مقال للرئيس علي ناصر محمد.. وداعاً أبا هيثم

تلقينا ببالغ الأسى والحزن نبأ وفاة المناضل الكبير الأستاذ محسن العيني الذي وافته المنية صباح هذا اليوم 25 أغسطس 2021م في مدينة القاهرة، وبوفاته خسر الوطن والشعب مناضلاً وطنياً وقومياً وهب حياته للثورة والدولة والوحدة اليمنية وقد عُرف عنه منذ شبابه وهو يناضل من أجل غد جديد ويمن جديد وسعيد في كافة المراحل منذ انتقاله للدراسة في لبنان وباريس وبغداد وعدن وغيرها من المدن.. وقد طُرد من عدن في فترة الاحتلال البريطاني الى مصر، بسبب نشاطه السياسي والنضالي ولكن ذلك لم يثنيه عن النضال حتى قيام الثورة في سبتمبر عام 1962م ليصبح أول وزير للخارجية في حكومة المشير عبد الله السلال قائد ثورة 26 سبتمبر. وقد تقلّد مناصب كثيرة فبعد كل أزمة تمر بها صنعاء كان الاستاذ محسن لديه حضوره في الحل كرئيس للوزراء أو وزير للخارجية لما عُرف عنه من ذكاء ودهاء ودبلوماسية يعترف بها الآخرون له، ولهذا كان مقبولاً من قبل كافة الأطراف لمواقفه المتوازنة من الصراع وهو منحاز للوطن وليس لطائفة أو قبيلة أو حزب.
وقد تعرفت إليه من مواقفه وتاريخ وكتبه وترجماته لبعض الكتب التي صدرت عن اليمن كتاب الفرنسية كلوديا فيان بعنوان كنتُ طبيبة في اليمن وغيرها... وشاءت الظروف والحرب عام 1972م لتجمعنا به عبر الاتصال الهاتفي عندما أوقفنا حرب 1972م بين عدن وصنعاء عبر الهاتف خلال 24 ساعة، واللقاء في القاهرة وتوقيع اتفاقية الوحدة في 28 أكتوبر 1972م في مقر الجامعة العربية، وهي أول اتفاقية للوحدة بين الشمال والجنوب وكانت بمثابة مرجعية للنشاط الوحدوي بعد ذلك حتى قيام الوحدة عام1990م. وبسبب توقيعه على اتفاقية الوحدة فقد تعرّض للانتقاد من قبل القوى المتطرفة آنذاك والتي كانت ترفض الوحدة السلمية لأن البعض كان يريد اسقاط النظام في عدن لتحقيق الوحدة اليمنية، وفي عدن كان البعض يطالب بإسقاط النظام في صنعاء بنفس الطريقة، وبسبب هذه الضغوط فقد قدم استقالته وغادر الى روما وحينها كنت في زيارة لموسكو وقمتُ بزيارته للاطمئنان على صحته وعلى وضعه السياسي والمادي وعرضت عليه العودة الى عدن لتحمل أي منصب أو العمل في السلك الدبلوماسي في الخارج. وقد شكرني على هذا العرض وقال: لا أريد أن أتسبب للنظام في عدن بالأذى من قبل العناصر المتطرفة في صنعاء وسنترك للزمن بأن يحل مشكلتنا التي نمر بها ويمر بها الوطن. وبعد ذلك عاد الى صنعاء بعد حركة 13 يونيو التي قادها المقدم ابراهيم الحمدي ليصبح رئيساً للوزراء.

ولم تنقطع اتصالاتي معه في كافة المراحل وكنا نلتقي في دمشق وبيروت والقاهرة في منزله العامر وكنا حريصين في كل زيارة لمصر أن نزوره ونتحدث ونتشاور معه ونستفيد من خبرته وحكمته لما عرف عنه من مواقف متوازنة من الصراعات التي مرّت بها اليمن والمنطقة، وكان آخر لقاء لنا معه في مارس من عام 2019م عندما قمنا بزيارة مشتركة الى منزل الأستاذ محمد عبد الله الفسيل في القاهرة وهو أحد ثوار 1948م،والذي رحب بنا شقته المتواضعة والمليئة بالحياة بهذا الرجل التسعيني الحيوي الساخر الذي لم تؤثر فيه السنون والأحداث والسجون والحروب والغربة والكربة، وقد أشاد الأستاذ محسن العيني بنضال الفسيل وبأنه يستحق مثل هذه الزيارة التي قمنا بها.. واستمر التواصل بيننا عبر الهاتف حتى وفاته رحمه الله.

لقد حزنت كثيراً برحيله صباح هذا اليوم ونتقدم بأحرّ التعازي لزوجته الفاضلة أم هيثم وابنه هيثم وجميع أفراد اسرته الكريمة وللشيخ محمد والشيخ سبأ أبو لحوم ولكافة أفراد أسرة أبو لحوم، ولجميع أصدقائه وذويه ومحبيه داخل الوطن وخارجه.
تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته
وإنا لله وإنا إليه راجعون

مقالات الكاتب

أوقفوا الحرب في جنين

نتابع بقلقٍ بالغ ما يحدث في مدينة جنين الفلسطينية منذ أيام بين قوات الأمن الفلسطيني وشباب المقاومة،...

الزلزال السوري

شهد التاريخ العربي صعود وزوال دول من أبرزها الدولة الأموية التي اتخذت من دمشق عاصمة لها وانطلقت منها...

لبنان تحت النيران

لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...