حسابات الاقليم بشان اليمن
حسابات الإقليم والعالم لا تقوم على أساس امنحوا صنعاء للحوثيين وامنحونا المُلك في عدن فهذه حسابات ضيق...
بمخرجات ما يسمى اتفاق الرياض حقق الانتقالي هدفه السياسي الخاص ، وبذات المخرجات حجز الانتقالي مقعده يمنيا كامتداد للحزب الاشتراكي اليمني (جناح البيض 13 يناير 86م) في إطار تقاسمات كعكة اليمن الاتحادي القادمة .
أصبح أمام أبناء الجنوب بعد طي ورقة الانتقالي (جنوبيا) مهام عاجلة تبدأ من التأسيس لعمل وطني جنوبي يعالج جسد وروح القضية الجنوبية مما لحق بها من بثور واضرار جراء توظيفها غير الوطني..
في اعتقادي أن الساحة الجنوبية باتت اليوم اكثر قابلية لتنفيذ ما كان يقف ضده الانتقالي وهو (التوافق الجنوبي) خصوصا أن القضية الجنوبية تعيش مرحلة شبه احتضار وتحتاج إلى إنعاش تتجاوز معه إفرازات معركة التسابق على التمثيل الجنوبي التي اساءت كثيرا لهذه القضية وعدالتها..
من يصرون على استحضار شماعة الشماليين منفردة في مسألة الاخفاقات التي تعصف بالقضية الجنوبية ينطلقون في الأساس من المهمة الموكلة إليهم بمواصلة ممارسة تجهيل أبناء الجنوب رغم إدراكهم أن الخطر الأكبر الذي تواجهه تلك القضية يأتي من خنادق تحشيد القوى الجنوبية ضد بعضها على الأساس المناطقي .
الجميع يعلم جيدا أن قوى الشمال تواجه معضلات كبيرة يفرضها واقع سيطرة الحوثي على أغلب تلك المناطق وهو الأمر الذي يشغلها بنفسها ويفند ادعاءات البعض الجنوبي الذي يُعلق كل ما يحدث للجنوب وقضيته اليوم على شماعة الشمال وذلك للتغطية على بشاعة التطلعات المناطقية للبعض في الجنوب .
ثقافة الضم والإلحاق يعاد تأسيس مداميكها بواسطة الصراع الجنوبي على التمثيل والاستفراد وليس بسبب خصومة القوى الشمالية للقضية ، نعم يمكننا الحديث عن فرضية استغلال تلك القوى لإفرازات الصراع الجنوبي السلبي ، ولكن الغير منطقي والتجهيلي هو إتهام تلك القوى بأنها السبب الرئيسي لما يحدث في الجنوب !!
ستشهد المرحلة القادمة حربا شعواء ضد المعارضين للانتقالي وما حوته مسودات ما يسمى باتفاق الرياض وسنشهد عمليات اغتيالات وحرب إعلامية وحصار إعلامي ضد الأقلام والقيادات التي تعارض مخرجات هذه المرحلة وأدواتها..
أن العقلية المتبنية لعقيدة (التوحد السياسي) هي ذاتها التي ألحقت بالجنوب أشد الأضرار على مدى تاريخه السياسي ، فهذه العقلية هي من تبنت شعار ( كل الشعب جبهة قومية) وهي من تبنت شعار (الحزب ضمير وشرف وعقل الشعب) وهي من تتبنى اليوم دعوات تجريم كل من يختلف مع الانتقالي وتتبنى نشر ثقافة الأمر الواقع من خلال إيهام بسطاء الجنوب بأن لا خيار أمامهم سوى تجميل قبح الانتقالي والقبول به ، وهي ذاتها الروح والرائحة لعادة السيطرة والتفرد القبيحة التي مورست ضد فصائل العمل الوطني أبان الثورة الأولى .
يدرك جيدا كل مبشري مكون الانتقالي والمنادين بواحديته بأنهم مجرد ادوات لطرف إقليمي لم يقتنع بعد بهدف الجنوب في استعادة دولته ، ولو أن هذا الطرف الإقليمي لديه ذرة قناعة بالحق الجنوبي لما وجد أي صعوبة في الاعتراف بالجنوب ولفتح سفارة له في عدن وخصوصا أنه يمثل عراب المشروع الصهيوني الطاغي صوته في هذه المرحلة العربية السوداء في المنطقة برمتها ..
يدرك مبشري الانتقالي ورافعي راية واحديته أن الانتقالي قد فشل فشلا ذريعا في أن يغادر مربع مناطقيته والدليل إسهال المواعظ لهؤلاء المبشرين التي يقابلها الانتقالي في الجانب الاخر بالغوص أكثر في تطرفه المناطقي والمُحرج لهؤلاء المبشرين .
استطاع الطرف الإقليمي الذي نسج خيوط مكون الانتقالي خدمة لاهدافه في المساس بالسيادة الوطنية وتمرير المشاريع التي تعهد بها لرعاته الدوليين ان ينكىء جرح الجنوب النازف فاختار (جماعة السيد البيض عرابي آخر مأساة شهدها الجنوب في يناير 86م واصحاب الطعنة التي اسقطت الجنوب في وحدة غير مدروسة وغير متكافئة) ليجعل منهم حمارا يحمل اسفاره وهو يدرك في قرارة نفسه أنه إنما يشعل نار الفتنة بين أبناء الجنوب وقد فلح..
استغل الطرف الاقليمي نزق السلطة الذي يحكم عقلية تيار (جماعة شرعية البيض) فجمعهم على أساس حلمهم الذي طالما راودهم وحين تحقق لهم لم يستطيعوا العبور به من نفق صراعاتهم وبالتالي قتلوه وعمره لم يتجاوز الاربعة اعوام وذهبوا بجثمانه ليواروه في مقبرة (خزيمة) في صنعاء..
الجنوبيون في الشرعية هم جزء أصيل من المجتمع الجنوبي وهم يمثلون غالبية المنفيين قسرا من الجنوب على مدى سنوات صراعه منذ الاستقلال 67م حتى يناير 86م وهم شركاء في الجنوب وملاك في هذا الجنوب ومن يريد الحديث عنهم عليه التقيد بهذه الحقائق حتى وأن تعارضت مع رغباته وتوجهاته ونواياه والمهام الموكلة إليه !!