حسابات الاقليم بشان اليمن
حسابات الإقليم والعالم لا تقوم على أساس امنحوا صنعاء للحوثيين وامنحونا المُلك في عدن فهذه حسابات ضيق...
لايستطيع أحد الوقوف في وجه دعوات السلام لما يمثله السلام من أهمية في صنع الاستقرار والتنمية ولما يمثله من ضرورة لاستمرارية الحياة عامة ، والسلام ليس دعوات مجردة تأتي بها نوبات ضعف وانكسار واهواء تقاسمات مصالح بل هو فعل يجب أن يقوم على تسيّد العقل وانحسار الطيش السياسي وانكار الذات واستحضار أدوات الديمومة لهذا السلام .
والسلام في اليمن وفقا لما يتسرب من دهاليز غرف إدارته إلى الآن يمثل سلاما (لسلامة بعض الأطراف) ولايمثل سلاما حقيقيا يمتلك مقومات الديمومة وهذا يتجلى من خلال عدة ظواهر اهمها ترحيل الحوار اليمني إلى مابعد انسحاب أطراف التدخل في اليمن ، والخضوع المطلق لشروط طرف على حساب الأطراف الأخرى التي اكتفت بمنحها حق الحضور وضمان نصيبها الذي يجود به هذا الطرف عليها ، وعلى حساب تسع سنوات من التدمير والقتل والتخريب الذي طال كل مظاهر الحياة في اليمن !!
لاضير أن تبدأ خطوات السلام بالملف الإنساني والاقتصادي خصوصا أن أطراف الصراع في اليمن شمالا وجنوبا قد وظفت هذه الملفات كسلاح في معاركها البينية أكثر من أي وسائل حرب أخرى وتاجرت وساومت للوصول إلى اهدافها بكل متطلبات الحياة للناس في الشمال والجنوب ، ولكن بالمقابل هناك ملفات أخرى هامة تمثل ضمانات أكيدة لديمومة هذا السلام وأهم هذه الملفات ملف القوى التي اختلفت مع دول التدخل في اليمن ومع ادواتها المحلية وتم نفيها خارج العملية السياسية وخارج الوطن !!
إذا كانت عظائم نار حرب السنوات التسع التي مزقّت اليمن وحولته إلى مليشيات متناثرة على طول وعرض خارطته السياسية والجغرافية قد جاءت من مستصغر شرر نفي بعض القوى السياسية خارج الخارطة السياسية وخارج الوطن ، فإن استمرار صغائر شرر استبعاد القوى التي رفضت هيمنة بعض أطراف التحالف ورفضت المساس بالسيادة الوطنية ستُبقي النار مشتعلة وستحرق أي سلام وتصنع نهايته عاجلا أو آجلا.
على راعية السلام (السعودية) أن تدرك أن أمنها بعد كل مالحق باليمن من ويلات بات مرهونا بسلام دائم لن يأتي من خلال الترقيع وجبر الخواطر ، ولن يأتي على أيدي جماعات تدرك السعودية قبل سواها أنها قد تم صناعتها وتصديرها من خارج حدود اليمن وأن ولاءها الأول للاطراف التي صنعتها ، وعلى ذلك فإن ضرورات الديمومة لأي سلام تتطلب أولا إشراك القوى الوطنية التي طالتها حروب النفي على خلفية رفضها التبعية والتفريط في سيادة الوطن وسلامة أراضيه ، وثانيا إشراك الشعب في اليمن شمالا وجنوبا في الاستفتاء على مسائل الخلاف الجوهرية التي صنعت الأزمة من أساسها .