حسابات الاقليم بشان اليمن
حسابات الإقليم والعالم لا تقوم على أساس امنحوا صنعاء للحوثيين وامنحونا المُلك في عدن فهذه حسابات ضيق...
سيبقى الجنوبيون أسرى لصراعاتهم طالما بقي مثففيهم ومفكريهم يعومون باطروحاتهم في مستنقع التأييد لطرف على حساب طرفا آخر في تلك الصراعات مهما كانت المبررات ، ولا طريق أمام الجنوبيون للخروج إلى النور إلا بخروج رعاة الفكر فيهم من ظلامهم!
أن أسوأ مايواجه المفكر ويهدد سلامة بصيرته هي آفة الانفصال عن الواقع فادعاء محدودية دعم الشرعية في الجنوب وحصرها لأسباب حزبية ومصالح ذاتية على محافظات ومناطق معينة كالمهرة وشبوة والمنطقة الوسطى في أبين هو ادعاء فاقد للبصيرة وللمصداقية معا وبعيدا عن الواقع.
كانت الشرعية اليمنية إلى ما قبل إعلان الحكومة اليمنية الأخيرة تحظى بدعم شعبي جنوبي ولديها مريديها وموظفوها ووزرائها وسفرائها وقادتها الامنيين والعسكريين من كافة محافظات ومديريات الجنوب من عدن إلى المهرة ، وبعد تشكيل الحكومة اليمنية اصبح للشرعية دعما سياسيا وحزبيا أيضا بالتحاق مكونات جديدة جنوبية وظيفيا بهذه الشرعية ، وهذا هو الواقع الواجب مواجهته لا الهروب منه بالاباطيل.
أن تكرار الحديث حول أن الشرعية غير مدعومة إلا من بعض المناطق في الجنوب هو حديث لا يرتقي إلى مستوى رسائل التوعية في الجنوب ولا يساعد على خلق التقارب وهو حديث يصب في سياق المناكفات السياسية ويخضع لتاثيرات رياح التمترس المناطقي والحزبي الموجهة إقليميا والتي تعصف بالجنوب حاليا.
ان الإمعان والاجتهاد في خلق المبررات لأخطاء بعض المكونات الجنوبية اليوم والدعوة لتجاوزها وتخوين مكونات أخرى وقعت ذات يوم في أقل من تلك الأخطاء هو تجسيدا مقززا لثقافة الكيل بمكيالين وهو دليلا يؤكد حالة فقدان الإتزان السياسي ويظهر حالة التمترس الصعبة التي وصل اليها البعض الجنوبي!
أن محاولة تجميل ما يسمى باتفاق الرياض وتسويقه جنوبيا هي محاولة جديدة للعبث بالعقل والوعي الجنوبي ،فاتفاق الرياض واضح البنود والافعال فهو لم يعترف بالجنوب ولا بقضيته ولا بقواته بل أعترف بمكون الانتقالي كمكون حجز مقعده في الخارطة السياسية اليمنية.
أن اعتراف الشرعية بمكون الإنتقالي لايعني بالضرورة اعترافا بقضية الجنوب فقد سبق واعترفت الشرعية بالحراك الجنوبي المشارك وتمثل معها في الوزارة وكان ضمن وفد جلسات المفاوضات النهائية ، واعترفت أيضا بالحراك الجنوبي السلمي وشاركها الوزارة والوفد المفاوض أيضا ، والانتقالي اليوم بالاعتراف الجديد (الباهض الثمن) التحق بالشرعية وسيكون ضمن وفد الشرعية المفاوض إلى جانب احزاب الإصلاح والمؤتمر والحراك الجنوبي والحراك المشارك وبقية القوى اليمنية!
أن الإعتراف بالمجلس الإنتقالي هو في الحقيقة يُعد إيذانا بميلاد ذراعا جديدا لطرفا إقليميا جديدا في اليمن وهو بذلك ينظم إلى إذرعة بقية الدول التي تعبث باليمن شمالا وجنوبا ،وهذا هو الإنجاز الحقيقي الذي يكره البعض الجنوبي إظهاره للعامة والذي امتدت المعركة في الرياض لأكثر من عام ونصف لمنحه الشرعية ، ولا علاقة للجنوب وقضيته بما حوته مهزلة الرياض لامن قريب ولا من بعيد.
الحقيقة أن ثورة الجنوب عادت باتفاق الرياض إلى ماقبل 7 يوليو 1994م ولهذا فإنه من الضروري والمُلح الإسراع في الدعوة لعقد مؤتمر وطني جنوبي يتلافى الانهيار السريع ويتفادى الضربات المتتالية التي مافتئت توجه للجنوب وقضيته ،ويفرز ممثلا جنوبيا وطنيا يحمل ملف القضية.
أن العمل الإرهابي المُدان الذي استهدف مطار عدن هو بمثابة خطوة إلهاء جديدة للجنوبيين تجنبهم صدمة حقيقة إستقبال الحكومة اليمنية التي قضوا مايقارب خمس سنوات وهم يسمعون خطاب (ارهابيتها وتطرفها واخونجيتها ) ودفعوا مئات الشهداء لطردها ومنعها من العودة وتحملوا مالم يتحمله بشر من طغيان المليشيات وانعدام الخدمات وانتهاك الحرمات لمحاربتها ، ويخرجهم من أهمية الإجابة على سؤال هام هو (ماذا تغير حتى تصبح هذه الحكومة وطنية في ليلة وضحاها؟) إلى هزلية جدل سؤال (من يقف خلف هذا العمل الارهابي؟)!!
(11)
لا أعتقد بأن البعض مصيبا في قراءته بأن دافع لقاء الرياض ونتائجه جاء ليقطع الطريق على مايراه هذا البعض مسلمة سقوط الشمال بيد الحوثي وسقوط الجنوب بيد الإنتقالي ، فلا الحوثي أسقط الشمال ولا الإنتقالي أسقط الجنوب فالمعارك في الشمال مازالت تدور في أكثر المناطق سكانا وثروة ، وفي الجنوب مازال أبناء الجنوب يؤمنون بأن محافظات حضرموت وأبين وشبوه ولحج (الحوطه والصبيحة وردفان) والمهرة وسقطرى المحتلة من الجنوب ويؤمنون أن عدن يجب أن تتعامل مع ثوار اليوم كما تعامل أهلها مع ثوار الأمس كي يقتنعوا أنها سقطت فعلا لصالح ثورة الجنوب !!
(الحيادية والموضوعية والوسطية تصنع وطنا ، والتمترس والذاتية وفقدان الحيادية قد يصنع حزبا )..