حسابات الاقليم بشان اليمن
حسابات الإقليم والعالم لا تقوم على أساس امنحوا صنعاء للحوثيين وامنحونا المُلك في عدن فهذه حسابات ضيق...
الحديث حول تشكيل فريق تفاوضي جنوبي قبل الولوج إلى مؤتمر توحيدي جنوبي يفضي إلى قيادة توافقية تمثل الجنوب، هو حديث يمهد لمرحلة جديدة من إضاعة الوقت، ولن يساهم في حل مشكلة الجنوب التي يواجهها اليوم، كما لن يزيد الأمور إلا تعقيداً، وأي خطوة تُبنى على مثل هذا الحديث ستكون بمثابة ترحيل للأزمات الجنوبية وهروب إلى الأمام، لن ينزع فتيل الانفجار بقدر ما سيزيد قوته التدميرية.
في هذا الصدد، تلاحقت التحولات الجنوبية مؤخراً لتشكل بارقة أمل وتعيد إلى السطح حقيقةً غيَّبَها الشطط في الفترات الماضية، تتمثل في سعي أبناء الجنوب خلف كل نقطة ضوء تعبر بهم وبقضيتهم من ظلام التخبط والعدوانية والصراع إلى ضياء التلاقي والتسامح والعمل السياسي الاحترافي .
ومن تلك التحولات المؤمّل عليها عودة انفتاح الشرعية ممثلة بالرئيس اليمني الجنوبي عبدربه منصور هادي على الحراك الجنوبي، من خلال إشراك الحراك الجنوبي في إطار مؤسسات الدولة، والتي جسدتها بعض القرارات الأخيرة للسيد الرئيس، التي كسرت حالة الصدود التي سادت العلاقة بين الشرعية والحراك الجنوبي في الفترة الماضية، على خلفية أخطاء ارتُكبت من بعض الأطراف والشخوص الجنوبية .
ومن تلك التحولات أيضاً خطوة بعض القوى السياسية التي ساهمت بشكل أو بآخر في إفساد علاقة الحراك الجنوبي مع الشرعية بعنصرها الجنوبي، نتيجة لبعض السياسات غير الناضجة وغير المدروسة، والتي أنتجت حالة عداء غير مبررة وصلت حد المواجهات الدموية في يناير 2018م، تلك الخطوة التي تجسدت بالالتزام بالدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية المشير هادي لحضور اجتماعات مجلس النواب اليمني، وهي خطوة تؤشر بعودة الوعي عند تلك القوى الجنوبية، وتمهد لمرحلة جديدة إيجابية ستصب في مصلحة القضية الجنوبية إذا أجدنا إدارة أنفسنا وإدارة فعلنا السياسي .
لقد كان لنا كتيار حراكي جنوبي شرف المبادرة للدعوة إلى الاتزان والاعتدال والبعد عن إثارة الخلافات مع الآخر، ورفع منسوب العداوات مع الآخر الجنوبي بالذات، وكُنا نكرر أن القاعدة الذهبية لخروج الجنوب من أزمته تتمثل في (الإيمان بأن الجنوب كوطن هو ملك لكل أبنائه، وأن الإختلاف السياسي هو حالة من الحالات التي يجب أن تعالج جنوبياً من خلال الطاولة المستديرة)، واليوم وبعد مضي سنوات تعرضنا فيها لكل صنوف وألوان وأشكال التخوين والقباحة السياسية من أخوة لنا ورفاق خندق، عاد إخوتنا إلى مدرج الواقع لتقلع رحلتهم هذه المرة في اتجاه صحيح إذا ما تمّسك طاقم الرحلة بخيارهم، فقوى الشمال اليوم تجد في تنظيم صفوفها، وأول محطة التقاء تجمعها هي محطة الاصطفاف خلف مرشحهم لرئاسة مجلس النواب البركاني، وبالتالي فإن قوى الجنوب يجب أن تبدأ بتنظيم صفوفها لمواجهة استحقاقات القادم السياسية والعسكرية.
وفي ذات سياق التحولات تلك، جاءت أطروحات دولة رئيس الوزراء الأسبق المهندس حيدر العطاس في مقابلته الأخيرة مع إحدى القنوات الفضائية المهتمة بالشأن الجنوبي، لتضع أسس عمل أرى أنه من الضروري التعاطي معها بإيجابية،
فالرجل أكد ما يطرحه عقلاء الجنوب وسياسيوه منذ الوهلة الأولى لوصول الرئيس هادي إلى عدن عقب الانقلاب الحوثي، ذلك الطرح الذي تجاوزه البعض الجنوبي تحت تأثير الشعارات التي لم تكن تستند إلى قوة حقيقية تخضع لهذا البعض، بل استندت إلى حالة من التملك انتابت هذا البعض وأوهمته بأن كل القوى التي تعانق السلاح في كل جبهات القتال ما هي إلا امتداداً لهذا البعض، وهو الحلم الذي تحول الى كابوس أضر أشد الضرر بالقضية الجنوبية، وفرض خيار إيقاف شطط الشعارات واعتماد سلاح العمل السياسي في هذه المرحلة .