حسابات الاقليم بشان اليمن
حسابات الإقليم والعالم لا تقوم على أساس امنحوا صنعاء للحوثيين وامنحونا المُلك في عدن فهذه حسابات ضيق...
يصر البعض الجنوبي بسلوكه على أنه إنما يقتل عدن وأخواتها الجنوبيات، ليتسنى له تحريرها من الإحتلال كما يقول خطابه، ويابى الواقع أن يتماشى مع هكذا خطاب، ففي الأسابيع الماضية، شهدت عدن وبقية مناطق الجنوب توتراً مفتعلاً، على خلفية التراشق بالبيانات الجنوبية المعدّة إقليمياً، والتي أضافت إلى وضع أهلنا المأساوي القائم؛ وضعاً مأساوياً متوقعاً عاشت المحافظة تترقبه ومازالت تدفع ثمن تداعياته.
مرّت الأيام، وجاء خطاب الذكرى الخامسة والخمسون لثورة 14 أكتوبر، للرئيس هادي، الذي كشف أن الرجل يبذل جهداً جباراً في منع الإقتتال الجنوبي الجنوبي، الذي أضحت مؤشراته الأولى قائمة، وليؤكد أنه لن يسمح بالإقتتال بين أبناء الجنوب، في خطوة تؤكد أن الرجل يدرك حقيقة الصراع على الساحة الجنوبية، في وقت يتغافل عنها من تهدد حياتهم ومعيشتهم تحت تأثير خطاب الزيف التحرري.
مرّ خطاب الرئيس، وخرج البعض الجنوبي ما بين شاتم ومتهكم ومستخف دمه، ولم نقرأ بياناً واحداً رسمياً من أي مكون تحريري جنوبي، يعلن رفضه لما حمله خطاب الرئيس هادي، الذي كان عبارة عن رسائل تحذير من أي أفعال صبيانية تقدم عليها أي جهات في المناطق «المحررة»، وكان أيضاً خطاب تذكيري بأخطاء البعض الجنوبي، الذين اتخذوا من طهران وبعض أجزاء بيروت محطة لعلاقاتهم ذات عام.
لم نشاهد أو نقرأ خطاباً واحداً يرفض ماحمله خطاب الرئيس أو يفندّه أو حتى يؤيّده، واكتفت القوى الجنوبية بالصمت وإطلاق ذبابها الإلكتروني، للقيام بواجب السخرية من الخطاب ومن شخص الرئيس وغيرها من سفاسف الأمور.
مرّت ذكرى أكتوبر ومعها مرّ الوعد بالإستيلاء على المؤسسات، وانتهت التهديدات بإغلاق باب المندب وتحريم الملاحة الدولية في البحار والمحيطات التي أطلقها البعض وعلى شاشات إقليمية، وأصبحنا أمام خطاب آخر مستكين ووديع، يحمل مفردات لأكاذيب جديدة منسوبة إلى الحكمة، لأدوات تنفيذ البيانات المعلّبة، تلك الحكمة التي هبطت على تلك الأدوات بعد 36 ساعة من جنون وصبيانية بيان فك الارتباط بـ«الشرعية»، والاستيلاء على المؤسسات، وهو الأمر الذي قطع كل شك، بأن تلك الأدوات لاتقدم على أي خطوة إلا باذن الراعي المالي لها، ولا تستطيع الاستمرار في أي خطوات تعلن عنها إلا إذا اقتنع بذلك الكفيل والممول المالي.
اليوم عدن تعيش أسوأ حالاتها، فالقتل أصبح شبه يومي والفوضى تعم كل مناحي الحياة، ولانرى أي توسّع إلا للمليشيات التي تمارس كل صنوف التسلّط والإستبداد ضد أبناء الجنوب العزل، وباتت مؤسسات الدولة هدفاً لهذه المليشيات، وما فندق شيراتون في جولد مور التواهي، ومحاولة الإستيلاء عليه، إلا واحده من حالات البلطجة الميليشياوية التي تحاول إمتلاك كل شيء، لا لإقامة مؤسسات دولة ولا لخدمة مشوار تحرير، ولكن لتفتح أبواب سلب جديدة تساعدها على الاستمرارية كعصابات ومليشيات خارجة عن إطار الدولة و«الشرعية».
لقد حان الوقت لنا كثوار، أن نطالب أدعياء الثورة والتحرير والمتسببين الرئيسيين، في ما تعانيه عدن واخواتها، بكشف حساب يوضح انجازاتهم في خدمة قضيتنا، بعيداً عن المناكفات والمزايدات، ويجيب على تساؤل لماذا لم يستغلوا فرصة تواجدهم في قيادة محافظات الجنوب، ويعملو على خدمة هذه المحافظات وخدمة القضية الجنوبية التي يدّعون تمثيلها، ويقطعون الصحاري والغفار لينالوا اعترافاً يمنحهم حق هذا التمثيل.
ونذكرهم بأن «الحراك الجنوبي» السلمي، الذي يحاولون خدمة لرغبات إقليمية، أن يلتفو عليه ويشوهو مسيرته ويطمسون معالمه، بمسميات مستوردة لا يفقهون حتى مرادفات تركيبها؛ قد حقق إنجازات، أهمها إشعال جذوة الثورة في الجنوب والشمال، والتي أدت إلى سقوط امبراطورية قبائل صالح واتباعه، وانتزع على المستوى الدولي قرارات تعترف به، حاملاً للقضية الجنوبية، واضعاً لها على الطاولة الدولية، فماذا أنجزتم أنتم؟
عبدالكريم سالم السعدي
٢٠ أكتوبر ٢٠١٨م