حسابات الاقليم بشان اليمن
حسابات الإقليم والعالم لا تقوم على أساس امنحوا صنعاء للحوثيين وامنحونا المُلك في عدن فهذه حسابات ضيق...
يعتبر الرئيس اليمني علي ناصر محمد أحد أهم أبرز السياسيين اليمنيين الذي ممكن أن يُشار إليه أنه رجل دولة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، فالرجل الذي تدرج في مواقع الدولة من أدناها إلى أعلاها اكتسب خبرات وخاض تجارب أهلّته لنيل هذا الوصف وهذه المكانة بل والاستئثار بها دونا عن أقرأنه في الشمال والجنوب ، فقد استطاع الرجل أن يخوض تجربته في الحكم بناء على استشراف المستقبل وليس بناء على إنتظار نتائج صراعاته ومخاضاته ، مما جعل الرجل هدفا لسهام من يخشون اليمن ويخشون تواجدها على خارطة الإقليم قوية ومؤثرة .
بمجرد ما أعلنت قناة الجزيرة عن استضافة الرئيس علي ناصر محمد في برنامجها (المتحّري) انطلقت أصوات البعض من جديد لتحذر من خطورة ظهور الرجل ولم يختلف مبررهم هذه المرة كثيرا عن مبررات من ثاروا في وجه الرجل ذات يوم عندما حاول الانفتاح في سياساته على دول الجوار ، واعلنوا حينها أن بناء فندق عدن وانتشار الفسقيات (النوافير) في مساحات عدن عملا يهدد تجربتهم الوليدة ويقذف بها إلى حضن الإمبريالية !!
الغريب أن هذه الأصوات باتت حكرا على طرف بعينه عبث بماضي الجنوب ومازال يعبث بحاضره ويهدد مستقبله موظِفا شعارات وطنية ، تُبحر على متن قوارب مناطقية وقروية ، وترسو في مرافىء مشاريع إقليمية ، وهذا الطرف ذاته انتابته نفس حالة الرهاب حين ظهر الرئيس حيدر العطاس متحدثا عن التاريخ الجنوبي الغامض في أحداث صراعاته ومآلاتها ، وسيظهر هذا البعض كلما ظهر من يريد الحديث عن فصول هذا التاريخ الجنوبي المتصارع .
إن يظهر من يتحدث عن التاريخ الجنوبي ممن صنعوا هذا التاريخ ، فإن هذا الظهور يعد ظاهرة صحيّة يجب دعمها وتشجيعها والاستفادة منها خصوصا من الأجيال التي لم تعِش هذا التاريخ ، حتى تستطيع هذه الاجيال أن تتلمس مواقع خطواتها في صراعات الحاضر التي تتسرب منها روائح صراعات الماضي النتنة ، وتتسلل في صورها تصفية الحسابات القبيحة بين التيارات المتصارعة ويدفع ثمنها العوام والبسطاء من أبناء الجنوب .
عندما يكون المتحدث بحجم الرئيس علي ناصر محمد الذي مازال يشكل ثقلا سياسيا حاضرا في المشهد المحلي والاقليمي والدولي بمواقفه وقناعاته الثابتة التي لم تهزها الرياح (التجارية) التي عصفت ومازالت تعصف بالوطن ، فإنه من المنطق الإنصات للرجل والتعلم من سيرته ومحتواها لأن فيها الكثير من الردود على أسئلة مازالت دون إجابات حتى اليوم ، وفيها تصحيح للكثير من مفاهيم التاريخ الذي كتبه المنتصرين في مراحل الهزائم المتكررة في مسيرة الجنوب الجريح ، فالرجل يحمل مخزون هائل من الحقائق التي مازالت غائبة عن الكثير ممن عاصروا مرحلة وجوده في السلطة ومن جاء بعدهم .
رسالة إلى كل من تخيفه الحقيقة أن يثق أن تلك الحقيقة مهما كان مذاقها مُراُ إلا أنها ستكون بمثابة بداية العلاج لكل أسقام الجنوب التي يعانيها اليوم ، ولن تكون مرارتها أشد من مرارة قتال أبناء الجنوب اليوم فيما بينهم ، ومطاردتهم لبعضهم بعضا في صحاري شبوة وحضرموت وأبين وغيرها من محافظات الجنوب التي تحتضر تحت وطأة صراع الإخوة الخادم لمشاريع إقليمية طامعة لايهمها سوى مصالحها .
عبدالكريم سالم السعدي
16اغسطس 2022م