أفتح يا سمسم أبوابك

أتذكر أنني حين كنت صغيرا كنت أتابع حلقات هذا البرنامج التعليمي بشغف كبير و مع كل مرحلة عمرية بالتأكيد يقل هذا الشغف شيئا فشيئ حتى ما إن وصلنا إلى سن معين قل كثيرا إهتمامنا بهذا البرنامج و شخصياته الممتعة كالعم نعمان و أنيس و بدر و السيد ضفدع و أكول و غيرهم ، الشاهد في الأمر أن مثل هذه البرامج التعليمية و التثقيفية للأطفال لم تعد متاحة كثيرا و لم يعد أطفالنا يشاهدون مثل هذه البرامج على شاشة التلفاز ، كان سمسم يفتح أبوابه أمام كل الطلاب و يستقبل جميع الأحباب تماما كتلك الكلمات في مطلع أغنيته الشهيرة التي مازالت محفورة في ذاكرتي و ذاكرة كل أبناء جيلي و التي كان يفتتح بها هذا البرنامج حلقاته تلك ، اليوم أصبحت أبواب عديدة موصدة و مغلقة في وجه كل الطلاب و الأحباب ليس باب سمسم فقط بل حتى أبواب مدارسهم ، اليوم في عدن ليس هناك من أبواب مفتوحة غير أبواب الجهل و الفساد و حين نتحدث عن الفساد فإننا نتحدث عن كل شيء يرتبط بهذا المفهوم الفساد المالي والإداري و الفساد الأخلاقي و الفساد الأمني و العسكري و الفساد القضائي و كل صور هذه الآفة التي نهشت مجتمعاتنا العربية فأتت عليها و ما الجهل السائد إلا محصلة لتفشي تلك الآفة و التي هي أيضا في المقابل تقوم بإفراز صور أخرى و مختلفة لتلك العادات و الظواهر السيئة التي قد تصل في كثير من الأحيان إلى مرتبة الجريمة و أصبحت شائعة و متسيدة ثقافة هذه المجتمعات في غياب دور التنمية البشرية و الأخلاقية لتلك المجتمعات ، فلا تزيدوا الطين بلة أيها المعلمون و المعلمات و تستمروا في هذا الإضراب الذي شل حركة التعليم شللا مباشرا فليس هناك اليوم من سمسم أمام أبنائنا يفتح أبوابه لنستعيض به مؤقتا عنكم غير ذلك الذي ذكرناه مسبقا .

فكروا في وسيلة أخرى لإنتزاع حقوقكم و مطالبكم غير تلك التي أجبرت الكثيرين ممن يملكون القدرة على الذهاب بأبنائهم نحو المدارس الخاصة و دفع تلك المبالغ المكلفة لها ، أنتم بهذا السلوك إنما تشجعون تلك التجارة أن تزدهر و لتلك المدارس أن تنتشر و تتمدد حتى تصبح المدارس الحكومية غير قادرة على مجاراتها تماما كما حدث في قطاع الصحة قبل عقدين من كتابة هذه السطور، و ما أراكم اليوم إلا أحد أمرين :

 1 -  أما أنكم أعوان و أدوات لذلك الفساد و  الجهل الذي تصرخون منه و تدعون محاربته بعلم من بعضكم أو بغير علم، فكيف لكم أن ترضوا بأن تنزلوا من مقام ورثة الأنبياء و العلماء لتمتطوا مقاما أدنى و تكونوا للجهل أبا و أما .

2 _ أو أنكم أيضا بعلم أو غير علم تصبحون أدوات لتلك المشاريع التي تريد لتعليم أن يتخصخص و يتاجر به حتى نراه مع مرور الوقت متاحا لشريحة و فئة قليلة من فئات هذا الوطن و لعل بعض أولادكم أيضا مع مرور الزمن لن يكون أمامه فرصة أن يحصل على ما كان متاحا أمامه فساهم والده في ضياعه .

في الأخير لسنا ضد مطالبكم و حقوقكم بل نحن معها و نحن أيضا جزء منكم و لنا مالكم و علينا ما عليكم لكننا فقط نخاطبكم بلغة العقل و المصلحة لنا جميعا ، قبل أعوام ربما كنا مثل الكثيرون منكم وقعنا في نفس تلك الأخطاء لم نجد حينها من يأخذ بيدنا و ينبهنا إلى مخاطر ما نقوم به و نفعل أدركنا تلك الحقائق بعد فترة من الزمن و عاهدنا الله و أنفسنا أن لا نقع فيها مرة أخرى لذلك رجائي منكم أن لا تخاطبوا مصالحكم فقط بل خاطبوا ضمائركم أولا قبل كل شيء، فإن رأيتموها آمنة و مطمئنة لما يحدث فلكم أن تفعلوا ما تفعلوه و إن رأيتم فيها ريبة أو شك فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم .

ذلك كان ندائي الأخير لكم أيها الأخوة، نداء المحب لمن يحب فإن رأينا أنكم لم تستجيبوا لنداء ضمائركم أو جبنتم أن تقولوا للعبث كفى فأعذروني أخوتي فأنني و معي ثلة لا بأس بها من أبناء هذا الحي حي شعب العيدروس في هذه المدينة سنضطر للوقوف أمام هذا العبث و نرسل أبنائنا إلى مدارسهم يوم الأحد القادم فإن لم نجدكم فيها سنضطر أيضا أن نقوم ببعض واجباتكم و نعلمهم بل و سنحميهم أيضا قدر المستطاع فلئن نموت لهذا الغرض هو أشرف لنا من السكوت على هذا الباطل .