حسابات الاقليم بشان اليمن
حسابات الإقليم والعالم لا تقوم على أساس امنحوا صنعاء للحوثيين وامنحونا المُلك في عدن فهذه حسابات ضيق...
لا يغيب عن أي متابع يتوخى الموضوعية أن الجنوب اليوم يعيش حالة صراع واضحة وتزداد وتيرتها يوما عن يوم ، فالجنوب له جولات صراع شهدها تاريخه القريب وتابعتها دول المنطقة والعالم في حينها ، ومن مساوئ صراعات الجنوب أنها لا تتأخر كثيرا في غُرف الحوارات السياسية وتتسم بسرعة الظهور إلى ساحات المواجهة المسلحة!!
الجنوب ذاته اليوم يتهيأ لجولات جديدة من الصراعات ترعاها هذه المرة بعض دول الإقليم العربية وهو التحوّل الوحيد في المشهد حيث كانت الصراعات السابقة تُدار تحت دعم ورعاية دولية بواسطة أمم تصارعت على النفوذ في هذه البقعة الجغرافية التي كُتب عليها أنه بمجرد ما تٌرفع راية استقلالها ينقسم اهلها على بعضهم وتبدا بينهم معركة التباري بخطاب الرغبة في التبعية والارتهان للغير !!
تتشابه كثيرا أسباب الصراعات قديمها وحديثها فهي صراعات تتجه عادة للسيطرة على المواقع الهامة والثروات التي يتمتع بها هذا الجنوب ، وتتمحور الصراعات دائما حول اما قواعد عسكرية هنا أو هناك أو سيطرة على منفذ بحري ،أو على موقع إنتاج نفطي ، أو غيره في العند او سقطرى أو عدن او حضرموت أو باب المندب أو غيرها من المواقع والمناطق وغالبا ماكانت تتدثر تلك الاطماع برداء النظريات المتضادة وصراع المشاريع الثورية !!
اليوم ظهرت راية المطالبة بالاستقلال مرة أخرى في سلسلة ثورات الجنوب التي لا تنتهي والناتجة عن صراعاته ، ومعها ظهرت مفردات نفس خطاب الرغبة في الارتماء في حضن الغير والتبعية المُبهمة ، وبرزت ملامح مايُراد تحقيقه من حرف هذه الثورة عن مسارها وذلك من خلال تحييد التيار الوطني الجنوبي وابعاده عن صدارة المشهد السياسي وصناعة الوكلاء ، ومن خلال تقديم هدف استقلال كرسي الرئاسة على هدف استقلال الوطن وتسجيله حصريا في الشهر العقاري الدولي بأسم الطرف الذي لديه الاستعداد والقابلية لتقديم التنازلات الأكثر والأهم في مارثون إثبات الولاء والتابعية للاقليم وامتداداته !!
تبقى الصراعات التي يشهدها اليمن اليوم شمالا وجنوبا وشرقا وغربا مجرد نُزهة أمام شراسة ودموية الصراع الجنوبي البيني ، وبهذه الحقيقة المرة يستمر الجنوب يشكل القنبلة الموقوتة التي تهدد امن واستقرار المنطقة برمتها ، والحل في اعتقادي لإبطال مفعول هذه القنبلة ودرء هذا الخطر لن يكون في الانقسام الدولي والإقليمي حول تبنّي المليشيات المسلحة وغيرها من التشكيلات غير النظامية ولكنه سيأتي من خلال إيجاد حلولا جذرية لصراعات هذه البقعة الجغرافية التي فتكت بها ذات يوم صراعات قبائلها الماركسية ، وتكاد تنهي وجودها وتهدد جيرانها اليوم مناطقية قبائلها الثورية !!
يبقى الحل الأمثل لصراعات هذه البقعة الجغرافية الهامة (الجنوب) من وجهة نظرنا يتجسد في ضرورة جمع الأطراف الجنوبية التي مارست الأقصاء ضد بعضها خلال مسيرة صراعاتها منذ الثورة الجنوبية الأولى في أكتوبر 1963م وحتى اليوم ، وذلك على طاولة مستديرة وتحت إشراف إسلامي وعربي ودولي وتحت سقف الوطن للجميع ، وإحالة قضايا الاختلاف إلى شعب الجنوب ليقرر فيها مايراه أنسب له بعد تجربته المريرة مع الصراعات التي كان فيها يمثل الخاسر الوحيد والأكبر !!
عبدالكريم سالم السعدي
26 يوليو 2021م