المسؤول الوطني الشجاع لايهرب من هذا الامر

المسؤول الحكومي الوطني الواثق من نفسه وكفاءته وقدراته ومعلوماته، لايمكنه التهرب اطلاقا من الصحفيين أوالضيق ذرعا ورعبا من أي سؤال حتى لو خرج فجأة عن إطار موضوع نقاش محدد، طالما كان مرتبطا بالأول والأخير بعمل مؤسسته. 
ولا يمكن لأي مسؤول يعرف حجم نفسه ومستوى قدراته، أن يحاول الهرب والبحث عن أي ذريعة لتعطيل موعد قطعه بنفسه أو التحول إلى مجرد موظف يحاول الدفاع العدمي عن جهة يدرك جيدا استحالة مهمته وصعوبة تستره على موضوع مخالفاتها التي سبق وأن تعهد بكشف ولو بعض تفاصيلها، إلا إذا كان مسؤولا صنعته سقطات القدر
ولا يملك حتى قرار نفسه ، اوشعر متأخرا أن الأمر يمسه كونه قد يظهر ضمن المتورطين فيه.

وعليه.. فقد حرصت طوال حياتي  الصحفية المستقلة المتواضعة الممتدة إلى أكثر من ١٥ عاما منذ تخرجي الجامعي من الصحافة والإعلام، على عدم التقرب الشخصي من أي مسؤول حكومي كان، مهما كانت طهارته، ولا حتى تلبية دعوات زيارات للكثير منهم والله شاهد على ما أقول، إلا متى ماكان الأمر مرتبطا بمهمة عمل ما، أو مناسبة اجتماعية أو لأمر إنساني أو في إطار عمل صحفي يحتاج معلومات أو وجهة نظر لذلك المسؤول أو تلك الجهة في مايعنيهم بقضية ما لتحقيق استقصائي أعمل عليه و احرص على تطعيمه بالرأي الآخر، لتكتمل زوايا الموضوع بكل مهنية وحيادية ، وإن كان هذا الأمر قد أصبح اليوم أمرا نادرا.

ولذلك تتوجع كثيرا، حينما يوافق مسؤول على التعاون معك، ويعدك بتوضيح رأيه، ويحدد لك موعدا للقاء به، وتصبح متحمسا حريصا على الالتزام بالتوقيت والاستغلال الامثل للقاء، من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات عن تلك المؤسسة التي طالما دافعت عنها وخضت وماتزال معارك إعلامية مشرفة، من أجل الارتقاء بها أحيانا، وتطهيرها من الفساد وهوامير التكسب على حساب قوت شعبهم المنكوب بالمجاعة وكل الويلات والازمات،تارات أخرى، وتصطدم عند لقائه، بدفعك للشعور بأنك تقف أمام شخص آخر يحدثك بعقلية موظف مسلوب الشخصية والقرار، وهو يحاول الدفاع العبثي المستميت بكل قواه، عن فساد جهة يفترض أنه المسؤول عنها
وكنت تعتقد واهما أنه يمتلك من الشجاعة ماجعلك تتحمس للقائه، على أمل كشفه ولو لبعض من فضائح لصوصها ومن استغلوها وشوهوا سمعتها محليا ودوليا، وأهانوا ثقة الجميع بها داخليا وخارجيا،تماما كما فعلوا بمؤسسته..
ولعل مايحيز بالنفس،أن تكتشف - من أول لقاء مع مسوؤل ما، كنت تعلق عليه آمال إنقاذ بلد، ولكنه يفاجأك بضيق أفقه وتذمره وتخوفه منك وقلقه من وجودك ومحاولته الاستغراق في الرسميات والتوجع من أسئلتك وسعيه للتهرب عن الرد ومعاملتك وكأنك ضيف شرف حللت عليه فجأة، على غير موعد، لتتبادل معه تهاني قدوم رمضان أوتنبش معه حديث بعض ذكريات أيامه السوداء الخوالي، ومعاملتك بتنكر وكأنه لا يعرف انك صحفيا ومتفق معه مسبقا، على لقاء صحفي هو من طلبه وحدد موعده ومكانه ليجمعك به كصحفي يلتقي بمسؤول حكومي لاستيضاح رأيه في موضوع تحقيق صحفي مقبل يعمل عليه ومتفق عليه مسبقا أيضا معه، وليس هناك شروط مسبقة أيضا، تمنع الاستفادة من أي فرصة لإضافة سؤال أو سؤالين عليه حول مؤسسته، ولو بحكم الثقة والصداقة والاحترام الذي كنت تظنها متبادلة بينكما، لاعتقادك الحسن تجاهه بأن يمتلك من الشجاعة والثقة ماتجعله يرد على أي سؤال يعرف إجابته، دون تردد أو تخوف وتبرم،كما كان موقفه الضعيف معك، خاصة وأنه ممن يتابعك من سنوات ويعرف جيدا حجم الجهود الإعلامية وعدد التقارير الصحفية الدقيقة التي نشرتها عن فساد مؤسسته وغيرها، معززة بكل الوثائق والأدلة الصادمة للرأي العام، في سبيل تصحيح وضعها وانتشالها من قبضة اللصوص المتعاقبين عليها دفعة بعد أخرى، حتى وصول سعادته إلى كرسيه المحروس اليوم، بثكنة عسكرية صادمة لكل زائر يقابلهم بالخارج والبوابات والممرات وصولا لابواب وداخل مكتبه، وبإعداد تكاد تنافس الموظفين
بينما هو يقابلك من صبح الله بوجه متأفف عابس قمطريرا، ويتحدث بلغة متثاقلة معك وملامح مرتعبة تارة تشعرك وكأنه يراك متطفلا اقتحم مكتبه بغتة ودون اذن أو سابق موعد، أو كأنك قادم لتسوله، لا لمنحه حق الرد وتوضيح رأيه وموقفه في تحقيق صحفي - تتحمل أنت وحدك وعائلتك كصحفي، كل تبعاته ومخاطر التهديدات والضغوط والوعيد التي تدوس عليها يوميا بكل شجاعة الصحفي المتوكل على الله ودعوات الوالدين والمحبين، ومتسلحا بشرف مهنته وطهارة نواياه التي تجعله يتغلب على كل قلق يحاول أن ينتابه بين الفينة والأخرى، تجاه حياته واسرته، بفعل نصائح الاهل والاصدقاء والزملاء وقلقهم الأخوي عليه، ونصحهم الصادق له بالتوقف تارة عن مواضيع فتحها إعلامياً، أو أخذ الحيطة والحذر من قتلة الدفع المسبق وزوار الليل تارات أخرى

فمتى يدرك هذا وأمثاله الكثير ممن يحسبون علينا رجال الدولة، أن من واجبهم الوطني والمهني أن يتعاملوا معنا كصحفيين بكل ثقة واحترام وأن يقدروا جهودنا التطوعية في محاربة الفساد واستشعار ما نواجهها يوميا في سبيل ذلك من مخاطر تخيط بحياتنا وأسرنا، بينما هم ينعمون بحماية ثكنات عسكرية تحميهم وتتحرك خلفهم وأمامهم، على حساب مقدرات الشعب المنكوب جوعا وحربا وفسادا، ولا عزاء لكل المرجفين والمرتجفين والمرتعبين من سؤال شرد فجأة من تلابيب صحفي ضاق بحدود موضوع، قتل قبل أن يفتح، وكان عليه بالمقابل، أن يحرص على إخراج قاتله عن كل حدود النص ببراعه، لايقاعه في شر مخاوفه وعمق حفرة هروبه، قبل أن يعود ادراجه منتصرا وضامنا كسبه جولة المعركة بكل حنكة واقتدار وبتوفيق رباني منحه كهبة صحفية لكي يثبت لذلك المسؤول كم هو غبيا حتى في ظل كل مخاوفه وتخفظه وتردده وتنكره ولعثمته التي طالما وقد أوصلته، مع الأسف، إلى عدم القدرة حتى على ضمان الهدوء بمكتبه وضبط سوق الداخلين اليه فجأة هكذا دون اذن ولا سابق اشعار، ناهيك عن وجود من يحاول طرد ضيوفه أمامه وعلى مسمعه وبكل وقاحة مخجلة والتعامل معه وكأنه جرس التوقيت الإجباري عليه لتحديد مواعيد اللقاءات المقبلة ورسم خطط أجندة الزيارات وترتيب برامج الزوار، وليس مجرد سكرتير لنقل وإحضار الأوراق.
ولله في خلقه شؤون!
#السؤال_الصحفي_الهارب_من_نص_الموضوع
#ماجد_الداعري

مقالات الكاتب

دبي على إنقاض عدن!

بعد أن اقنعته بصعوبة أنني من عدن جنوب اليمن وليس هوثي من صنعاء التي ينظر لها أنها منطقة قبائل متخلفة...