يوماً بعد يوم يرحل الأحبة
يرحل الكبار فيترك رحيلهم فجوة كبيرة في سور الوطن المتداعي أصلا .توفي قبل قليل اليوم السبت الشخ...
عند الحديث عن سيارات الزمن الجميل أتذكر سيارة العم عوض حيدرة السعدي تلك السيارة الواسعة والجميلة والرزينة والتي كانت تغادر قرية حبيل امديمة كل صباح في رحلة اعتيادية يومية من شرق مدينة الوضيع محملة بالركاب والطلاب وكل راكب كان له مأرب من مآرب الدنيا على متن هذه السيارة .. عندي إحساس وشعور أن كل الركاب على هذه السيارة يشعر بالسعادة وهو يتخذ موقعه عليها وهي تتهادى بهم في وسط الطرق المتعرجة صعودا ونزولا بين الأودية تتجاذبهم غصون الأشجار وتشنف اسماعهم أصوات الطيور وهديل الحمام وتداعب اوجاههم نسمات الصباح يتسابقون مع ضوء الشمس المتخلل من بين الأشجار ومنحنيات الأودية.
كانت هذه السيارة ذات اللون الأبيض ينتظرها الركاب على قارعة الطريق ينتظرون سماع صوتها او بريق لونها تسمع أحيانا أصوات الركاب فيها وهم يتجاذبون القصص والنقاشات والاحداث الغريبة التي مضت في ليلتهم السابقة وكانهم في جروب واتس اب تعودوا على اهتزاز السيارة يمنة ويسرة من وعورة الطريق ويحافظ سائقها المحنك العم عوض حيدرة السعدي على ثباتها حفاظا عليها وعلى الركاب واستدامتها أعوام طويلة وقد كان الوالد عوض حيدرة السعدي ذو شخصية عجيبة إذ جمع بين الصرامة والطيبة وقوة الملامح والهيبة مع الابتسامة البريئة وكانت شخصيته أبوية مع الكل وكأنه مدير مدرسة أو إدارة وكانوا يحترمونه ويجلونه لصفاته الرائعة إذ كان ملاذهم الأمن فإذ أحتاج احدهم لعلاج ولده أو قصرت به النفقة يقوم باغراضه المال حتى يفتح الله عليه وكان صادق قوي الحجة .. اشترى العم عوض حيدرة السعدي سيارته في منتصف الثمانينات من القرن المنصرم واشترى مثلها عبدالله القرزية وعبدالله صالح سكين الجعدني في مدينة الوضيع وكانت هذه السيارات العمود الفقري في نقل الطلاب للمدارس المختلفة فيما يسمى بخطوط الترحيل للطلاب وكانت هذه السيارات امتداد لسيارات الزمن الجميل أمثال سيارة صالح حسن الرزاقي وناصر عبدالله الذلقي وسيارات أخرى حكومية امثال سيارة محمد الحاوي وسيارة فرثم ...ولا زلت وغيري يتذكر سيارة عوض حيدرة السعدي وهي تأتي كل صباح عيد فطر أو اضحى الى عاصمة المديرية الوضيع لاداء الصلاة والمعايدة ويأتي عليها من مختلف الاعمار وكانهم وفد دبلوماسي يضفي على المصلى والمصلين لمسه جميلة سيارة العم عوض حيدرة لازال أولاده محتفظين بها لانها تمثل مرحلة جميلة من تاريخ والدهم والمنطقة وقد أصبحت هذه السيارة روح الوالد عوض حيدرة فالناس تمضي وتبقى مقتنياتها وسيرها فمن خلد سيرته وعطرها كل ما مررنا على شي من املاكه ذكرتنا به رحة الله على الوالد السعدي ورحم الله الطيبين من ذاك الجيل الفريد