حسابات الاقليم بشان اليمن
حسابات الإقليم والعالم لا تقوم على أساس امنحوا صنعاء للحوثيين وامنحونا المُلك في عدن فهذه حسابات ضيق...
(1)
الحلول المؤقتة والترحيلية للقضايا لن تضع حدا للمأساة اليمنية ولكنها قد تمهد الطريق أمام بعض الأطراف الإقليمية للخروج الآمن من مستنقع اليمن وستخلق أيضا واقعا جديدا يمنح الأدوات المحلية فرصة الهروب من المحاسبة عن الجرائم التي ارتكبتها تلك الأدوات ضد المواطنين العزل.
(2)
في خطوتنا السابقة أشرنا إلى أن بعض القوى قد تجرعت مرغمة مرارة مخرجات مشاورات الرياض الصورية ، وهنا نقول ايضا أن هناك من تلك القوى قد اتبعت (التقية) مع السعودية في قبولها ، وهناك من جاءته التوجيهات المحركة لنشاطه بالقبول مرحليا بتلك المخرجات ، وأمام هذا الواقع المتضارب يتأكد لنا أن الحلول المؤقتة باتت رهينة للمصالح وستبقى قنبلة موقوتة لا تهدد إلا اليمن واليمنيين.
(3)
في الشمال هناك مفاوضات كانت تُدار مع الحوثي في مسقط وحوارات أخرى تُدار في نفس الوقت في بغداد بين طهران والرياض هيأت للحوثي ليصبح شريكا في الدولة القادمة وتُرك أمر منح الشرعية لطارق صالح لمشاورات الرياض الصورية والتي فيها أيضا فرضت دولة قطر ممثلها حزب الإصلاح كأحد مكونات السلطة القادمة وسقطت اكذوبة خطر الإخوان وغيرهم أمام المصالح.
(4)
أصبح المشهد يظم حزب الإصلاح ومعه جماعة طارق (جناح صالح) ومعهم المؤتمر الشعبي العام باجنحته الشمالية المختلفة ، ومعهم مكون الانتقالي الذي فرضته الإمارات ك ذراع لضمان مصالحها في الجنوب واليمن والذي اختارت له أن يكون امتدادا للحزب الاشتراكي اليمني بنسخة (الطغمة) حتى تضمن عدم تمرده في المستقبل وابقت على (الزمرة) ك عصاء ممكن اظهارها وقت اللزوم لضمان استمرار الولاء والطاعة وهي الطرف التي يرى فيها تيار (الطغمة) العدو الأكبر المهدد لاحلامه في أي شكل من أشكال الحكم في اليمن القادم.
(5)
جاءت حضرموت في مخرجات مخاض المشاورات ك تبشير بشكل الدولة القادمة الدالة بوضوح على نمط الدولة الاتحادية وهو حضور أيضا يؤكد سقوط شعار (استعادة الدولة) إلا إذا أثبت المخالفون لهذا الطرح العكس وحينها سيكون عليهم إثبات ماذهبوا إليه باستحضار محافظات(عدن وابين والمهرة وسقطرى) في المشهد لنعلم أننا ماضون لتأسيس مدامك الدولة الجنوبية الاتحادية وليس الدولة اليمنية الاتحادية ،هذا إذا ما افترضنا جدلا بأن عبدالله العليمي يمثل شبوة وأبو زرعة يمثل لحج!
(6)
يبقى الطرف الحوثي الذي فرض كل هذه المشاهد والخطوات والمشاورات الصورية منها والفعلية وهو الطرف الذي أكدت كل الشواهد الناتجة عن محادثات بغداد ومسقط والصورية الرياض بأنه الطرف المنتصر في الحرب إلى الآن ، فهو لم يكتفي بتحقيق أهدافه التي رفعها منذ اليوم الأول وهي فتح المطارات والموانىء ودفع التعويضات والافراج عن الأسرى بل أنه زاد على ذلك ان أقلق منام دول الإقليم بصواريخه واجبرها على اقتلاع الشرعية واستبدالها بما هو ماثل اليوم أمام الجميع.
(7)
الملفت للنظر في كل ماحدث ويحدث في الأشهر الأخيرة هو أن كل النتائج والدلائل تؤكد وتظهر المكاسب التي حققها الحوثي في الحرب العسكرية والسياسية إلى الان ، ولكنها لاتظهر بالمقابل ما تنازل عنه الحوثي مقابل كل تلك المكاسب ،الأمر الذي يثير الكثير من الشك بأن الحوثي قد أخذ كل مايريد ولم يقدم شيء يُذكر ، فهل نحن اليوم نعيش حالة انتظار التحاق الحوثي بمجلس قيادة مابعد الشرعية ليؤكد حقيقة انتصاره سياسيا وعسكريا؟
(8)
نعود إلى الجنوب والحديث عن وحدة النسيج الجنوبي وعن شعار استعادة الدولة وهل مازال يمثل بضاعة رائجة ممكن تسويقها في ظل ظهور هذا الجنوب في المشهد ممزقا ثلاثا بين (حضرموت البحسني ، ويافع ابو زرعة، والضالع الزبيدي)!
في اعتقادي أن الجنوب بالاضافه لخسارته لوحدته الوطنية قد خسر ايضا ماحققه في مخرجات الحوار اليمني (المناصفة)فالجنوب وفقا للخطاب المُستهلك والشعارات المرفوعة يفترض ان يظهر بممثل واحد طالما والبعض مازال يلوك مصطلحات التفويض والتمثيل!
(9)
والحقيقة أنه مازال هناك قاسم مشترك في كل ذلك الخوض قد يخفف وقع مصاب الوطن ويشكل عزاء لنا جميعا ويداوي بعض بثور ثقافة استحضار الشخوص والمكونات المناطقية والعائلية والحزبية وترحيل القضايا وتحويلها إلى قنابل موقوته تهدد مستقبل أمن الوطن واستقراره ، هذا القاسم هو تنفيذ الجانب المضيء في اتفاق الرياض المتمثل بالشق الأمني والعسكري الذي أعتقد أن أي حديث عن استعادة الدولة ومؤسساتها أو حتى حديث الانتصار في المعركة دون تحقيقه هو حديث ترف لا معنى له.
(10)
نصل إلى عبارة بات يلوكها البعض الجنوبي المتمنطق في محاولة لتجديد خطاب الزيف والضحك على الدقون وتسويق الوهم هذه العبارة هي ( يختنقون شمالا ويتنفسون جنوبا )!
والحقيقة انه بعد اتفاق الرياض الذي تم فيه التوقيع على تسليم السلاح ودمج الاتباع والاحتفاظ فقط بالأموال والمكاسب العينية وماتبعه لم يعد هناك مختنقا أو مخنوقا غير أبناء الجنوب الذين تخنقهم المناطقية وصراعاتها جنوبا وتكتم انفاسهم شعارات الوحدة أو الموت شمالا!