عدن بحاجة لتفعيل مؤسسات الدولة يامحافظ؟!
كنت في مجلس محافظ عدن احمد لملس بجولدمور، العام الماضي تقريبا، ولأول مرة يومها برفقة صديق شبوا...
إعلان الإنتقالي عن "إدارة ذاتية" للجنوب، بدلا عن "الحكم الذاتي" أو "الاستقلال"، جاء بضوء أخضر "غير مباشر" من التحالف، وتنسيق مسبق مع الرئيس هادي، بعد وصول الجميع إلى قناعة تامة ، بفشل حكومة الشرعية في إدارة الدولة وتفعيل أي من مؤسساتها الحكومية أوتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين بمناطقها، خاصة بعد تعرية فشلها بشكل مفضوح، من خلال تهريبها من كافة مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية والإنسانية تجاه كارثة السيول المدمرة بعدن وكورونا وقبلهما تنفيذ إتفاق الرياض، وتواصل تحشيدها لمجاميعها المسلحة نحو شقرة وحدود عدن، بدلا من صنعاء، لافشال تنفيذ الإتفاق.
وتؤكد كل المؤشرات والمقاربات، أن التحالف ضرب عصفورين بحجر واحد، في تغاضيه عن اعلان الانتقالي لقراره بإدارة الجنوب ذاتيا، باعتبار ذلك أولا نوعا من الإنصاف المتأخر للشريك الجنوبي وحلا اضطراريا لتجريب قدراته في القيام بالدور الحكومي الغائب جنوبا وشغر الفراغ الوطني الناجم عن تراكمات سياسة فشل وعبث وفساد الشرعية بالمناطق المحررة.
وثانيا من أجل اشغال الإنتقالي واختباره حكوميا لمعرفة حجم الاختلاف الأدائي الوطني بينه والشرعية ومستوى التأييد الجنوبي له على مستوى عدن وبقية المحافظات الجنوبية.
ولذلك فقد كانت فترة الثلاثة الايام لصمت التحالف عن إبداء اي موقف تجاه إعلان الإنتقالي، في إطار المتفق عليه ضمنيا، لمنحه فرصة إظهار الحشد الشعبي وحجم التأييد الجنوبي له في خطوة تفضي فقط إلى فرض إدارة خدماتية وأمنية مفترضة بالجنوب، في إطار الدولة اليمنية المعترف بشرعيتها،وكخطوة اختبار تجريبي للانتقالي في أصعب مرحلة، لاحراقه شعبيا وكبح تطلعاته الوطنية باستعادة استقلال الدولة الجنوبية المنشودة جنوبا، أو تمكينه فعليا بوضع اللبنة الأولى على خطى فرض سياسة امر واقع لإعلانها في حال نجح فعليا بفرض إدارة ذاتية ناجحة للجنوب وخلق اصطفاف شعبي وجغرافي جنوبي مؤيد له.
والدليل، لجوئه لإخراج تظاهرات شعبية مؤيدة له في أكثر من محافظة جنوبية كان أبرزها حضرموت، بعد فشل مهمة وفده القيادي بحضرموت الساحل في إقناع محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن فرج سالمين البحسني بإعلان بيان تأييد لإعلان الإدارة الذاتية وفرض حالة الطوارئ بالجنوب او حتى لالتزام الحياد.
ويمكن ذكر العديد من المعطيات والاستدلالات المتعلقة بالتفاهم السري السعودي الإماراتي الرئاسي الإنتقالي المسبق على اعلان الإدارة الذاتية للجنوب وتعمد تأخير صدور بيان التحالف العقلاني حوله، أهمها مايلي:
١- تجاهل بيان التحالف لأي ذكر أو تعليق على اهم خطوة بإعلان الإنتقالي وهي "الإدارة الذاتية" للجنوب واقتصار موقفه على استغراب اعلان "حالة الطوارئ" ودعوته لاعادة الوضع بعدن إلى ماكان عليه قبل اعلان الإنتقالي، وهو سيطرته على الوضع بعدن.
٢- تجاهل بيان التحالف اي صيغة تهديدية للانتقالي اومطالبة مباشرة له بأي تحرك انفرادي ومساواته بالشرعية في الدعوة لتنفيذ إتفاق الرياض وتوحيد الجهود لمحاربة الحوثي ومواجهة كورونا.
٣- رفض الرئيس هادي اتخاذ اي موقف معاد للانتقالي إلى الآن او تبني اي تصريح مناهض لخطوة اعلانه إدارة ذاتية للجنوب، كون الأمر لا يخرج عن اطار شرعيته وفي خدمتها، اذا مانجح المجلس فعلا بفرضها جنوبا، باعتباره جزء من تحالف دعم شرعيته، بعد إتفاق الرياض، ولم يعد من المنصف وطنيا وأخلاقيا، ان يبقى الإنتقالي، مجرد عسكري يقاتل ويضحي بمئات الشهداء والاف الجرحى، على امتداد أكثر من جبهة، تحت لواء شرعيته وحماية لوطنه وكرامة شعبه الجنوبي الذي يعاني الأمرين نتيجة سياسة العقاب الجماعي لحكومته الكارثية.
٤- رفض مؤسسة الرئاسة إلى الساعة التجاوب مع كل دعوات الحكومة وهيئة رئاسة البرلمان باتخاذ موقف رافض لاعلان الإنتقالي ومطالبة التحالف او المجتمع الدولي بدعم حكومته والتدخل لاحباط تنفيذ الإنتقالي لقراره، رغم كل الضغوط الاخوانية التي يتعرض لها الرئيس والهيمنة الإصلاحية لنائبه، على مؤسسة الرئاسة، كون الأمر متعلق بتوافق مسبق مع التحالف.
٥- التزام وزراء وسفراء الامارت والسعودية وناشطي الدولتين بشبكات التواصل الاجتماعي بالحديث في حدود نقاط وسقف بيان التحالف الذي اغفل الوحدة وسلامة أراضي الجمهورية اليمنية لأول مرة وتسامح كثيرا مع الإنتقالي ولم يوجه له وبيانه اي انتقاد او حتى وصف له، بالتمرد اوالانقلاب، كحال الإسهال الهجومي الإعلامي الاخونجي لحكومة معين "فشفشي"، وشركائه.
٦- التزام كل بيانات وتصريحات الإنتقالي بمصطلح "الإدارة الذاتية للجنوب"، والتمسك به، وعدم التهور في التدخل بعمل اي مؤسسة حكومية او فرض اي قيود معينة على قيادتها أو تعطيل أي مهام لها، بعد شروع اللجنة الاقتصادية في مراجعة وتصحيح بعض خطواتها الاجرائية المؤقتة بخصوص شركات الصرافة والتحويلات المالية.
٧- اصرار الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي على المصادقة على بيان الإعلان الصادر عن الاجتماع الطارئ لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي برئاسة اللواء الركن أحمد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية القائم بأعمال رئيس المجلس، وحضور أبرز القيادات العسكرية والأمنية الجنوبية بقيادة اللواء الركن فضل حسن العمري قائد المنطقة العسكرية الرابعة.
٨- مسارعة حكومة الشرعية إلى إدانة اعلان الإنتقالي وممارسة مختلف أشكال الضغوط على المحافظين والسفراء والوزراء والمسؤولين لإعلان مواقف رافضة لموقف الإنتقالي، خلافا للرئيس هادي وقيادة دول التحالف وتجاهل وسائل اعلامها للأمر بشكل نهائي...وغير ذلك الكثير من المعطيات الأخرى.
ليبقى السؤال المصيري الأهم: هل حسبها الإنتقالي صح وعمل مسبقا ونسق وتشاور داخليا واقليميا وعالميا، وتوصل لرؤية وطنية جنوبية متكاملة - لو على مستوى القوى الجنوبية، على الاقل، حول كيفية فرض إدارة ذاتية جنوبية حقيقية على كامل التراب الوطني الجنوبي، نتمنى ونتوقع ذلك.