نجاحه وترجمتها  لتشمل الجنوب ككل ،  أهدافا و تطلعات..  فصبيانية ومراهقة البيض وتفرده بالقرار أوصلتنا إلى مانحن عليه ،  وفي جده اليوم نحن قاب قوسين او أدنى ،  جنوب مستغل او جنوبي وحدوي وإلى الابد، مالم تتوفر فرصة أخرى سانحة كما هي عليه اليوم..