أحسنوا الظن بالآخرين
إذا أتصلت بشخصٍ ولم يرد عليك، وكررت الإتصال ولم يُجب، ثم قابلته في اليوم التالي أو بعده، من الأفضل أ...
▪️إن الظلم عاقبته سيئة، وظلم الناسِ للناسِ من موجبات غضب اللَّه تعالى وسخطه، فهو الذي حرم الظلم على نفسه وتوعد الظالمين شر وعيد !!
▪️إن الظلم من الصفات الدنيئة والأخلاق الرذيلة، وعاقبته وخيمة، فينبغي الحذر من الظلم، فدعوة المظلوم مستجابة، ولقد حرم اللَّه الظلم بين عباده، ليحفظوا بذلك دينهم وتستقيم دنياهم، وليصلحوا بترك الظلم آخرتهم وليتم بين العباد التعاون والتراحم بترك الظلم، وليؤدوا الحقوق لله وللخلق، وكم من دعوة مظلوم قصمت ظهر طاغية، ودعوة المظلوم تفعل ما تفعله الأسنة اللامعة، والسيوف القاطعة، والظالم مشؤوم، وصاحبه ملوم، فلا يغتر الظالم بعدم عجلة اللَّه بالعقوبة، ولهذا نزه اللَّه سبحانه وتعالى نفسه عنه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).[سورة يونس: 44]، بل وحرمه تعالى على نفسه، كما في الحديث القدسي الذي رواه مسلم: (يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا).
▪️إن الظلم خُلُق ذميم، يأكل الحسنات، ويمحق البركات، ويجلب الويلات، ويُورث العداوات، وقد قيل عن الظلم إنه مُهلك للمجتمعات، مُفسد للأوطان، فكم أفقرَ بعد غنًى وأذل بعد عزَّة، كم أضعف بعدَ قوة وأسقم بعد صحَّة، كم فرق بعد أجتماع وشتت بعدَ شمل، كم وكم من الويلات والمصائب حصلت بسبب ظلم الظالمين، لذلك يجب أن نعلم أن التسلط على الخلقِ وظلمَهم والتعدي عليهم وأخذَ حقوقهم، مسلك يُؤدي بصاحبه إلى أشنعِ حال وأسوأِ مآل، وكيف للظالم أن يهنأ بحياة حين يتَمادى في ظُلْم الآخرين في عملهم وحقوقهم، فربنا جل جلاله، لكمال عظمته وعدله كما حرم الظلم على نفسه، حرمه على عباده وجعله بينهم محرما ونهاهم أن يتظالموا فيما بينهم !!
▪️إن العدل أساس الحُكم وغايته، ومن أعظم مبادئ الشريعة الإسلامية، وظُلْمُ الْعِبَاد سَبَبُ خراب البلاد، ومنبع الرذائل ومصدر الشرور، ما فشَا في أمة وشاع فيها إلا أهلكها ومزق وحدتها، وفرق كلمتها، وشق صفها، ودمر مكتسباتِها، وخاصة قد تعدد صُوَر الظلم هذه الأيام بيننا فهي كثيرة نذكر، منها عمال وموظفين يبْخَسُون في حقوقهم، ومسئولون في دائرتهم وسلطانهم يحابون قرابتهم وأصدقائهم وهو يعلمون بوجود من هم أكفأ منهم، وهذا فيه ظلم لنفسهم ولمصالح الناس أمام اللَّه !!
▪️إن رب سبحان اللَّه قد حذرنا من الظلم، وحرم علينا أن يظلم بعضنا بعضا، وأخبرنا على لسان رسوله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن دعوة المظلوم مستجابةٌ حتى ولو كان المظلوم كافراً أو فاجراً، وقد جاءت أحاديث كثيرة ببيان الظلم، وقد روى مسلم عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (اتَّقوا الظلم، فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة)، وبسند حسن، عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه)، وفي صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة).
▪️نصيحة .. تأملوا القرآن الكريم تدبروا كلام اللَّه، أنظروا فيه وتمعنوا في سير الظالمين تجدوا في مصارعهم عبرةً وعظة، لا يبالي اللَّه في أي واد يهلكهم، قد يخزيهم في الحياة الدنيا قبل الآخرة، بل قد جعل اللَّه عقوبة الظلم مُعَجلةً في الدنيا قبل الآخرة لشناعة الظلم وكثرة أضراره على الآخرين، وقد قال الحافظ ابن رجب رحمه اللَّه: "الغالب أن الظالم تُعجل له العقوبةُ في الدنيا وإن أُمهل، فإن اللَّه يُملي له حتى إذا أخذه لم يفلته".
▪️ختاماً .. ليتذكر كل ظالم الموت َوسَكرَته، والقبر وظلمته، والميزان ودقَّتَه، والصراط وزلَّته، والحساب وسرعته، والحشر وأحواله، والنشور وأهواله، وليتذكر مصيره المحتوم، وأجله المختوم، يتذكر صرعةَ الموت بشدته وآلامه، يتذكر قول سبحانه: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِم أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ، الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ ).[سورة الأنعام: 93].
▪️أيها الظالم أسمع كلمات رابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين، وابن عم النَّبِيِّ وصهره، وأحد الشجعان الأبطال، ومن أكابر الخطباء والعلماء بالقضاء، الصحابي الجليل علي بن ابي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
لا تَظلِمَنَّ إِذا ما كُنتَ مُقتَدِراً
فَالظُلمُ مَرتَعُهُ يُفضي إِلى النَدَمِ
تَنامُ عَينُكَ وَالمَظلومُ مُنتَبِهٌ
يَدعو عَلَيكَ وَعَينُ اللَهِ لَم تَنَمِ
القاضي أنيس صالح جمعان